هل يستخفّ الناس بخطر الذكاء الاصطناعي على وظائفهم؟
تشير التطورات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي إلى تحوّلات جوهرية في شكل سوق العمل العالمية. ورغم أن هذه التقنيات باتت تساهم في تقليص الوظائف داخل عدد من القطاعات، تكشف الأبحاث الحديثة عن مفارقة مقلقة: العاملون يدركون أن الأتمتة ستُغيّر مستقبل التوظيف، لكن معظمهم يعتقد أنها لن تمسّ وظائفهم هم. هذا التباين يثير مخاوف من أن يؤدي التفاؤل المفرط إلى ترك المجتمعات في مواجهة موجة تغيير دون استعداد كافٍ.
استخدام متزايد للذكاء الاصطناعي لتقليص الوظائف
خلال العام، لفتت خطوة "أمازون" تسريح 14 ألف موظف الأنظار إلى احتمال تأثير الذكاء الاصطناعي في قرارات الشركات الكبرى. وفي الوقت نفسه، كشف "المعهد البريطاني للمعايير" عن بيانات أوسع تظهر أن أكثر من 40% من المديرين في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا يستخدمون الذكاء الاصطناعي لسد فجوات المهارات أو خفض أعداد العاملين. كما أشارت الدراسة إلى أن نحو ثلث المؤسسات يتجه إلى الأدوات الذكية قبل اللجوء إلى التوظيف، مع توقعات أن يتسارع هذا المسار خلال الأعوام المقبلة.
تفاؤل غير متأثر بالمخاطر
على الجانب الآخر، تكشف دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا في ميرسيد أن العاملين لا يشعرون بقلق يُذكر حيال مستقبلهم المهني رغم كل التحذيرات. فقد شملت الدراسة آلاف المشاركين الذين تلقوا معلومات عن التطور السريع للذكاء الاصطناعي التوليدي، ورغم إدراكهم قرب وصول هذه التقنيات إلى مستويات متقدمة، لم يعتقد معظمهم أن ذلك سيؤثر على وظائفهم أو يتطلّب سياسات حكومية جديدة.
تحيّز "الحصانة" يعزّز الثقة
وتتوافق هذه النتائج مع دراسة إسبانية حديثة حول ما يُعرف بـ"تحيّز الحصانة"، بحيث يميل الأفراد إلى الاعتقاد أن الأتمتة ستؤثر على الآخرين أكثر من تأثيرها عليهم. ويدعم ذلك استطلاع سابق لمركز "بيو" أظهر أن 62% من الأميركيين يرون الذكاء الاصطناعي مؤثراً على الوظائف عموماً، في مقابل 28% فقط يعتقدون أنه سيطاول وظائفهم شخصياً.

الحاجة إلى وعي عملي مباشر
وتشير الأبحاث مجتمعة إلى أن التحذيرات النظرية ليست كافية. فالوعي بالمخاطر يرتفع عندما يختبر العاملون أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل مباشر ويدركون قدراتها الحقيقية. ويحذر الباحثون من أن غياب القلق قد يجعل المجتمعات غير مستعدة لتداعيات أوسع إذا تسارعت وتيرة الأتمتة.
ويبقى السؤال مطروحاً: هل سيثبت تفاؤل العاملين أنه قدرة حقيقية على التكيف… أم أنه ثقة قد تتبدّد أمام تغيرات أسرع مما يتوقعون؟
نبض