الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

التدخل الروسيّ في الحرب السوريّة: قواعد عسكرية وتوسّع اقتصادي وثقافيّ

المصدر: "أ ف ب"
مشهد عام من الحدود السوريّة (أ ف ب).
مشهد عام من الحدود السوريّة (أ ف ب).
A+ A-
قلبت روسيا التي تشنّ هجوماً منذ أيام في أوكرانيا، موازين القوى في سوريا لصالح القوات الحكومية منذ بدء تدخلها العسكري العام 2015، بعدما كانت في طليعة القوى التي ساندت دمشق ديبلوماسياً واقتصادياً.

ويُعد الوجود العسكري في سوريا الأكبر لموسكو في الشرق الأوسط منذ سقوط الاتحاد السوفياتي، وقد مكّنها خلال السنوات الأخيرة من توسيع نطاق حضورها العسكري ومجالات استثماراتها.

وجود عسكري 
في أيلول 2015، بدأت روسيا حملة جويّة دعماً للقوات الحكومية التي كانت خسرت مناطق واسعة في البلاد، بينها مدن رئيسية، لصالح فصائل معارضة وتنظيمات جهادية.

غيّر التدخل العسكري الروسي مسار الحرب. خلال سنوات قليلة، وبدعم كذلك من مقاتلين إيرانيين ومن "حزب الله" اللبناني، استعادت دمشق السيطرة على مناطق عدة، بينها كامل مدينة حلب وحمص ومدينة تدمر الأثرية.

وباتت القوات الحكومية اليوم تسيطر على نحو ثلثي مساحة البلد. واستعادت بفضل الدعم الروسي طريقاً استراتيجياً يربط شمال البلاد بجنوبها.

على مرّ السنوات الماضية، شارك أكثر من 63 ألف جندي روسي في العمليات العسكرية في سوريا، وفق موسكو. وليس معروفاً عديد القوات الروسية الموجودة حالياً في سوريا.

ولروسيا قاعدتان عسكريتان في سوريا، قاعدة جويّة رئيسية في مطار حميميم قرب مدينة اللاذقية الساحلية، وأخرى في ميناء طرطوس الذي تستثمره أساساً شركة روسية.

وتحمي القاعدتين منظومتا صواريخ إس-300 وإس-400 الأكثر تطوراً.

تسيطر الطائرات الحربية الروسية على الأجواء السورية في معظم المناطق. وتنطلق من قاعدة حميميم لقصف مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) في محافظة إدلب. كما أوكار مقاتلي "تنظيم الدولة الإسلامية" في البادية السورية.

كذلك شاركت قاذفات من طراز تو-22 وتو-160 وبوارج وغواصات في قصف أهداف في سوريا.

وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، وفق وكالة تاس الروسية في آب، إن غالبية الأنظمة الروسية الحديثة جرى استخدامها في سوريا.

وينشط في سوريا أيضاً مرتزقة تابعون لمجموعة "فاغنر" الروسية شبه العسكرية التي تفرض عليها دول غربية عقوبات، وينتشر عناصر منها في أوكرانيا أيضاً.

تمدّد اقتصادي 
خلال السنوات الماضية، وقّعت موسكو اتفاقات ثنائية مع دمشق وعقوداً طويلة المدى في مجالات عدة أبرزها الطاقة والبناء والنفط والزراعة.

في صيف العام 2019، أقر مجلس الشعب السوري عقداً مع شركة "اس. تي. جي.اينجينيرينغ" المحدودة المسؤولية الروسية لإدارة واستثمار مرفأ طرطوس، الأكبر في البلاد، لمدة 49 عاماً.

وسبق أن فازت الشركة ذاتها بعقد لاستثمار واستخراج الفوسفات من مناجم منطقة تدمر لخمسين عاماً.

وتعدّ هذه الشركة واحدة من أكبر شركات المقاولات في روسيا ويملكها رجل أعمال مقرّب من الرئيس فلاديمير بوتين. وتستهدفها كذلك عقوبات غربية.

وفي آذار 2020، وقعت الحكومة السورية اتفاقاً بقيمة 22 مليون دولار مع شركتين روسيتين لإزالة الألغام وإعادة تأهيل واستكشاف حقل الثورة النفطي من دون دفع ضرائب للحكومة السورية، وفق ما أوردت نشرة "سيريا ريبورت" الاقتصادية الإلكترونية.

وبين أيلول 2019 وكانون الثاني 2020، منحت الحكومة السورية أربعة عقود جديدة للتنقيب عن الغاز لشركات روسية عدّة وفق المصدر ذاته.

وحازت شركة تدعى "كابيتال" على عقد للتنقيب في منطقة بحرية، فيما وقعت شركتا ميركوري وفيلادا ثلاثة عقود للتنقيب في ثلاث بقع بحرية"، وفق ما أوردت النشرة خلال الأسبوع الماضي.

والشركات الثلاث ليست معروفة، وفق المصدر ذاته.

ومع أنّ روسيا لم تمد حليفتها بالدعم المالي المباشر، إلّا أنها تحولت منذ سنوات إلى مصدر رئيسي لاستيراد القمح بعدما أطاح النزاع بقدرة سوريا على تأمين اكتفائها الذاتي كما في السابق.

وعلى ضوء التطوّرات الأخيرة في أوكرانيا، أقرّ مجلس الوزراء السوري في جلسة استثنائية الخميس إجراءات "لإدارة التداعيات المحتملة" وانعكاساتها على سوريا، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

وتتضمن الإجراءات "اتخاذ ما يلزم لإدارة المخازين المتوافرة من المواد الأساسية" مثل القمح وترشيدها خلال الشهرين المقبلين.

توسّع ثقافي 
غداة بدء التدخل العسكري الروسي في سوريا، بدأت صور الرئيس فلاديمير بوتين تنتشر تدريجاً في مناطق سيطرة الحكومة، خصوصاً في المناطق الساحلية حيث القاعدتان العسكريتان الروسيتان.

ترتفعُ صور بوتين الذي زار سوريا مرتين منذ العام 2017، على أعمدة الكهرباء في قرى ريفي اللاذقية وطرطوس ومدن الساحل. وبات مألوفاً رؤية جنود روس يتسوقون في اللاذقية وطرطوس، فيما يبدو ذلك نادراً في العاصمة السورية، باستثناء المناطق القريبة من السفارة الروسية التي باتت بمثابة قلعة محصنة خاضعة لحراسة مشدّدة.

في دمشق، يعلّق البعض صور بوتين إلى جانب عبارة "شكراً روسيا" وأعلاماً روسية على سياراتهم. وتبيع المحال في الأسواق الشعبية تذكارات عليها صور بوتين والعلم الروسي، الذي يمكن كذلك رؤيته وإن بشكل محدود في بعض المؤسّسات الرسمية.

وفي العام 2019، أعيد افتتاح المركز الثقافي الروسي بعد تجديده. وافتتح قربه مقهى صغير يحمل اسم "موسكو" مكتوبة باللغة الروسية.

وأضافت وزارة التعليم السورية اللغة الروسية كلغة ثانوية يمكن اختيارها في بعض المدارس إلى جانب اللغتين الفرنسية أو الإنكليزية.

ويقدّم التلفزيون الحكومي نشرة يومية موجزة باللغة الروسية.

ومنذ بدء العملية العسكرية في أوكرانيا، تغطي القنوات الحكومية والوكالة الرسمية التطورات لحظة بلحظة.
 
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم