عهود وخواتم
26-10-2022 | 00:40
المصدر: "النهار"
"كانت مظاهر الشقاء والألم لا تزال ظاهرة على مواطنينا. لكنهم لم يعودوا يشعرون بوخز ذلك الألم. إنّ تعوّد اليأس أصعب من اليأس نفسه"كامو جميعنا في انتظار الرئيس الرابع عشر. وما من أحد منّا يعرف الى متى، فقد يهلّ في اليوم الأول من مقتضى الدستور، وقد لا يهلّ ولا يطلّ ولا يقتضي إلا بعد أن يشبع الدستور إهانة، والاستقلال مهانة، والسيادة "مرقعة". كلها حالات اعتدنا وتعوّدنا عليها، وصار القانون هو المفاجأة. وأدمن اللبناني الذعر من بدايات العهود ومن نهاياتها. كلاهما يأتي من المجهول ويذهب به الى المزيد. القاسم المشترك الوحيد في هذا الموعد أنه لم يُرفَق مرة بالهدوء، أو يُمارَس كحالة دستورية طبيعية.أسوأ ما يخشاه الكاتب هو ان يكرر احياناً ما قد كتب من قبل. لكن العودة الى السرد التاريخي تُحتّم ذلك فلا بد من الاعتذار. من أكثر قصص النهايات درامية ما رواه الزميل الراحل فؤاد عبيد. فقد ذهب الى مُنعزل الشيخ بشارة الخوري في الكسليك بعد استقالته، ليطْلع على طريقته في الحياة. وقال له الرئيس السابق: "الأمر بسيط جداً يا بنيّ، فإلى جانب وسادتي كتابان، الانجيل ونهج البلاغة. ومعهما أمضي سكينة هذه العزلة". وبعد زيارة الشيخ بشارة بفترة ذهب فؤاد عبيد ليسجّل مقابلة اذاعية مع الرئيس السابق الفرد نقاش. طرح الأسئلة التي يحملها، وهمّ بالخروج، فاستمهله الرجل قائلاً: "هل أنت مستعجل؟ إذا لم تكن كذلك فابقَ قليلاً أُسمعك كيف أعزف شيئاً من باغانيني". اكتشف الزميل الراحل وهو يُصغي ان الرئيس السابق والقاضي السابق، لم يكن سابقاً أو متقاعداً في الشغف بالموسيقى الكلاسيكية.أكرر، ايضاً مع الاعتذار، ما رويته غير مرة هنا عن الرئيس الفرد نقاش. فقد كنت في شبابي مولعاً بالسينما. وكانت سينما ستاركو تعرض في الصيف فيلماً مختلفاً كل يوم. وكل يوم كنت أذهب لمشاهدة فيلم جديد، فأجد الرئيس نقاش يدخل كأنه هو ايضاً من الهواة. وبسبب جهلي سألت الموظف هناك، أليس لرئيس سابق ما يفعله سوى حضور الافلام؟ واجاب الرجل في شيء من الحزن، ان الرئيس نقاش لا يأتي الى هنا لحضور الفيلم بل كي ينام في التبريد.بعد سنوات طويلة توطدت صداقة طيبة مع...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟
تسجيل الدخول