الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

أشرف مروان... "الملاك" الذي حيّر الرأي العام المصري

المصدر: "النهار"
القاهرة-ياسر خليل
أشرف مروان... "الملاك" الذي حيّر الرأي العام المصري
أشرف مروان... "الملاك" الذي حيّر الرأي العام المصري
A+ A-



غادر الحياة بشكل غامض، تماما كما عاشها في غياهب العمل السري، بعيدا عن الأضواء. ومع حلول عيد "الغفران" اليهودي، الذي يوافق مرور قرابة 45 عاماً على حرب 6 تشرين الأول 1973 بين مصر وإسرائيل، يتفجر الجدل مجدداً حول الدور الذي لعبه أشرف مروان، في هذه الحرب الفارقة.

ومروان هو صهر الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، ومستشار الرئيس المصري الأسبق أنور السادات.

وتحتدم السجالات حالياً مع صدور فيلم جديد، يعرض حاليا، عن حياته تحت اسم "الملاك"، وخروج بيان رسمي مصري، للدفاع عن السياسي الراحل ضد ما اعتبر أنه تشكيك من رئيس الحكومة الإسرائيلية "في وطنية بعض الرموز المصرية وأبرزهم الراحل أشرف مروان".

حرب جواسيس

ويرى إسلام كمال رئيس مؤسسة كيان لدراسات إسرائيل والصهيونية بالقاهرة أن "ما يحدث ليس إلا جيلاً جديداً من حرب الجواسيس بين مصر وإسرائيل"، ويقول لـ"النهار" إن هذه الحرب تأتي في إطار عقاب مصر المتواصل على نصر أكتوبر (تشرين الأول) الأسطوري ، ومحاولات تشويه هذا النصر الكبير على الإسرائيليين وداعم الأمريكيين".

وطالب كمال الدولة المصرية "بموقف أكثر صرامة ومباشرة في هذه الأزمة، مستغلة الردود الإسرائيلية، والمستوى المفكك لفيلم الملاك الإسرائيلي الأمريكي، وذلك بالتفاخر بإنجاز عملية الخداع الاستراتيجي، التي تدرس في الكليات العسكرية العالمية، ومن ضمن محاورها اللعب على الساعات الأربع الفاصلة بين الموعد الحقيقي، الذي تمت فيه الحرب فعلياً، والموعد الوهمي الذي أبلغهم به أشرف مروان في السادسة مساء".



وأضاف الباحث المتخصص في الشؤون العبرية: "ما لا يعرفه الكثيرون أن نفس المعلومات التي سلمها مروان، هي التي قالها العاهل الأردني الراحل الملك حسين، لغولدا مئير، حينما هلع بمروحيته الخاصة إلى تل أبيب، ليحذر الإسرائيليين من الهجوم المصري والسوري، وبالتالي فمعلومة مروان كانت معروفة" .

"الملاك"

وبدأت شبكة نتفليكس، قبل أيام قليلة، بث فيلم تحت اسم "الملاك"، يتناول الدور الاستخباراتي الذي قام به مروان في حرب 6 تشرين الأول. وتبنى الفيلم وجهة النظر الإسرائيلية التي تعتبر السياسي ورجل الأعمال المصري الثري، الذي كان زوجا لكريمة عبد الناصر (منى) عميلاً لتل أبيب.

وبينما يرى عدد من النقاد والسينمائيين، أن فيلم الملاك "عمل ضعيف، طالب الناقد السينمائي المعروف، طارق الشناوي، الدولة بإنتاج فيلم عن مروان، واعتبره "قضية أمن قومي".

وقال الشناوي في مداخلة مع برنامج "حضرة المواطن" على قناة "الحدث اليوم" المصرية إن "فيلم الملاك يروج لأكاذيب"، داعياً إلى "ضرورة تصحيح صورة أشرف مروان أمام العالم أجمع".

تضارب في الآراء

ويمتد التضارب في الآراء حول حقيقة مروان، إلى داخل مصر نفسها، فبعض المتخصصين يقولون إنه هو من أبلغ إسرائيل بموعد الحرب، ومن بينهم اللواء محمد رشاد وكيل الاستخبارات العامة السابق، الذي قال في لقاء إعلامي، إن مروان كان يحمل اسم العميل "أ1"، نظرا لأهمية المعلومات التي يقدمها، وقربه من مركز صنع القرار.

وذكر أنه "أبلغ الإسرائيليين في 5 تشرين الأول من العام 1973 بموعد الهجوم المصري، وقال لهم إن القوات المصرية ستبدأ هجومها في السادسة من مساء 6 تشرين الأول" أي قبل 4 ساعات من الهجوم الذي حدث بالفعل في الساعة الثانية.

لكن الباحث في الشؤون العبرية، أكد أن "هذا التسريب كان مقصودا من قبل الرئيس السادات، الذي سرب معلومات مطابقة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلية في حينها، جولدا مائير عبر العاهل الأردني الراحل الملك حسين" على حد قوله.

دفاع رسمي

ودافعت الهيئة العامة للاستعلامات في مصر -وهي جهة رسمية منوطة بالإعلام والعلاقات العامة للدولة المصرية- عن مروان، واعتبرته "آخر أبطال حرب أكتوبر". وجاء دفاعها ردا على تدوينة نشرها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قائلا: "قبل 45 عاما أخطأت الاستخبارات العسكرية حين فسرت بشكل خاطئ النوايا المصرية والسورية لشن حرب علينا. حين اتضحت صحة تلك النوايا أرتكب النسق السياسي خطأ كبيرا حين لم يسمح آنذاك بشن ضربة استباقية. لن نرتكب هذا الخطأ مرة أخرى أبدا".

وردت الهئية في بيانها، الذي نشر مساء أمس: "كعادته ..غرّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على حسابه بتويتر بمناسبة (عيد الغفران) وذكرى مرور 40 عاما على اتفاقية كامب ديفيد، معترفا بفشل الاستخبارات الإسرائيلية في توقع قيام المصريين بحرب أكتوبر (تشرين الأول)، كما أعترف بتكبد إسرائيل خسائر فادحة نتيجة الحرب .

وأضافت: "هذه التغريدات تكشف بما لا يدع مجالا ًللشك... الادعاءات المشككة في وطنية بعض الرموز الوطنية المصرية أبرزهم الراحل أشرف مروان، والذي نعتبره آخر شهداء حرب أكتوبر، الذي حاول الموساد الإسرائيلي التشكيك في ولائه لوطنه، من خلال فيلم الملاك الذي يعرض الآن، كما أنها اعترافا ضمنيا بقوة ونجاح خطة الخداع الاستراتيجي بقيادة الشهيد أنور السادات" .

"تسريب اسمه"

ولم يكن الرأي العام المصري سمع باسم أشرف مروان قبل أن يصدر رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق أيلي زعيرا، كتابه "حرب أيام الغفران" في التسعينيات.

ومع أن زعيرا لم يذكر اسم مروان صراحة في كتابه، إلا أن الإعلام الإسرائيلي أشار إليه صراحة. وفي العام 2004 اتهم رئيس الموساد الإسرائيلي الأسبق، تسفي زمير، زعيرا بأنه هو من سرب اسم أشرف مروان.

وتوفي مروان عام 2007، وأثارت وفاته الكثير من علامات الاستفهام التي ما زالت قائمة حتى اليوم، حيث وجد ميتاً تحت شرفة منزله في لندن، وقالت التحقيقات إنه انتحر، لكن أسرته وعدد من المقربين منه -بمن فيهم زوجته منى جمال عبد الناصر- أكدوا أنه لا يمكن أن يقدم على الانتحار، فهو رجل "لديه ما يعيش من أجله".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم