الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

الحياة سرابٌ تخيليّ يلمّح للإنسان أن أمامه فرحاً وسعادة

المصدر: "النهار"
ريموندا حداد
الحياة سرابٌ تخيليّ يلمّح للإنسان أن أمامه فرحاً وسعادة
الحياة سرابٌ تخيليّ يلمّح للإنسان أن أمامه فرحاً وسعادة
A+ A-

التشابه بين ما هو صحراوي، على أنه رمل وامتداد رعبوّي، في تقلباته، وتغيراته الكثبانية، بفعل الريح النؤوج، وبين ما هو حياتيّ، على أنه إنسانيّ، وما في تلك الإنسانية، من تقلبات وصراعات هائلة، تشابه متماثل، وقريب، الى حدّ ما.

وكما في الصحراء سرابٌ تخيلي، يوهم العطِش أنّ هناك ماء، ولا ماء، هكذا في الحياة، سرابٌ تخيليّ، يلمّح للإنسان أن أمامه، فرحاً وسعادة.

وعليه أن يجد السير، ولا فرح ولا سعادة...

ولكن، كما في بعض أعماق البيداء، موقع عفوي، لوجود، واحة، تكون متنفساً لورطة ما، كذلك في الحياة، واحة قد تكون مساحة رغد، واطمئنان!

إنها، لمعرفة جماعية، فرضيّةُ، الشقاء، والقهر، والبؤس، الناجمة، من تفاعلات، منوعة، ومختلفة، على أي صعيد كان، اجتماعياً، أو نفسياً، أو روحياً...

فكم من إنسان، وله شبه التغريد، خارج السرب، يكون سائراً في طريق الحق والحياة، في طريق النور، والهداية، قد، عانى، وعانى، من صدمات، وتحجرات، وتشوهات، روحية ونفسية، وجسدية، ووصل الى حافة الإحباط، والخيبة، والحزن، والإنكفاء، لماذا؟ لأنه، وبروحه المحب، والغيور، والمريد خيراً، لبني جلدته، شاء أن ينقذ، من رآهم رؤية المتيقّنّ، من أنهم، تائهون، مخدوعون، منبهرون بجوفية المظاهر الكاذبة، فإذا وبعد، صراع مرير، وما هو خشبي، لن يتحول، ولن ينزع قشرة الظلمة، عن عينيه، لا بل يرتد، على المنقذ وبيده سيف النقمة، وفي قلبه، شرّ مكبوت، وسوء نيّة، فإذا بهذا المنقذ في حيرة شديدة وفي ضياع، وفي شعور المنبوذ، والمكروه، وبحسّ طاغ، أنه، هو المخطئ الكبير، والآخرون هم المثال والقدوة...

وتتلاعب به التصورات والتقديرات، مثلما تتلاعب الريح بالغابات البكر، وقد ينحدر في سفح الاستسلام، والأسف العظيم.

وفجأة، ومن غير توقع، ينتصب الى جانبه، شخص حيّ مثله، أشبه بواحة خضراء، في يباس محيط، فيشدّ من يده، ويجدد الأمل في قلبه، وروحه، ويؤكد له بالحجة والبرهان، أنه هو المرتقي صعداً، هو الناهض في دورة الحياة المثلى، والآخرون، ما هم سوى أوراق يابسة جافة، في نبتة حياته المشرقة، وما عليه سوى نزعهم عنه، ورميهم في النار، والبدء، بزرع جديد، وماء جديدة، والتطلع الى فوق بقوتين، قوة الروح في ذاته، وقوة الله في السماء...

وينطلق حراً واعياً ومدركاً، ويختال القمر، في فضاء وجوده، ويطلع الصباح.

إن الحياة ولأنها حياةٌ في تفاعلاتها، لا يمكن أن تقف موقف المتلهّي والمتفرّج، أمام أيّ إنسان.

هو صديق لها، بأعمقِ ما في الصدوقية، من نقاء، وصفاء، وجوهرية، إلاّ وتأخذ من كليّته، وتعدّ له، طريقاً غنيّة بامتدادها، وارفة بظلالها، فتطيّب روحه ووجدانه، بخضرة جانبيها، ليجد نفسه هذا الإنسان، مغموراً بالهناء والسعادة والفرح، مغموراً بحبّ الله، متطلعاً أبداً إلى فوق، تطلع المولود من جديد، وبرؤيا جديدة، وأمل عظيم.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم