الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

ملتقى التأثير المدني يُطلق مسار "الحوارات الصباحية" الشهريّة: تحالف المافيا والميليشيا حوّل لبنان إلى دولة فاشِلة

المصدر: "النهار"
جانب من اللقاء.
جانب من اللقاء.
A+ A-
أطلق ملتقى التأثير المدني اللقاء الأول من مسار "الحوارات الصباحية" الشهرية قبل ظهر اليوم في فندق الجفينور – روتانا الحمرا في حضور نخبة من أركان القانون والدستور والثقافة والفكر والإعلام، وفاعليّاتٍ أكاديميّة، وناشطاتٍ وناشطين في المجتمع المدني.
 
اللّقاء الاول أتى تحت عنوان "جوهر وثيقة الوفاق الوطني المادّة 95 من الدّستور" بهدف الإضاءة على التطورات المستجدة على الساحة اللبنانية في هذه المرحلة بالذات، ولا سيما تلك المتصلة بالاستحقاقات الدستورية والسياسية التي تفرض إعادة الاعتبار للدستور نصًّا وروحا من أجل بناء دولة المواطنة الحرة والسيدة والعادلة والمستقلّة.
 
بعدها ألقى رئيس "ملتقى التأثير المدني" فيصل الخليل كلمة ترحيبيّة أشار فيها إلى أن "الأوجاع التي تعاظمت على كُلّ المستويات الماليّة، والاقتصاديّة، والاجتماعيّة، والاستشفائيّة، والتربويّة. فرضت على الملتقى بان يكون معنيا بمُقاربة مسبِّبات هذه الأوجاع حيثُ يستمرّ الانقِلاب على الدُّستور، واستِباحة السّيادة، وتعميم الفساد، والانقِضاض على العدالة".
 
وأضاف الخليل: ""لم نَزَل نُعاني المحاصصة والزبائنيّة، وتحالُف المافيا والميليشيا الذي حوّل لبنان من نموذجٍ حضاريّ إلى دولة فاشِلة، تعرَّضّ فيها الشعب اللّبناني لجريمة منظّمة قتلت كلّ القطاعات واغتالت العدالة الاجتماعيّة والازدهار الاقتصادي، وكان أبشع تعبير عن هذه الجريمة المنظّمة تفجير بيروت في 4 آب "2020".
 
وختم الخليل: "نحنُ وإيّاكُم معنيُّون بمُقاربة هذه المُسبّبات لِنَبْحَث سويًّا كُلٌّ من موقِعه في كيف نُنقِذ لبنان من هذا المستنقع الجهنّمي، ونحمي هويّته الحضاريّة، وهذا يتطلّب تصويب المفاهيم، لبناء سياساتٍ عامّة تطبقّها الحوكمة الرَّشيدة، وهذا يقع في صُلْبِ هدف ورسالة ملتقى التأثير المدني. إنّه زمن إعادة تكوين السُّلطة واسترداد الدّولة. فمسار "الحوارات الصّباحيّة" نُريدُه انطِلاق فِكرٍ تغييريّ إصلاحيّ لِفعْل تغييريّ إصلاحيّ، المُهمّة شاقّة لكنّها لَيسَت مستحيلة."
 
أمّا "ميسِّر الحوار" الأستاذ الجامعي والباحث الدكتور وجيه قانصوه فأشار في تقديمه لإشكاليّة إلغاء الطائفيّة كما ورد في اتّفاق الطائف إلى موجب "العبور من مستنقع الاصطفافات والتوترات التي لا تتوقف، إلى فضاء الاستقرار والحياة السعيدة والمنتجة. وكلما جاء استحقاق هذه المهمة، نتهيب منها ونرتعب ونخاف، وتتذرع بحجج كثيرة، فلا نجد سبيلا سوى إرجائه، لنرجىء معه الوطن المعاف والدولة القادرة، حيث تبين أن هذا التأجيل لإلغاء الطائفية هو تأجيل للدولة، وإرجاء للديمقراطية، وتعطيل للحياة".
 
واعتبر قانصوه أنّه "لإلغاء الطائفية أكثر من بعد أوّلهما: تدبيري وتنظيمي، وهو ما يتصل بـ "النص الدستوري حوله، وحول الآليات التشريعية والقانونية والتنظيمية داخل مؤسسات الدولة، لترسيخ إلغاء الطائفية شكلاً نهائياً وجذرياً ناظماً للحياة العامة. وهو ما يفرض مجموعة من الأسئلة عن دور المجتمع، في قواه المدنية والثقافية في عملية إلغاء الطائفية، فلا يقتصر دور الهيئة التي ستشكل لهذه الغاية على تحويل إدراج إلغاء الطائفية إلى نص مباشر وصريح، وإنما يستتبع ذلك جملة آليات ومواد ضرورية، والتي منها القانون الانتخابي، قانون الأحزاب السياسية، لاطائفية الرئاسات الثلاث، مناصب الدولة، كما يطال قانون الأحوال الشخصية، علاقة الدولة بالمؤسسات الدينية." وأضاف قانصو "هذا يعني أن إلغاء الطائفية تتطلب عملية دقيقة وحساسة، وتتطلب رؤية كاملة واستراتيجية فعالة لإحداث هذا الانتقال بطريقة تحول دون تحول إلغاء الطائفية إلى وسيلة غلبة طائفية على طائفة، أو أتباع دين على أتباع دين آخر. بحكم الخلل في الديمغرافيا اللبنانية من جهة، وبحكم المؤثرات الخارجية التي توفر لجهة أو مذهب إمكانات غلبة وهيمنة لا تتوفر في المذاهب الأخرى". أما البعد الثاني، فهو ثقافي اجتماعي، ما يعني أن إلغاء الطائفية هو تحول في المزاج والسلوك والذهنية وأطر العلاقات ونمط التوزع السكاني. وإعادة هيكلة عمل الدولة والعمل السياسي على مرتكزات غير طائفية". وختم قانصوه "أنّ إلغاء الطائفية خطوة جرئية وخطرة، لكنها باتت ضرورة لإنقاذ الوطن والمواطن، فهي عمليّة تحول لا تحصل دفعة واحدة، ولا تحصل بقرار سياسي ونصّ تشريعيّ، بل هي تحوّل مجتمعي يتحقق على يد المجتمع نفسه. فكما أنه لا ديمقراطية من دون ديمقراطيين، كذلك لا معنى للاطائفية من دون لاطائفيين".
 
ثمّ قدم الدّكتور نزار يونس ورقة العمل الخاصة باللقاء تحت عنوان "جوهر وثيقة الوفاق الوطني المادّة 95 من الدّستور": واستفاض فيها بالإشارة إلى "وقوف لبنان عند مفترق مفصلي تتطاحن وتتصارع فيه المجموعات العصبية من دون جدوى". وقال يونس: "علينا في البداية أن نعترف بأن الأزمات التي نعاني وطأتها، ليست قدَراً لا نفاذ منه، فهي النتيجة الحتميّة لنظام سياسيّ يؤدّي بحكم تكوينه وديناميّة عمله إلى كلّ ما نعاني من فساد وترهّل في بنية الدولة. لكن وعلى الرغم من إجماعنا في مؤتمر الوفاق الوطني في الطائف على أن التخلي عن هذا النظام هو السبيل الوحيد لقيام الدولة الزمنية الديمقراطية، عدنا الى كنفه مهرولين كما لو أن الميثاق لم يعد مرجعيتنا، وكما لو أن المادة 95 من الدستور وضِعت لتبقى حبراً على ورق."
 
واعتبر يونس أنّ رئيس الجمهورية مسؤول عن "تنفيذ أحكام الدستور ومقتضيات المادة /95/ منه". فهو رئيس هيئة الحوار الوطني المكلفة باقتراح الإجراءات والأنظمة الملازمة لقيام دولة مواطنة ديمقراطية لاطائفية. وقد ميَّز المؤتمرون في الطائف رئيس الجمهورية بـ مَهمة تاريخية جعلت منه المؤتمن على تحقيق الموجب الميثاقي الذي ينصّ على أنّ إلغاء الطائفية السياسية هدف وطنيّ يقتضي تحقيقه، على اعتباره الشأن الأهمّ لحاضر ولمستقبل اللبنانيين المسيحيين والمسلمين، على حد سواء." وبعدما رفض يونس الرأي الشائع الذي يعتبر الدستور المعمول به حاليًا بكلّ مندرجاته "ميثاقًا لا يمكن تعديل أي من نصوصه يجانب الحقيقة". معتبراً بـ "أن الهاجس الأكبر وهو وعي رئيس الجمهورية المؤتمن على الدستور، لدوره المستحدث، بعد اتفاق الطائف الذي يستدعي الكثير من الشجاعة وحذاقة الرأي والبصيرة والمسؤولية، لا كممثل لطائفة بل كحارس للميثاق ومسؤول عن احترام الدستور و تطويره وتعديله، عندما يقتضي الأمر، لا كمحاسب للحصص الطائفية".
 
 
وعليه تحدث يونس عن دور "الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفيّة" وقال إنها "المعوّل عليها للحفاظ على خصوصية هذا الوطن ومستقبل أجياله، في حال تخلّينا عن الطائفية السياسية وتوزيع السلطة حصصًا بين الطوائف، وعلى قدم المساواة من دون هيمنة فريق على آخر؟ ورسم الآلية التي توفّر الديمومة لهذه الصيغة، وتحافظ على التوازن والسلم الأهلي وتكون صمّام الأمان في الأزمات الوطنية؟"
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم