وحش هوليوود... التحرّش الجنسي لا يبدأ معه ولا ينتهي عنده!
وتعتبر هوليوود عموماً من الساحات الحافلة بمثل هذه الممارسات، بسبب وجود نجمات كثيرات يعتبرن هذه التحرشات بمثابة الضريبة الواجب دفعها بدلاً للشهرة، في قطاع يعتمد النجاح فيه بدرجة كبيرة على العلاقات العامة والشكل وأمور لا ترتبط حصراً بالكفاءة، ولكن ثمة مهن أخرى كثيرة، بعيدة من الاضواء تشهد على دناءة رجال نافذين يستغلون مناصبهم ونفوذهم لاشباع رغباتهم.
منذ انفجرت فضيحة واينستين في الخامس من تشرين الاول مع نشر صحيفة "النيويوك تايمس" تحقيقاً مطولاً تضمّن شهادات لممثلات بينهنّ آشلي جود، وروز ماغوين، توالت الفضائح التي أدت الى طرد المنتج من الشركة التي أسسها وصولاً إلى تخلي عدد من محاميه عن الدفاع عنه.
وبعد "النيويورك تايمس"، نشرت مجلة "نيو يوركر" تحقيقاً آخر تضمّن شهادات عدة أخرى من ممثلات تحرّش بهن واينستين، إلى جانب نشر سجيل صوتي للعارضة الإيطالية أمبرا باتيلانا غوتيريز كان اعتبر قبل عامين "دليلاً غير كافٍ لادانة" المنتج.
والخميس، صارت شرطة لوس أنجلس الجهة الاخيرة التي تفتح تحقيقاً في سلوك المنتج الاميركي، وذلك بتهمة تحرش جنسي محتمل عام 2013. والمدعية هي بحسب صحيفة "لوس أنجلس تايمس" ممثلة ايطالية في الثامنة والثلاثين، واغتصبها واينستين بعدما اقتحم غرفتها في الفندق.
ومع أنها الدعوى الاولى ضد أحد أباطرة الإنتاج السينمائي ومؤسس شركة ميراماكس للإنتاج ، تتّهمه فيها بالتحرّش بها ، فان الشرطة في نيويورك ولندن تحقق في ادعاءات بتعديات جنسية في هاتين المدينتين.
ويوم الخميس، انضمت الممثلة لوبيتا نيونغو الحاصلة على جائزة أوسكار، الى قائمة المشتكين على وينستين، متهمة اياه بالتحرش بها في بيفرلي هيلز التي لم تفتح تحقيقاً معه بعد.
ويغيب واينستين (65 سنة) عن النظر منذ أسبوع. وهو طرد أخيراً من أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة، كما بدا منتجو "غيلد أوف أمريكا" اجراءات طرده. كذلك، سحب معهد الفيلم البريطاني وساماً منحه للمنتج الاميركي عام 2002 لمساهمته في السينما البريطانية. ويبدو أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ينوي تجريده من وسام فرنسي.
وجاءت آخر الصفعات من المخرج الأميركي كوينتن تارانتينو الذي شارك واينستين في أكثر أفلامه خلال السنوات العشرين الاخيرة، إذ خرج الاخير عن عن صمته ليقر بأنه كان على علم بالممارسات المشينة لزميله دون أن يحرك ساكناً رغم قدرته على وقف ذلك.
بيل كوسبي
في السنوات الاخيرة، كثرت القصص المشابهة لفضيحة وينستين. من الرئيس التنفيذي لشركة "فوكس نيوز" روجر أيلز والمذيع في الشبكة نفسها بيل أوريلي الى الممثل الشهير بيل كوسبي، شخصيات كثيرة فضحت بعدما قررت نساء كسر الصمت وفضحهن.
واتخذت الصرخة النسائية الاحد شكلاً جديداً عندما غرق "تويتر" برسائل من نساء استخدمن هاشتاغ #MeToo (أنا أيضاً) للاعتراف بأنهن عانين تحرشات أو تعديات جنسية. وقد استوحيت الحملة من ملصق للممثلة أليسا ميلانو.
وقد استخدمت الهاشتاغ ملايين النساء حول العالم ينتمين الى كل المهن، وبينهم المغنية الليدي غاغا، وزعيمة الديموقراطيين في مجلس النواب الاميركي نانسي بيلوسي، والشاعرة نجوى ذبيان.
وانضمت الكاتبة الفرنسية أريان فورنيا، وهي ابنة الوزير السابق اريك بيسون الى الحملةـ متهمة الوزير الاشتراكي السابق والعضو في المجلس الدستوري بيار جوكس بالتحرش بها جنسياً في ربيع 2010. وأرفقت اتهامها بهاشتاغ #Moi Aussi .
قصص مرعبة
وإذا كان المنتج الهوليوودي هو سبب مباشر وراء الحملة الاخيرة، تقول المحامية في شؤون التحرش أن فرومولز لـ "وكالة الصحافة الفرنسية" إنها سمعت قصص مرعبة "تأتي من قطاعات أقل بعيدة من عالم الاضواء، مثل المطاعم والزراعة التنظيف"، حيث يعمل أشخاص مهمشون ولا يحملون أوراقاً.
ويتندر المحامون بالقول إنه في الاعمال التي تكون فيها أسرّة مثل الفنادق أو المستشفيات، تحصل هذه الامور أيضاً. كما أن أماكن العمل التي يهيمن عليها رجال نافذون لا رقيب عليهم، كما في الحال مع بعض أعلام القانون أو شركات التكنولوجيا الكبرى تثير أيضا اشكالية في هذا الإطار.

وفي شباط الماضي، كشفت مهندسة سابقة في شركة "اوبر" لخدمات الأجرة أنها تعرضت للتحرش الجنسي ما أدى إلى تنحي رئيس الشركة ترافيس كالانيك في قضية حظيت بتغطية اعلامية كبيرة. كما أن مديراً في صندوق "بايناري كابيتل" الاستثماري اضطر هو ايضاً الى التنحي نهاية حزيران بعد اتهامات من ست مستثمرات بمحاولته التقرب منهن جنسيا فيما كن يسعين للقيام بصفقات مالية مع الصندوق.
وفي عالم السياسة الذي لا يزال يهيمن عليه الرجال، وقعت أكثر من 140 امرأة ناشطة في الشأن السياسي أو في مجموعات الضغط أو المجال الاستشاري أخيرا رسالة مفتوحة في كاليفورنيا اشتكين فيها من تعرضن لمضايقات جنسية من سياسيين.

وجاء في الرسالة "كفى! (...) كل واحدة منا تعرضت أو شهدت أو عملت مع نساء تعرضن لشكل من أشكال السلوك الذي يجردهن من انسانيتهن من جانب رجال نافذين في العالم". وقد تكون الدعاوى التي رفعت ضد الرئيس الاميركي دونالد ترامب نموذجاً في هذا الشأن. لا تخرج فضيحة مونيكا ليوينسكي التي تورط فيها الرئيس الاميركي الاسبق بيل كلينتون عن هذا الاطار.
وخلص تحقيق نشرته مجلة "كو.موبوليتان" عام 2015 وشمل أكثر من 2200 امرأة أن واحدة من كل ثلاث نساء تعرضت لشكل من أشكال التحرش الجنسي في العمل بما يشكل "محاولات التقرب الجنسي أو طلب خدمات (جنسية) أو غيرها من خطوات لفظية أو جسدية ذات طبيعة جنسية غير مرغوب بها". وثلاثة أرباع هذه الحالات لا تقدم على خلفيتها أي شكوى ولا يبلّغ عنها.
...كشفت الحملة التي بدأت على خلفية فضيحة واينستين وعياً جديداً وثقافة تناقض التستر الذي كانت تعتمده ضحايا آفة التحرش الجنسي. فهل تكون هذه الحملة رد فعل موقتاً أم تتحول سياسة جديدة لجيل أقل اذعاناً وأكثر جرأة؟.