الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

زمن الغضب والحساب

المصدر: "النهار"
داود الصايغ
داود الصايغ
Bookmark
أرشيفية (نبيل إسماعيل).
أرشيفية (نبيل إسماعيل).
A+ A-
بعض الأقلام تعبت. أصحابها استعملوا كلّ ذخيرتهم في وجه المسؤولين. فلم يعد في جعبتهم أيّ نعت جديد ينعتون به أولئك الذين أوصلوا لبنان واللبنانيين إلى ما وصلوا إليه. فباتوا اليوم يوجّهون سهامهم إلى اللبنانيين أنفسهم ويحمّلونهم مسؤولية كل ما جرى ويجري مستشهدين بمحللين ومفكرين أجانب.ولكن حين تكون الكتابة صوتاً صارخاً، وحين تكون الكلمة لصيقة بالإنسان منذ البدء، فلا يمكنها أن تخبو. فكلمة البدء الواردة في النص المقدس وهي "Logos" باليونانية وتعني العقل الإلهي، تصحّ أيضاً على كل مَن يتعامل مع الكلمة كأنها خارجة من ذاته. ولذلك ارتقى الكثيرون بالكلام. وبعضهم صنع التاريخ به.وماذا بعد... ماذا بعد تحميل المسؤولية إلى اللبنانيين أنفسهم. أنتم سبب الخراب. أنتم منقسمون مشتّتو الولاءات. أنتم تجرون وراء زعمائكم وتدّعون الارتباط بالحضارة الغربية. فماذا بعد؟ قولوا لنا كيف نُصلح اللبنانيين أو نعيد تربيتهم من جديد. كيف نُنشئهم على كتاب تاريخ واحد وكتاب تربية واحدة. أو كيف نغيرهم ونحوّلهم إلى شعب متماسك متضامن يحاسب من ينتخبهم على الأقل. ماذا بعد، حين تفرغ الجعبة من شتم اللبنانيين بعد المسؤولين عنهم.الأقلام المحترمة تُعتبر مسؤولة. ليس فقط في التوصيف. فهذا أسهل الأمور، لأن الجالسين في المقاهي والمطاعم والبيوت والسهرات لا يفعلون سوى ذلك. ومن فرط الهمّ بات الناس أحياناً يوقفون شخصاً في الشارع يعتبرون أنه يعرف ويسألونه: ماذا سيحدث؟ وبعد الاتفاق السعودي - الإيراني قفز البعض إلى موضوع الرئاسة. لعلها فُتحت أمام فلان وأُقفِلت أمام غيره، وذلك من كثرة المراهنة على تلك الوصفة السحرية الملاصقة للتاريخ اللبناني، بحقٍ أو بغير حق، وهي "كلمة السر" التي تأتي من الخارج. هكذا هم اللبنانيون، منذ سنواتٍ وعقود وربما أجيال.كان الجنرال شارل ديغول يمجّد فرنسا ويزدري الفرنسيين. وصفهم بالعجول (Des veaux). وهذا صحّ على بعضهم في سنوات الحرب العالمية الثانية، إذ لم يكن قليلاً عدد الذين انصاعوا إلى المارشال فيليب بيتان وتعاملوا مع الألمان. وهي فرنسا الأمة التي علمت الشعوب الثورات ورفدت الحضارة الإنسانية بأفضل ما فيها من فكرٍ وعلمٍ وفلسفةٍ وإبداعٍ وفنون. ولكن الفرنسيين منذ مدة غير قصيرة هم دائمو التذمّر ولا شيء يرضيهم أو يعجبهم ويملأون الشوارع يومياً بالإضرابات.الألمان أنفسهم شعب "موزار" و"بيتهوفن" و"كانت" مشوا وراء أدولف هتلر الذي لا...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم