الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

عندما أظلم النهار

المصدر: "النهار"
رشيد درباس
رشيد درباس
Bookmark
مبنى جريدة "النهار" في الذكرى الـ18 لاستشهاد جبران تويني (حسام شبارو).
مبنى جريدة "النهار" في الذكرى الـ18 لاستشهاد جبران تويني (حسام شبارو).
A+ A-
نقسم بالله العظيم ... أن نبقى موحدين جبران تويني في ذكرى استشهاد جبران تويني، قال متروبوليت بيروت المطران الياس عودة: "إنه شهيد ثقافتين متناحرتين، ثقافة إنسان محبّ لوطنه، وثقافة مجرم أراد إسكات كل صوت جريء وقلم حرّ"؛ وأضاف: "لكن الشيطان أغوى نفوس أتباعه "فأظلم النهار"، وغابت شمس الحرية والديموقراطية". هذه الكلمات تلخّص "النهار" اللبناني العريق، فمنذ جبران المؤسس الذي أنشأ مع رعيله، بالموهبة والجهود الفردية، صحافة لبنانية يطالعها اللبنانيون كل يوم، لها صدقيتها وجدارة كتّابها، ولها الشهادة الحق بأن الدولة اللبنانية ما أحرزت موقعها في مصاف الدول التي تسودها الحرية وتسعى في مراقي الديموقراطية، إلا بفضل المطبوعات الأسبوعية واليومية فيها، التي كانت معلمًا راقيًا من معالم مجتمع آخذ بسياق التطور. وتعيدُنا الذكرى إلى ذلك اليوم الذي وقف فيه سيادة المطران ليؤاسي واسطة العقد التويني، الأستاذ غسان والد الشهيد الذي فقد أولاده وزوجته ولم يفقد جأشه بل فاجأ العالم بقوله فوق الجثمان المسجَّى: "إن قلبه لا يحمل الحقد، وإن على اللبنانيين أن يتّحدوا"، فكأنه كان يعود بنا إلى جبران الأول، و"نبيّه"، وموعظته: "أحبوا بعضكم بعضًا، ولكن لا تقيدوا المحبة بالقيود. اتفقوا معًا، ولكن لا يقترب أحدكم من الآخر كثيرا، لأن عَمُودَيَّ الهيكل يقفان منفصلين". قد تكون أوجه شبه بين "النبي" و"هكذا تكلم زردشت" للفيلسوف الألماني نيتشه. لكن كتاب جبران الذي ما زال ملايين الناس يتداولونه، فيه من الرحيق اللبناني وشميم الأرز وقداسة وادي قاديشا، ما يطغى على اللغة التي ألّفه بها، أو هكذا بدا لي. فأعمدة الصحافة اللبنانية تباعدت وتباينت، فشكّلت هيكلاً وطيدًا كان محطّ الأنظار العربية كلها، لم يضاهِهِ إلا الهيكل الصحافي المصري الذي كان لجرجي زيدان وآل تقلا وأنطون باشا الجميل وروز اليوسف ويعقوب صرّوف وفرح أنطون وشبلي شميل، أفضال عليه وبصمات لا تُنسى. ومن شرفة النبي الإنكليزي اللبناني الأصل، الذي رأى في التنوع وحدة، وفي الاختلاف ائتلافًا، أنظر إلى السياسة اللبنانية فأجدها مرتهنة لمن انفصلت أعماله عن إيمانه، وعقيدته عن مهنته؛ كما لو أن مَن تسللوا إلى عباءة "النبي" وتكنَّوا به، إنْ هم إلا "إبليس" توفيق الحكيم القائل: "إنني أعرف كيف أمرّ بأناملي...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم