الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

"العفو الدولية" لـ"النهار": هكذا تحققنا من شهادات صيدنايا واحتسبنا أعداد من أعدِموا

المصدر: "النهار"
ديانا سكيني
ديانا سكيني
"العفو الدولية" لـ"النهار": هكذا تحققنا من شهادات صيدنايا واحتسبنا أعداد من أعدِموا
"العفو الدولية" لـ"النهار": هكذا تحققنا من شهادات صيدنايا واحتسبنا أعداد من أعدِموا
A+ A-

تشير تقديرات منظمة #العفو_الدولية إلى أن ما بين 5000 إلى 13000 شخص أُعدِموا خارج نطاق القضاء في سجن صيدنايا بين أيلول 2011 وكانون الأول 2015. معطيات ولّدت حملة ادانات عالمية لما تضمنه تقرير مفصّل (110 صفحات) مبنيّ بشكل أساسي على شهادات حراس ومعتقلين سابقين عن أحداث مرعبة جرت في الفترة الزمنية التي أعقبت بدء ثورة المعارضين السوريين على نظام الرئيس بشار الأسد. والى الادانات، برزت حالة الانكار التي عممها النظام، ولاسيّما الأسد خلال مقابلة أجراها مع موقع "ياهو نيوز" اعتبر فيها هذه المعلومات "غير صحيحة ومفبركة"، وكذلك رأت وزارة العدل السورية ان التقرير مبني "على عواطف شخصية تستهدف تحقيق غايات سياسية معروفة". في حين طفى رأيٌ آخر يقرّ بحصول الاعدامات من دون محاكمات لكنه يزعم ان الأرقام التي أوردها التقرير مضخمة جداً.


وبعد الضحة والجدل اللذين أثارهما التقرير، تحدثت "النهار" الى كاتبة التقرير نيكوليت وولدمن للاطلاع عن كثب على المنهجية المعتمدة في التقرير، وهوية الأشخاص المستطلعين وكيفية التحقق من صدق شهاداتهم، ولتسليط الضوء على الطريقة المعتمدة في احتساب أعداد المعتقلين الذين جرى اعدامهم شنقاً خلال فترات زمنية متلاحقة. كما كان لابد من اثارة اشكاليتي الاشارة الى المكان المحتمل لوجود مقابر جماعية، والفارق في أعداد من جرى اعدامهم في السجن عينه بين تقارير حقوقية عدة.


في الآتي، نص المقابلة مع وولدمن التي دعت الى تحقيق مستقل بقيادة الأمم المتحدة.


 


*نود بداية الحصول على معلومات إضافية حول منهجية التقرير المعتمدة، وهل كانت الشهادات السرية عاملاً أساسياً ووحيداً بالنسبة إليكم، أم استندتم إلى معلومات من مصادر أخرى؟


تستند الاستنتاجات في التقرير إلى تحقيق مكثّف امتد على طول 12 شهراً، من كانون الأول 2015 إلى كانون الأول 2016. وقد شمل التحقيق مقابلات وجهاً لوجه مع 84 شاهداً، كما استند إلى أدلّة قدّمها حرّاس ومسؤولون كبار في #سجن_صيدنايا غادروا مناصبهم بعد ذلك. بغية التأكّد من المعلومات، أجرينا مقابلات مع 31 معتقلاً سابقاً في سجن صيدنايا، وقد شهد عدد كبير منهم بأم العين على الخطوات المختلفة في عملية الإعدام. وأجرينا أيضاً مقابلات مع سبعة قضاة ومحامين سوريين و17 خبيراً وطنياً ودولياً في شؤون الاعتقال في سوريا.


فضلاً عن ذلك، حصلت منظمة العفو الدولية من معتقلين سابقين في المبنى الأحمر في سجن صيدنايا على أسماء 59 شخصاً رأوهم يُقتادون من زنزاناتهم عصراً بعدما قيل لهم إنهم سيُنقَلون إلى سجون مدنية في سوريا. وتمكّنت المنظمة من تحديد مكان إقامة عائلات 17 من هؤلاء الأشخاص الـ59. وفي جميع تلك الحالات، لم يتلقَّ أفراد العائلات أي خبر عن مصير أحبابهم أو مكان وجودهم.


ولقد أوردنا في التقرير أن السبب وراء إخفاء هوية هذا العدد الكبير من الشهود هو لأنهم طلبوا منا عدم ذكر أسمائهم خوفاً على سلامتهم أو سلامة أفراد عائلاتهم. وفي إطار السياسة التي نتّبعها، احترمنا هذه الطلبات ونزلنا عند رغبتهم، ونحن نعتبر أن مخاوفهم مبرّرة.



 


*كيف تتحققون بطريقة علمية من صدق الشهادة التي تُنقَل إليكم، فهناك باحثون يشككون في صدقية شهادات المعارضين، كيف تجيبون؟


في كل الحالات ما عدا حالتَين اثنتين، أجريت المقابلات مع كل شاهد على حدة. وفي حالات كثيرة، أجريت مقابلتان أو أكثر مع كل شاهد لتقويم صدق الشهادات وتماسكها. لقد استخدمنا أسلوب المقارنة للتدقيق جيداً في كل الشهادات التي تلقّيناها، وتمكّنّا، من خلال عملية طويلة وشاقة من التقويم والتحليل، من تكوين صورة عما يجري في سجن صيدنايا.


 


*هناك تقارير حول إعدامات في سجون سورية، وفي سجن صيدنايا تحديداً، لكن فارق الأرقام هائل بين تقريركم وتقارير أخرى، كيف تفسرون الأمر؟


تتم عمليات الإعدام في سجن صيدنايا بطريقة سرية، ولا يعلم بها سوى الحرّاس والمسؤولون المباشرون، فضلاً عن مسؤولين سوريين كبار. حتى الحراس الذين يشرفون على عمليات جمع السجناء وضربهم في المبنى الأحمر لا يدركون عادةً ما يحلّ بالمعتقلين بعد نقلهم إلى المبنى الأبيض في منتصف الليل. لهذه الأسباب، لم يكن العالم الخارجي على دراية بحجم حملة الإعدامات الجماعية شنقاً ونطاقها، والتي كشفنا عنها في تقريرنا.



 


*كيف جرت العملية الحسابية لعدد الذين أعدِموا؟


قال أشخاص كانوا جزءاً من السلطات الآمرة في سجن صيدنايا لمنظمة العفو الدولية إن الإعدامات خارج نطاق القضاء على خلفية الأزمة في سوريا بدأت في أيلول 2011. منذ ذلك الوقت، تنوّعت الوتيرة التي تُنفَّذ بها تلك الإعدامات وسلكت اتجاهاً تصاعدياً. في الأشهر الأربعة الأولى، كانت ممارسة معهودة أن يُعدَم من 7 إلى 20 شخصاً كل 10 إلى 15 يوماً. في الأشهر الأحد عشر اللاحقة، كان يُعدَم بين 20 إلى 50 شخصاً دفعةً واحدة أسبوعياً، وكانت هذه الإعدامات تتم عادةً ليل الاثنين. ثم في الأشهر الستة اللاحقة، كانت تُعدَم مجموعات من 20 إلى 50 شخصاً مرةً واحدة أو مرتَين أسبوعياً، وكانت هذه الإعدامات تتم عادةً ليل الاثنين و/أو الأربعاء.


وتشير شهادات السجناء إلى أن الإعدامات كانت تتم بوتيرة مشابهة – أو حتى أعلى – وصولاً إلى كانون الأول 2015 على أقل تقدير. إذا افترضنا أن وتيرة الإعدام ظلّت على حالها كما في المرحلة السابقة، تشير تقديرات منظمة العفو الدولية إلى أن ما بين 5000 إلى 13000 شخص أُعدِموا خارج نطاق القضاء في سجن صيدنايا بين أيلول 2011 وكانون الأول 2015. ليست لدى منظمة العفو الدولية أدلّة عن عمليات إعدام بعد كانون الأول 2015. لكن لا يزال المعتقلون يُنقَلون إلى سجن صيدنايا، وتستمر "المحاكمات" في محكمة الميدان العسكرية، وليس هناك ما يدعو للاعتقاد أن هذه الإعدامات خارج نطاق القضاء قد توقفت. لذلك غالب الظن أن آلاف المعتقلين الآخرين أُعدِموا شنقاً منذ كانون الأول 2015.


 



 


*أشرتم في التقرير إلى مكان وجود المقابر الجماعية للذين أُعدِموا، ألا يشكّل الأمر احتمالاً لتغيير الحقائق؟


في منظمة العفو الدولية نواجه باستمرار خطر أن يؤدّي الكشف عن انتهاكات حقوق الإنسان وعن المخالفات للقانون الإنساني الدولي إلى إفساح المجال أمام المرتكبين للعبث بالأدلة التي تقدّم إثباتات عن الاستنتاجات في تقريرنا، أو طمسها. في هذه الحالة، شعرنا بأن الفائدة الإجمالية من ذكر موقع المقابر الجماعية في التقرير وتحاليل الأقمار الصناعية، التي تَشاركَها معنا شهودٌ أساسيون، تتفوّق على الأثمان المحتملة التي يمكن أن تترتب عن عبث الحكومة بالأدلة. مع ذلك، نناشد الأمم المتحدة الشروع في إجراء تحقيق فوري، ونوصي بأن يُجرى من دون تأخير، ليس فقط بسبب حجم الاستنتاجات التي تم التوصل إليها وأهميتها، إنما أيضاً لأنه من شأن المبادرة فوراً إلى إجراء تحقيق أن تقلّل من احتمالات لجوء الحكومة إلى العبث بهذه الأدلة أو سواها من الأدلة عن ارتكاب جرائم دولية في سجن صيدنايا.



 


 


*ما الخطوة التالية بعد الإدانات الدولية التي تلت التقرير، هل هناك تحرك قانوني إنساني دولي مرتقب؟


في رأس الأولويات، نناشد الأمم المتحدة الشروع فوراً في إجراء تحقيق واسع ومستقل في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في سجن صيدنايا. وبغية إجراء هذا التحقيق بفاعلية وتقويم ظروف السجون، يجب أن يُتاح للمراقبين الدوليين الوصول من دون أية عوائق إلى جميع السجون في سوريا. وينبغي على مجلس الأمن الدولي أن يصرّ على وجوب قيام الحكومة السورية بتسهيل مهمة هؤلاء المراقبين ووصولهم إلى السجون. وعلى الولايات المتحدة، وكذلك روسيا التي تُعتبَر حليفةً لسوريا، استخدام نفوذهما من أجل فرض التعاون من جانب الحكومة السورية.
والدعوة الأساسية التي نوجّهها في التقرير هي إلى إطلاق تحقيق مستقل بقيادة الأمم المتحدة حول الجرائم الدولية المرتكبة في سجن صيدنايا. نتطلع إلى نتائج هذا التحقيق الذي نعتقد أنه من شأنه أن يقدّم تحليلاً وأدلّة أكثر تفصيلاً عن الجرائم ضد الإنسانية.


 


 


[[video source=youtube id=2nPmkJQirC0]]


 


[email protected]


@Dianaskaini


 


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم