الجمعة - 03 أيار 2024

إعلان

على الفساد ثورة

المصدر: النهار - عصام عطا الله - أستاذ جامعي - باحث وكاتب
كم نحن في حاجة اليوم الى ثورة، ثورة حقيقية على الظلم اللاحق بالانسان والمواطن في لبنان
كم نحن في حاجة اليوم الى ثورة، ثورة حقيقية على الظلم اللاحق بالانسان والمواطن في لبنان
A+ A-
كم نحن في حاجة اليوم الى ثورة، ثورة حقيقية على الظلم اللاحق بالانسان والمواطن في لبنان، في ظل إدارة عامة تشكو من الترهّل والبيروقراطية وعدم الإنتاجية، وتحمّل الخزينة أعباء باهظة، والجميع يتلهّون بإلصاق التهم على بعضهم بعضاً، والأدهى من ذلك عندما يعمد المسؤول المباشر عن قطاع إنتاجي ما أو وزير في وزارته الى نسب الفساد إلى من بإدارته، متحدّثاً عن عدم قدرته على الإتيان بما يجب، أو بعدم قدرته على محاسبة من يستبيحون المحرّمات ويخالفون القانون ويسرقون الحقّ العام والمال العام من جيوب الأطفال والامّهات والرجال والنساء في لبنان.
لقد أصبحت هذه الحالة الادارية وراثية، تتراكم من عهود وعهود، حيث تخلفت الإدارات وعلى رأسها عن القيام بالتحسين والصيانة والتدريب، فكان الارتجال سيّد الموقف على حساب العلم والمنطق، وسادت سياسة حشو الموظفين كوسيلة للإرضاء والاسترضاء. لقد سمعنا عن محاولات حثيثة لا بل دؤوبة وعدنا بها كلبنانيين بالاصلاح والمحاسبة من أطراف سياسية عديدة تنتمي الى فئات سياسية عديدة، لكنها جميعها باءت بالفشل الذريع إذ أن النتائج المرجوة لم تبصر النور بتاتاً والسبب واضح وضوح الشمس، خصوصاً عندما تدخل لعبة المحاصصات وتقسيم المنافع بين من استلموا مهمة من هنا او شأناً عاماً من هناك، فيجري "الإصلاح الإداري" تحت عنوان الفساد وعدم تطبيق القوانين، وحينئذ تكون النتائج ما نشهده من "جرائم" ترتكب بحقّ المواطن في لبنان من قبل إدارات يجب أن تقوم على خدمته لكي يقوم المواطن بواجبه الإبداعي لخدمة الوطن واقتصاده وبحبوحته، وكلّها أحلام لم يأتِ وقتها بعد، جرّاء الثقافة المدمّرة التي لا زلنا نتوارثها منذ عقود.
النظام في لبنان ديمقراطي على المقاسات، وثقافة الفساد تغرقنا بثقافة الإفساد، ما يجعلنا من البلدان المتخلّفة، حيث الاصلاح غائب عن السمع، وعملية الغسيل يجب أن تطال كل الادارات، وعملية البناء الاداري لن تنفع سوى إن طالت كل المرافق والادارات في الدولة، وحان الوقت لإعادة الجسم الى حالته الطبيعية، فالادارة السليمة ليست إنجازاً، بل هي ضرورة وواجب على الدولة والنظام تحصينها من أجل الانسان، الحلقة الأضعف والحلقة المنتجة في الكيان، ومن أجل العمل السليم، على الاطر القانونية والدستورية ان تفعّل، وعلى القضاء المنزّه والسلطات الرقابية أن تعمل بموضوعية وعلمية ومهنية للبتّ في الملفات بشكل عادل ومنصف وحيادي ومستقل.
في ظل سباق الوقت مع الانتاج يبدو لبنان غائباً عن ركوب قطار التطور حيث المصطلحات السياسية تستعمل لإيهام الناس بالعمل، وهي ليست سوى فوضى وضياع والمواطن ضائع بين المنافقين والمنجمين والمبصرين والسياسيين، والصراع على السلطة هو الهدف بينما الحق يجب، أن يكون في الصراع من أجل لبنان، وعليه يجب أن تعطى رئاسة الجمهورية صلاحيات أكبر أو إعادة ما أخذ منها لكي يستطيع الرئيس أن يكون الحكم والحاكم في آن، ويكون فوق الصراعات على السلطة والنفوذ ويضمن حسن تطبيق الدستور والقوانين، فلا يكفي التمنّي بل يجب أن نتكاتف من أجل الصالح العام.
إنها دعوة بسيطة من أجل الثورة على الفساد والمفسدين، دعوة للتعاون والتكامل لإخراج لبنان من هذه الحالة التي آلت إليها عدم الكفاية في إدارة شؤون المواطنين، من أجل إعادة التواصل والتلاحم بين المكونات اللبنانية، بين المجتمع والدولة، ليبقى لبنان ولا يموت.
والسلام!



الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم