الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

ما هي التأثيرات السلبية لعالم الـ"ميتافيرس"؟

المصدر: النهار
الميتافيرس"أ.ف.ب"
الميتافيرس"أ.ف.ب"
A+ A-
يربط الكثيرون بين التقدّم التكنولوجي والتطوّر المجتمعيّ، ويعتبرون الأول دليلاً على الثاني، بالرغم من أنّ الغموض يسود - في أغلب الأحيان - حول الكيفيّة أو الدرجة التي قد تؤثّر فيها تقنيّة ناشئة في عالمنا. 
 
فعلى سبيل المثال: يستخدم مليارات الأشخاص في العالم اليوم منصَّات التواصل الاجتماعي، في الحين الذي يستمرّ المشرِّعون في البحث عن تشريعات تواكب التطوّر التقنيّ؛ وذلك بالتزامن مع توالي الدراسات التي تُلقي مزيداً من الضوء على الآثار السلبيّة لهذه المنصّات على المجتمعات والمستخدمين. 

وهذا ما يتوقَّع حدوثه في السنوات القليلة المقبلة نتيجةً لإطلاق منصّة الـ"ميتافرس". 

في ما يأتي بعض الطُرق التّي يُمكن أن تؤدِّي بها الـ"ميتافرس" إلى تفاقم الآثار السلبيّة لوسائل التواصل الاجتماعي. 

 
1. زيادة الضغوطات وعامل المقارنة الاجتماعية
 

"أ.ف.ب"
 
ليس من غير المألوف أن يشعر الناس بأنّهم ليسوا جيّدين بما يكفي عقب استخدامهم وسائل التواصل الاجتماعي. فلقد وجد الباحثون ترابطاً بين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وضغوط المقارنة الاجتماعيّة. 
 
في الواقع، وجدت دراسة أجريت في العام 2014، نشرتها مجلة "علم النفس الاجتماعي والإكلينيكي" أن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي "يشعرون بالاكتئاب بعد قضاء وقت طويل على فيسبوك، لأنّهم يشعرون بالسّوء عند مقارنة أنفسهم بالآخرين". 
 
إن الطريقة المنسّقة والمختارة لعرض المحتويات والخلاصات عبر الوسائط الاجتماعية تزيد من الضغوطات، نظراً لكونها تنشر بطريقة معيّنة، وتُلقي الضّوء على إنجازات أو معالم معيّنة. 
 
ومن الممكن أن يؤدِّي الـ"ميتافرس" إلى تفاقم هذه المشكلة. وقد تؤدِّي النتيجة المباشرة لامتلاك الحريّة والقدرة على تصوير نفسك من خلال الصّورة الرمزيّة إلى زيادة الشّعور بالاستياء. 
 
وقد بحثت إحدى الدراسات التي أجراها باحثون في جامعة جنوب أوستراليا في كيفيّة تأثير نشر صور سيلفي على وسائل التواصل الاجتماعي، والقدرة على إدخال التعديلات على الصور، فأشارت إلى أن عدد الصّور التي يلتقطها المستخدم، ويتشاركها على مواقع الشبكات الاجتماعية، يحمل عامل خطر مرتبطاً بالاستيعاب والمقارنات. 
 
وبعبارة أخرى، لا حرج في استخدام المرشحات (filters)، ولكن الاضطرار إلى تنسيق صورتك ومشاركتها قد يزيد الضغوط بسبب الرغبة في الظهور بطريقة معيّنة. 
 
وفي الـ"ميتافرس"، حيث سيكون وجودك الرقميّ ضروريّاً من خلال الصّورة الرمزيّة الخاصّة بك، قد يزداد القلق بشأن المظاهر. 

 

2. المخاطر المحتملة للإدمان
 
 "أ.ف.ب"

نحن نعلم أن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تسبِّب الإدمان لبعض الناس. وتقوم الشركات بتعديل الخوارزميات عمداً لإبقاء المستخدمين على المنصة وإطالة أمد مشاركتهم لأطول فترة ممكنة. 

وكلما زاد الوقت الذي يقضيه المستخدم على نظام أساسي لوسائل التواصل الاجتماعي، زاد عدد الإعلانات التي يمكن عرضها - ممَّا يكسب النظام الأساسي المزيد من الأموال. 

هذا هو إلى حدٍّ ما نموذج العمل الكامل لجميع منصَّات الوسائط الاجتماعية. وليس من الغريب أن نفترض أن الـ"ميتافرس" سيتَّبع نفس نموذج العمل. هذه المرة فقط، سيكون من المستحيل تجاهلها. 

فمن الممكن أن يوفر العالم الافتراضي تحفيزاً مستمرَّاً وتجارب جديدة غير محدودة. وإن العيش في مثل هذه البيئة ومقارنتها مع الواقع الحقيقي سيؤدِّي إلى الشعور بأن الواقع سطحي وغير مرضٍ. 

ويمكن أن يترك هذا بعض المستخدمين عرضةً للخطر، حيث تعمل الخوارزميات على الاستحواذ على اهتمامهم أو جذبهم مرة أخرى إلى الاستمرار. 

 

3. تفاقم التنمُّر الإلكتروني
 
"أ.ف.ب"
 
لقد رأينا عدداً لا يحصى من العناوين الرئيسية حول كيفية تأثير التنمُّر عبر الإنترنت على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي وكيف تكافح هذه المنصات للحدّ من المضايقات. فإنه أحد أكبر الأسباب التي تجعل بعض الأشخاص يختارون تجنُّب استخدام وسائل التواصل الاجتماعي تماماً. 

ونظراً لكون الـ"ميتافرس" أكثر شمولاً، فمن المرجَّح أن المضايقات في مثل هذا العالم الرقمي ستزيد الشعور بالتهديد والألم. 

ولقد تم بالفعل الإبلاغ عن حالة مضايقة في لعبة "Meta VR Horizon Worlds"، حيث أبلغ أحد مختبري الإصدار التجريبي: 

 
"التحرُّش الجنسي ليس مزحة على الإنترنت، لكن التواجد في الواقع الافتراضي يضيف عاملاً آخر يجعل الحدث أكثر حدَّة. ليس اتعرض للمس فقط الليلة الماضية، بل تواجد أشخاص أخرون وقاموا بدعم هذا السلوك،ما جعلني أشعر بالعزلة في البلازا". 
 
مثل هذه الحالات لا تتوافق بشكلٍ جيد مع الصورة التي تحاول "ميتا" ومطوِّرون آخرون بناءها من أجل الـ"ميتافرس". 

بدون سياسات وتشريعات صارمة، يمكن لحالات مثل هذه أن تتضاعف بسهولة وتجعل الناس يمتنعون عن تجربة التكنولوجيا الجديدة وغير راغبين بمعرفة إمكاناتها. 

 

4. صعوبة مراقبة المحتوى
 
"أ.ف.ب"
 
تميل المعلومات المضلِّلة إلى الانتشار بسرعة كبيرة، لا سيما عند توفُّر الوسائل اللازمة. أن يكون لديك فريق من الوسطاء ينظِّمون منصة وسائط اجتماعية مثل "فايسبوك" هو أمر، وإدارة عالم افتراضي بأكمله هو أمر آخر. 

إن القوى العاملة والخوارزميات المطلوبة لتعديل شيء بهذه الضخامة يمثِّل تحدياً هائلاً. بحلول الوقت الذي يتم فيه اتخاذ أي تدابير تنظيمية، من الممكن أن تكون المعلومات الخاطئة والخداع والسرقة والمحتوى العنيف قد أحدثت بالفعل ضرراً كبيراً. 

بالنظر إلى أن الإشراف على الاتصالات النصية ومقاطع الفيديو هو بالفعل مهمة صعبة للعديد من الأنظمة الأساسية، فمن غير الواضح ما هي الخطط لتعديل العوالم الرقمية حيث سيتواصل المستخدمون بشكلٍ أساسي من خلال الصوت في الوقت الحقيقي وصور الواقع الافتراضي. 

 

5. الإعلانات وجمع البيانات ستصبح أكثر تدخلاً
 
"أ.ف.ب"
 
عند اتخاذه شكله المطوَّر بالكامل، قد ينتهي الأمر بأن يكون الـ"ميتافرس" المكان الذي يقضي فيه الكثير منا معظم أوقاته. هذا يعني أن كل شيء نقوم به تقريباً سيتم رقمياً، من التسوُّق عبر الإنترنت إلى ممارسة الألعاب والتعرُّف إلى أشخاص جدد. 

بمجرد استخدامك الهاتف، تتعقَّب الشركات بالفعل أشياء مثل الوقت المستغرق، ومصطلحات البحث، وأشكال التفاعل الأخرى التي تقوم بها. وفي العالم الافتراضي، ستكون إمكانية البحث في البيانات أوسع لأن أفعالك وأجهزتك تترك وراءها المزيد من البيانات. 

ويمكن استخدام كل هذه البيانات لإنشاء نماذج تفصيلية ودقيقة لشخصيتك وأنماط سلوكك - يمكن بيعها جميعاً للمعلنين لإغراقك بإعلانات مخصَّصة تبعاً لاهتماماتك، في أوقاتٍ معيَّنة وغاياتٍ محدَّدَة. 

 

نظام الـ"ميتافرس" يحتاج إلى تشريع منذ اليوم الأول. 

بينما نتَّفق على أن المعنى الحقيقي سيكون إنجازاً، بل إنجازاً ضخماً، إلا أنه لا يمكننا أيضاً إنكار مخاطره. والأخطار التي يشكِّلها حقيقية للغاية بحيث إنه لا يمكن تجاهلها. كما أن الجدل السائد حول "ميتا" لا يساعد في بناء عامل الثقة في النظام أيضاً. 

إذا كان بناء الـ"ميتافرس" أمراً لا مفرَّ منه، فيجب أن يتم ذلك بحذرٍ وصبر. 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم