الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

المعليشية: ظاهرة مرضية لبنانية

المصدر: "النهار"
Bookmark
امرأة تكتب على الحائط في بيروت (مارك فيّاض).
امرأة تكتب على الحائط في بيروت (مارك فيّاض).
A+ A-
أنطوان مسرّه*ما معنى أن تكون جديّاً؟ يُطرح الموضوع غالباً من منطلق الأخلاق وعلم النفس والعلاقات الاجتماعية. لكنه يتضمّن في لبنان بُعداً سياسياً بالغ الخطورة لأنه يرتبط بالثقافة السياسية ومستقبل كلّ مسعى في الإصلاح والتخطيط في لبنان.كل شيء في لبنان، لأسباب داخلية وخارجية في آن واحد، يذوب في مساومات! يقول الفيلسوف الألماني Georg Simmel: "التسوية هي أهم اختراع للفكر البشري". لا يعرف الحيوان التسوية. وكلما كان الإنسان ذكياً تعدّدت لديه الاحتمالات في دراسة ومعالجة أي موضوع. التسوية مسار ديموقراطي بالغ الرقيّ لأنها تحصل في اطار تنازلات متبادلة وتوزان في الحقوق. أما المساومة compromission فتحصل رضوخاً لتوازن قوى وخرقاً لمبادئ وحقوق ومصلحة عامة ومال عام. تُؤجّل المساومات في لبنان المشكلة التي سوف تنفجر لاحقاً بكلفة عالية ومحمّلة بكل رواسب الماضي المتراكمة!هكذا تعبّر ناديا تويني عن الجديّة بصيغة مأساوية في شعر: عشرون قصيدة في سبيل حب: "يقول لي بلدي: خذني على محمل الجدّ / ويدور ويتماهى كيمامة مجروحة / بلدي الصعب مثل قصيدة طويلة".نعيش يومياً في لبنان في الحياة العامة فقدان الجديّة: في تأجيل إقرار قانون انتخابي، معالجة أزمات النفايات والتيار الكهربائي والمياه والمحروقات... ونعيش يومياً عدم الجديّة في حوارات متلفزة حيث يضحك مسؤولون وإعلاميون يديرون الحلقة فيما هم يطرحون قضايا بالغة الخطورة! ونعيشه في اجتماعات حيث ما يُسمّى مسؤولين يجيبون باعتباطية واستخفاف. ونعيشه في علاقات دبلوماسية مع رؤساء دول وسفراء لم تعد تنطلي عليهم "الترقيعات" على الطريقة اللبنانية.يدرك كل إنسان متوازن عقلياً هذا الاستهتار. ولا يقتصر الاستهتار على ما يُسمّى طبقة حاكمة. يتمظهر لدى عاملين في مؤسسات خاصة وموظفين في إدارات عامة ومديرين عامين ومعلمين وقياديين في جمعيات أهلية ومحاضرين في مؤتمرات... إنها ذهنية "المعليش".تكمن جذور هذه البنية في علم النفس التاريخي، إذ كان لبنان طوال قرون مرغماً على القبول بمساومات مشبوهة والتكيّف مع المتغيرات والتلاعب على سلطة خارجية. لهذا السلوك، قبل استقلال 1943، فوائده الإيجابية. من أبرز...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم