الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

كيف سيخلق الميتافيرس أشكالاً جديدة من الاحتيال والخداع؟

المصدر: "النهار"
أحمد البغدادي
أحمد البغدادي
ميتافيرس "النهار" / ديما قصاص
ميتافيرس "النهار" / ديما قصاص
A+ A-
تخيّل أن تكون في الميتافيرس، وفجأةً تجد شخصية افتراضية "أفاتار" شبيهة بك تقف أمامك. كيف ستتصرّف؟ 
 
 
نحن البشر مهووسون بالتقنيات التي تطمس الحدود بين الحقيقة والخيال. في الواقع، إن أحد أكثر المجالات قدرةً على خداعنا هو الميتافيرس. فعندما يتعلّق الأمر بتقنية الواقع الافتراضي والمعزّز فإن الهدف هو خداع الحواس. هذا يجعل المحتوى الذي يتم إنشاؤه في هذا العالم يبدو شبيهاً بالعالم الحقيقي.  
 
 
تُستثمر عشرات المليارات من الدولارات لتطوير العوالم الافتراضية، بينما تعمل استثمارات إضافية لملء تلك العوالم بـ"أفاتار" يُحرّكها الذكاء الاصطناعي وتبدو أنها تتصرّف بنحو حقيقي لدرجة أننا لن نكون قادرين على التمييز بين الشخصية الفعلية والافتراضية.  
 
ويعتقد البعض أن لديهم القدرة على التمييز بينهما، ولكن ليس وفقاً لدراسة نشرها أخيراً باحثون في جامعة لانكستر وجامعة بيركلي في كاليفورنيا. فبواسطة شكل متطور من الذكاء الاصطناعي، ابتكر الباحثون وجوهاً بشرية اصطناعية وقدّموا تلك الصور المقلّدة لمئات الأشخاص، جنباً إلى جنب مع مزيج من الوجوه الحقيقية.  
 
وقد وجد الباحثون أن الذكاء الاصطناعي أصبح فعّالاً للغاية، ولم يعد بإمكاننا كبشر التمييز بين الحقيقة والعالم الافتراضي. وطلب الباحثون أيضاً من الأشخاص الخاضعين للاختبار تقييم "مصداقية" كل شخص بحسب الصور، فاكتشفوا أننا نجد الوجوه التي أُنشئت بواسطة الذكاء الاصطناعي أكثر جدارة بالثقة.  
 
 
هذا الأمر قد يصبح مصدراً للقلق، ويتيح فرصاً عديدة للقراصنة للقيام بعمليات احتيالية. ليس ذلك فحسب، بل قد تكون هذه التقنيّة مضللة ومخادعة للمستخدمين. فما المخاطر التي قد تواجهنا في هذا العالم الافتراضي الواسع؟ 
 

المعلومات المضللة والخداع 
 
تخيّلوا مرشّحاً سياسياً يلقي خطاباً أمام ملايين الناس، فيما يعتقد كل مشاهد أنه يرى نفس النسخة، إلا أن كل مستخدم يراها مختلفة قليلاً. فكل مشاهد يرى نسخةً عُدّلت بمهارة لتشبهه. ويتم ذلك عبر مزج ملامح وجه كل مشاهد بملامح المرشح دون إدراكهم أنه جرى التلاعب بشكل الشخصية الافتراضية، وبذلك يتأثر المشاهدون. وفي هذه الحالة، فإن كل فرد من الجمهور يميل إلى المرشح أكثر ممّا لو كان بدون أيّ تلاعب رقمي. 
 
وقد أثبتت إحدى الدراسات أنه حتى لو دُمج 40% من ملامح المشاهد في وجه المرشح، فإن المشاهدين لن يكونوا على دراية بأن الصورة قد جرى التلاعب بها. وفي الميتافيرس، من السهل تخيّل هذا النوع من المحاكاة على نطاق واسع. 
 
 
التضليل مقابل الأصالة "مواقع المنتجات الافتراضية": 
 
ستُنشر الإعلانات في الميتافيرس كأنشطة ترويجية تدخل في بيئة العالم الافتراضي لتصبح جزءاً منه. وسيُستهدف المستخدمون منفردين بهذه الإعلانات، في أوقاتٍ وأماكن محدّدة. بمعنى آخر، لن يرى الآخرون من حولك نفس المحتوى الترويجي، بل سيرى المستخدمون القريبون منك عناصر ترويجية مختلفة مخصّصة لهم عوضاً عن ذلك. 
 
 
 
إن لم يتمكن المستخدمون من التمييز بسهولة بين التجارب الأصلية والمحتوى الترويجي المستهدف، فقد يصبح الإعلان في الميتافيرس "مفترساً"، مما يخدع المستخدمين للاعتقاد بأن المنتجات أو الخدمات أو الأنشطة التي يرونها شائعة في مجتمعهم فيما هم في الواقع يرون محتوى ترويجياً مخصّصاً لمحيطهم. 
 
 
 
التضليل مقابل الأصالة "المتحدّثون الرسميون الافتراضيون": 
 
في الميتافيرس، سيتجاوز المحتوى الترويجي الأشياء الجامدة أو الشخصيات الصامتة إلى الـ"أفاتار" التي يحرّكها الذكاء الاصطناعي والتي تشارك المستخدمين في محادثة ترويجية. ومن المحتمل أن يستهدف المتحدثون الافتراضيون المستخدمين بطريقتين مختلفتين، إما من خلال المشاركة المباشرة أو بطريقة مستترة.  
 
 
 
ففي الحالة المستترة، قد يلاحظ المستخدمون المستهدفون شخصيات افتراضية تجري محادثة في الميتافيرس حول منتج أو خدمة ما. وقد يفترض الشخص المستهدف أن هؤلاء هم مستخدمون عاديون، دون أن يدرك أن طرفاً ثالثاً أضاف هذه الشخصيات الافتراضية كشكل خفيّ من الإعلانات. 
 
 
 
أما في حالة المشاركة المباشرة، فسيكون مقدمو الخدمات أكثر إقناعاً عند إشراك المستهلكين مباشرةً في المحادثات الترويجية. ويمكن أن لا يدرك المستخدم أنه يتحدث إلى شخصية تعتمد على الذكاء الاصطناعي مع أجندة مقنعة مخطّطة مسبقاً. 
 
 
 
التوأم الرقمي: 
 
غالباً ما يُشار إلى تكرار مظهر وصوت شخصٍ ما في الميتافيرس على أنه إنشاء "توأم رقمي". وكان الرئيس التنفيذي لشركة "NVIDIA"، جنسن هاونغ، قد ألقى خطاباً باستخدام هذه التقنية. وذكر أن قدرة محركات الذكاء الاصطناعي على التحكم بنحو مستقل بالتوأم الرقمي سوف تمكن المستخدمين من أن يكونوا في أماكن متعدّدة في وقتٍ واحد.  
 
 
هذه التقنية ستكون بمثابة الكأس الذهبية للمقرصنين، الذين سيسعون إلى إنشاء نسخ افتراضية شبيهة بمستخدمي العالم الافتراضي بهدف استعمالها لغايات احتيالية. هذا النوع من سرقة الهوية في الميتافيرس هو واقع، حيث إنه اندماج مباشر للتقنيات الحالية المطورة للتزييف العميق، ومحاكاة الصوت، والتوأمة الرقمية، والـ"أفاتار" المتحكم من قبل الذكاء الاصطناعي.  
 
 
 
سوف يستهلّ الميتافيرس عصراً جديداً من التخصيص الشامل للتأثر والتلاعب. وسيوفر مجموعة قويّة من الأدوات للتلاعب بنا بفعالية وكفاءة. والأمر الأكثر أهمية هو القدرة على الجمع بين التلاعب الفردي والجماعي بطريقة لم تكن ممكنة من قبل.  
 
في النهاية، تتمتع تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز والذكاء الاصطناعي بالقدرة على إثراء المجتمع. لذلك يجب علينا ألا ننتظر حتى تتحقق هذه المخاطر بالكامل للنظر في وسائل الحماية المناسبة لها.  
 
في المحصلة، لا شك في أنه يمكننا الاستفادة من فوائد الميتافيرس مع تقليل احتمال حدوث أضرار كبيرة. 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم