وشاح الذاكرة

ها نحن الآن بين الأمس والغد نضيع بين صفحات تلك الذاكرة

نَتوه تحت وشاح أفكارنا الحائرة

ها نحن نناديها لتسحب ساعاتها من وقتنا وتنصرف

لتغيب والرقود في أماكنها تقترف

ها نحن مكبلون بها بلا قيود

تائهون بلا خارطة أو إشارة حدود

متمردون على حاضرنا نثور

نبحث بين تلك الصفحات على تذكرة للعبور

وكأنه قدّر لنا العيش في ماضٍ لن يعود

والاتكاء على كتف أيّامٍ شاخت شيخوخة الجدود

قدّر لنا العيش في حاضر مكتوم الأنين

فأصبحت كلماتنا خرساء كأنّها حروف مبعثرة في فم جنين

صمّاء لا يسكن آذانها إلّا صوت الحنين

عمياء كل جميل في أعينها غاب

آفاقها حزينة لا يسودها إلّا الضباب

فأضحت كلمات فارغة يوم تموت

لا شراب يغذّيها ولا قوت

فكيف ستبوح وهي وليدة غربة خرساء ما بيدها إلّا السكوت

غربة محكوم عليها بطول الفناء

لعلّ حروفها تتعافى بهجرٍ جميل يكون لها الدّواء

ويكون الموت فيها رُقاداً بعده صحوٌ طاعنٌ لكلّ ذاك الشقاء.