عقوبات الأمم المتّحدة تزيد من مخاطر الرّكود وتجدّد الاضطرابات في إيران

يقول مسؤولون ومحللون إن الاقتصاد الإيراني يواجه خطر حدوث تضخم مفرط وركود عميق في آن واحد، في الوقت الذي يسعى فيه الحكام الدينيون للحفاظ على الاستقرار في ظل محدودية الخيارات المتاحة لهم بعد إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة.
ويأتي ذلك بعد انهيار المحادثات الرامية للحد من أنشطة إيران النووية المثيرة للخلاف وبرنامجها للصواريخ البالستية. ويقول الجانبان الإيراني والأميركي إن حل الأزمة عبر السبل الديبلوماسية لا يزال ممكناً، على الرغم من أن الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي رفض عرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب إبرام اتفاق جديد.
وقال ثلاثة مسؤولين إيرانيين كبار، تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، إن طهران تعتقد أن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين وإسرائيل يشددون العقوبات لتأجيج الاضطرابات في إيران وتعريض وجود الجمهورية الإسلامية للخطر.
وقال المسؤولون لـ"رويترز" إنه منذ إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة في 28 سبتمبر/أيلول، عُقدت اجتماعات عدة عالية المستوى في طهران بشأن كيفية تفادي الانهيار الاقتصادي وكذلك الالتفاف على العقوبات ومعالجة الغضب الشعبي المتصاعد.
وأدت الفوارق الاقتصادية الآخذة في الاتساع بين الإيرانيين العاديين والنخبة الدينية والأمنية، بالإضافة إلى سوء الإدارة الاقتصادية والتضخم المتسارع والفساد، الذي تناقلته حتى وسائل الإعلام الرسمية، إلى تأجيج السخط.
وقال أحد المسؤولين الثلاثة "المؤسسة الحاكمة تعلم أن الاحتجاجات حتمية، إنها مسألة وقت فقط... المشكلة تتفاقم، بينما تتقلص خياراتنا".
وتعتمد القيادة الإيرانية اعتماداً كبيراً على "اقتصاد المقاومة"، وهي استراتيجية للاكتفاء الذاتي وتعزيز التجارة مع الصين وروسيا وبعض دول الجوار. وتدعم موسكو وبكين حق إيران في الحصول على الطاقة النووية للأغراض السلمية، وندد البلدان بالضربات الأميركية والإسرائيلية على ثلاثة مواقع نووية إيرانية في يونيو/حزيران.
لكن المحللين يحذرون من أن مثل هذه الحلول قد لا تكون كافية لحماية البلد المترامي الأطراف الذي يبلغ عدد سكانه 92 مليون نسمة من الضربة الاقتصادية المتجددة.
وقال أومود شكري، المحلل في مجال الطاقة وزميل زائر بارز في جامعة جورج ميسون بالقرب من واشنطن "سيكون تأثير عقوبات الأمم المتحدة شديداً ومتعدد الأوجه، ما يفاقم نقاط الضعف الهيكلية والمالية التي تعانيها البلاد منذ فترة طويلة".
وأضاف "تواجه الحكومة صعوبات كبيرة للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، إذ تُعطل العقوبات الشبكات المصرفية وتُقيد التجارة وتحد من صادرات النفط - مصدر الدخل الرئيسي للبلاد - ما يؤدي إلى تصاعد الضغوط الاجتماعية والاقتصادية".
شريان الحياة النفطي تحت التهديد مع عودة العقوبات
تجنبت إيران الانهيار الاقتصادي التام منذ عام 2018 عندما أعلن ترامب خلال ولايته الأولى انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع ست قوى عالمية عام 2015، وكذلك إعادة فرض العقوبات الأميركية.
لكن أحد المسؤولين الإيرانيين الثلاثة قال إن إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة الأوسع نطاقاً تسببت في صدمات من شأنها إعاقة النمو الاقتصادي وتسريع التضخم وانهيار الريال الإيراني، ما يدفع الاقتصاد نحو دوامة الركود.
وانكمش الاقتصاد الإيراني بحدة بعد عام 2018 بسبب إعادة فرض العقوبات الأميركية. وانتعش في عام 2020 ليسجل نمواً متواضعاً في بعض الأحيان، ويعود ذلك كثيراً إلى تجارة النفط مع الصين.
لكن البنك الدولي توقع هذا الشهر انكماش الاقتصاد الإيراني بنسبة 1.7 بالمئة في عام 2025 و2.8 بالمئة في عام 2026، بانخفاض حاد عن توقعات للبنك في أبريل/نيسان بنمو الاقتصاد الإيراني 0.7 بالمئة العام المقبل.