الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

من جنة سميّة بعلبكي إلى جحيم ميشال سماحة

المحامي عبد الحميد الأحدب
A+ A-


هي ليلة واحدة، صعدنا فيها الى السماء على أجنحة صوت سميّة بعلبكي وهي تغني لأسمهان، ونزلنا الى الجحيم مع اخلاء سبيل ميشال سماحة الذي قلب هو ومحكمته ليلنا الجميل الى ليل مضرّج بالبشاعة والفضائح والخيانة والذنوب!
ساعة ونصف الساعة مع طيور أسمهان بصوت سمية بعلبكي يسأل "ايمتى حتعرف ايمتى؟"، وتسأل "فرّق ما بينا ليه الزمان"، ثم تنادي حبيبها "ياحبيبي تعال الحقني شوف اللي جرالي من بعدك"، الى أن تحلق في السماء في "ليالي الأنس في فيينا". كل هذه الأغنيات والموسيقى الحلوة تمتع بها آباؤنا وأجدادنا، وها قد عادت بها سمية بعلبكي لتعطي الفرح الجميل وتغني، وكأننا في ضوء القمر، وأخذت سمية على عاتقها مسؤولية اعادة الأغنية العربية الجميلة الى صباها، وجعلتها مدللة في القلوب العربية! كانت أغاني أسمهان هي الجسر الذي يربطنا بالآخرين، وهي السلالم الحرير التي تسلقنا عليها كي نعانق الآخرين!
كانت الفراشة التي تحلّق في مسرح التقى فيه ألف شخص، فالأغنية الجميلة هي آخر خيط حنان يربط الانسان العربي بالانسان العربي، وآخر ساعي بريد يحمل مكاتيب الهوى الى قبائل متناحرة لا تكتب رسائل الحب ولا تستلمها.
الأغنية القديمة التي مازالت خالدة والموسيقى الجميلة هما جزء من تراثنا الذي يروينا احساساً وحنيناً، سهرة من العمر في صالة عابقة بالياسمين والورود الغنائية والصوت الجميل.
ليس صعباً لقاؤنا بآلهة أساطير اليونان، ولكن لقاء الانسان بالأحلام أصعب، وكان لقاء استمر ساعة ونصف الساعة جعلت سمية بعلبكي بأغاني أسمهان الليل نهاراً والمسرح مهرجاناً.
كانت الأغنيات عصافير تطير في قاعة المسرح وفي القلوب.
كلما أطلت اشتعلت ابتسامتها كحقل من أزهار القطن.
بصوتها حوّلت أغاني أسمهان من تظاهرة الى لغة صوفية وحولت الأغنية صلاة! حفظت للأغنية كبرياءها.
خلال ساعة ونصف الساعة، أخذ العالم شكل الأغنية: الزهرة أغنية والنجمة أغنية والعصافير أغنية ودموع الأطفال أغنية.
كانت ليلة التراث الغنائي العربي العظيم الذي شربنا كلنا من مائه.
وخرجنا لنسمع خبر الافراج عن ميشال سماحة الذي حاول وعمل على اشعال الفتنة بالبلد، كما ثبت بالصورة والصوت! خرجنا الى الجحيم!
خرجنا لندرك من جديد أننا الأمة الوحيدة التي تعامل القاتل بالحسنى وبالعقوبة المخففة، نحن الأمة الوحيدة التي تضع حكم الفتوى فوق حكم القانون وتدّعي بكل صفاقة انها دولة قانون. تخلية سبيل من محكمة لا تعرف في تقنية القانون والعدالة سوى الكلمات، فالقانون وضعوه في مزرعة الدواجن.
هذا الزمان مضرّج بالبشاعة والفضائح والخيانة والذنوب.
هذا الزمان الذي فيه الرجولة الى غروب.
صار خبزنا مبللاًُ بالخوف والدموع، هكذا تشاء "قمعستان" وبعثها، فقد كشفت تخلية السبيل أنه برغم كل لافتات التقدمية والممانعة والتحرير التي يرفعونها، وكل الايديولوجيات والأديان التي يعتنقونها... فان شيخ القبيلة هو وراء تصرفاتهم وتشنجاتهم.
لقد اقتلع الاسلام الوثنية وصفّى قواعدها، الاّ انّ وثنية العدالة والقانون بقيت صامدة، وبقي الوثنيون يحكمون العدالة اللبنانية ويسيطرون على القضاء وأحكامه.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم