الأربعاء - 01 أيار 2024

إعلان

"النبيُّ" الحيّ الذي لا يَموتْ

المصدر: "النهار"
Bookmark
"النبي".
"النبي".
A+ A-
الدكتور فيليب سالمالبارحةَ زُرْتُه. ها هو مسجىً كالميتِ في الأرضِ التي اختارَها ليعيشَ فيها إلى الأبد. يومَ كانَ حيًاً كانت عَيناه شَاخِصتينَ دائمًا إلى هذا المكانِ الذي ينامُ على أقدامِ جبالِ الأرز وعلى كتِفِ وادي قَنّوبين. وفي حَضْرَتِه، تريدُ أن تَسأل. لماذا هو صامتٌ هكذا؟ ‏وَهلْ يا تُرى لا يزالُ يَذكُر مدينةَ أورفليس؟ وماذا عنِ المُصطفى؟ ‏وعن الميترا؟ وتَخْرُجُ من المكانِ وتَنظُرُ فَتَرى "الشمسَ تُلملمُ اشعّتها الذهبيةَ كالبخيلِ عن رؤوسِ الجِبالْ"، وترى الهِضابَ والأوديةَ تَنامُ على أنغامِ السكينة. فيبهرُك الجمالُ وَيُصيبُكَ شَيءً من الدوارِ فتظنُّ أنّ الله يسكنُ هَهُنا. هذا الرُّجلُ الراقدُ في ضَريحِه، هو مِن لبنان، ولكنَّ رسالتَهُ كانتْ ولا تزالُ للعالمِ كلِّه. لقد ماتَ جبرانُ من زَمان ولكنَّ "نبيَّه" لا يزالُ حيّاً يَعيشُ بينَنا. صار لَهُ من العمرِ مئةُ سَنَة. وكأنّه وُلِدَ البارحة. فكتابُ "النبي" ليس كتابًا عن الماضي بل كتابٌ عن المُستقبل. إنّه الرسالةُ التي بَعَثَ بها جبرانْ إلى الاجيالِ القادمة. وما رِسالتُه إلا من رسالةِ لبنان. هذهِ الرسالةُ التي تُحدّدُ هويّةَ لبنان وحضَارتِه. هذهِ الرسَالةُ التي لم تَكُنْ يومًا إلا رسالةُ عالمية.لم يَكتُبْ جبرانُ "النبي" لأهلِهِ في لبنان بل كَتَبَهُ لأهلِهِ في جميع بقاعِ الأرض. ‏كتبه للإنسانيةِ جَمعاء. لذا اختارَ أنْ يكتبَه باللغةِ الإنكليزية، ولذا أخذ وَقته، سنينَ طويلةً ليكتُبَه. إنه عُصارةُ فِكره. إنه الكلامُ الذي أرادَ أن يقولَه قَبل أن تَصِلَ السفينةُ وَتَعودَ بهِ إلى "جزيرةِ مولدِه". انهُ الوَصيّةُ. وَصيّةُ جبران.وَماذا تَقولُ الوَصيّة؟تَقولُ الوصيّة إنَّ ما تَراهُ عيناكَ في أخيكَ الإنسان، ليسَ مُهمًا؛ المهمُ هو ما لا تراهُ عَيناكَ فيه. المهمُ هو الإنسانُ في داخلِكَ الذي لا تَراهُ عينٌ ولا تَلمُسُهُ يدٌ. المُهمّ هو ما لا يُقاس ولا يُحدَّد وبالتالي فهو ما لا يُمكنُكَ إدخالُهُ إلى الكمبيوتر. فالحبُ والُنبلُ والشّهَامةُ والأيمانُ والحنانُ والنخوةُ وطهارةُ القلبِ وقداسةُ الرّوح، كلُها أمورٌ لا تقاسُ ولا تُحدَّد...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم