لماذا يا إلهي؟

لماذا هناك أطفال مشردون؟ وما ذنب الطفل البريء أن يواجه الجوع والبرد والعذاب؟ وما ذنب طفل يُولد مريضاّ ويعاني من أوجاع وألم وقد يحتاج إلى عمليات جراحية ولا يملك أهله المال فيحيا بتأوّه ومخاض ما بين الحياة والموت؟ وما الفعل الشنيع الذي اقترفه حتّى يلقى هذا الأسى والعذاب؟ ما ذنب الصغار من حرب الكبار حتى يعانون من الإصابات والعاهات ويلقون حتفهم بين الركام وتحت أنقاض الإسمنت؟ وكم ظالم المجتمع، وكم هو جائر وطاغ في الحكم على ولد جائع مد يده ليتناول رغيف أو قطعة حلويات غصبه الخمص والسعار إلى سرقة ما يسدّ به جوعه فتنهال عليه الشتائم والصفعات العنيفة والسجن بينما زعماؤهم وحكّامهم والنافذون في ما بينهم يسرقون موارد الوطن ويعقدون الصفقات المشبوهة الفاسدة ويغتالون مستقبل الأجيال ويبيعون كرامات الناس ولا يلقون من أفعالهم هذه سوى التبجيل والتبخير والتصفيق حتى يكاد يصنفونهم أحياناً في مصاف القديسين والأنبياء.
لماذا يا إلهي تسمح بحصول هذه الأمور لأولادك الفتية الأبرياء، أنقياء القلوب؟ لماذا يا سيدي لا تحميهم من كلّ هذه المصائب والبلايا وتبعد عنهم كلّ الجراح النفسية والجسدية؟ أفليسوا ملائكتك على هذه الأرض؟ أليسوا هم نور الخير ونبضات قلبك في هذا العالم؟ يا ربّي الحنون من الممكن أن يكون مقدار الفكر لدينا لا يستوعب مخططاتك للكون والوجود، ولا سرّ الحياة التي وهبتنا لها، ولكن أناجيك من فؤادي وما تنضح به روحي أن تحمي أطفالاً لا ذنب لهم في كلّ ما يجري في هذا العالم، وليسوا هم سوى طيور الطهارة والقيم والمحبة الصادقة في مجتمعنا، فبدونهم لا معنى للإنسانية أبداً.