ماذا تبقى؟

ماذا تبقى؟ كل شيء إنهار كل حدث جميل وبريق أمل اختفى. مازلت أترقب على الأطلال علني ألمح طيفهم يمر، علَّ ضياء وجههم ألمحه أمامي مع شعاع الشمس قرب الغيوم الناصعة البيضاء. ينساب على أنفاسي عطرهم الآتي من البعيد فيبزغ مجدداً ولو لوقت قصير الأمل والرجاء لرؤيتهم صدفة. تُحيك ذاكرتي قصصاً من نسج الخيال تعدني بلقاء وتجعل في أحلامي لبرهة بعضاً من الشذى الطيب من همساتهم التي ترفرف في أذني وبالقرب من مهجتي أستعيدها مسجلة محفورة في ذهني وتتراقص أمامي صور وجهها وعينيها مع ذاك السنا الفاتن الذي يدخل فؤادي بسرعة البرق وبنعومة وسحر رائع يجعلني أشعر بقيمة كياني وأهمية وجودي.
لن أترك طلول ديارنا ولن أبرح من مكان أثار معبد روحنا، فها هنا ما هو أعمق من قعر المحيطات وأعلى من قمم الجبال العالية ولو انه لا يدرك ذاك الرابط إلا أصحاب القلوب الطيبة.
أصمت للحظات فيسود سكون مهيب وأسمع صدى من البعيد يقترب إلى مسمعي مردداً ماذا تبقى؟ فأجاوب المدى: بقيت روحي تهمس باسمها وفؤادي مازال ينبض بروحها لتبقى الحياة، بقي ماضينا الجميل المتشابك والمترابط بحاضري وتمتد ذكرياته أحلاماً أحيا بها في مستقبلي فيسطع أمل جديد في أعماقي علنا نعود في أحد الأيام ونلتقي. نعم سنلتقي يوماً وسنحفر على خد الشمس بريشة الغروب "هنا الحب لم يمت بل تخطى كل أذهان البشر وتقاليدهم وبقي وهاجاً متلألئاً يحيا بروحهما الواحدة التي اجتازت كل حواجز المسافات والأزمنة". أجلس على صخرة مطأطئ الرأس وتسقط دمعة حارقة ثقيلة مدوية تجعل في الأرض حفرة الأحزان وترقد فيها أمنيات كثيرة هوت وانزلقت من مقلة الروح حينما بكت من لوعة الفراق. أتنهد زفرات الألم والغم ثم أستسلم للتعب والنوم علني أرتاح من واقع أليم موجع.