الثلاثاء - 30 نيسان 2024

إعلان

ليبيا في الداخل غيرها في حوار جنيف

المصدر: النهار
امين قمورية
ليبيا في الداخل غيرها في حوار جنيف
ليبيا في الداخل غيرها في حوار جنيف
A+ A-

من العاصمة الجزائرية الى الصخيرات في المغرب الى #جنيف في سويسرا، تستمرّ المفاوضات الّتي بدأت منذ أشهر برعاية الامم المتحدة بين اطراف الأزمة الليبية، للتوصل إلى خريطة طريق للحل السياسي عبر جمع اكبر عدد ممكن من الجهات الفاعلة في البلاد ووقف المواجهات المسلحة بين الميليشيات المختلفة.


وبحسب المتداول في الاعلام فان البلاد منقسمة بين حكومتين متعارضتين: الأولى في طرابلس مدعومة من تحالف ميليشيات "فجر ليبيا" ذات الغالبية الإسلامية، والثانية معترف بها من المجتمع الدولي، وموجودة في طبرق شرق البلاد ومدعومة من "عملية كرامة ليبيا" التي يقودها القائد العام للجيش خليفة بلقاسم حفتر.


ويتطلع الليبيون، ومعهم الدول المجاورة واوروبا، الى اتفاق يوحد سلطتي البلاد لمواجهة خطر التطرف المتصاعد المتمثل في تحول #ليبيا الى موطئ قدم لجماعات متشددة، بينها تنظيم الدولة الاسلامية.


كما يأمل الاتحاد الاوروبي خصوصا في ان يؤدي التوصل الى اتفاق الى تشديد الرقابة على الحدود البرية والبحرية لليبيا من اجل مكافحة #الهجرة غير الشرعية، حيث تحولت سواحل ليبيا الى منطلق يومي لمئات المهاجرين نحو السواحل الاوروبية التي لا تبعد سوى بضعة مئات من الكيلومترات.
ومعروف ان مصر والامارات العربية المتحدة تساندان "عملية الكرامة" في الشرق، في حين ان قطر وتركيا تساندان "فجر ليبيا" في الغرب. ويصف قادة "جماعة الكرامة" المتمركزين في طبرق القريبة من الحدود المصرية خصومهم المتحصنين فى طرابلس بانهم ارهابيون، وفي المقابل تصنف جماعة "فجر ليبيا" خصومهم في طبرق بأنهم يمثلون الثورة المضادة، التي تسعى لإجهاض ثورة فبراير التي اطاحت معمر القذافي. وكل من الطرفين يطعن في شرعية الآخر ويعتبر نفسه الممثل الحقيقي للشعب الليبي.


مهمة المبعوث الخاصّ للأمين العام للأمم المتّحدة إلى ليبيا برناردينو ليون لجمع الهيئتين الرئيستين في البلاد حققت بعض التقدم بمجرد قبول اطراف عدة المشاركة في العملية لكن انجاز الحل لايزال دونه عقبات كثيرة سياسية واشتراعية وميدانية.


ما يفرق بين الشرق والغرب كبير جدا . لكن مافجره الحوار داخل كل من الكتلتين يبدو اعمق بكثير. وفي الواقع فان الخريطة السياسية الليبية طرأ عليها تغيير مع مرور الوقت. ويقول الباحث المصري فهمي هويدي ان الصورة الواقعية لم تعد مقتصرة على جبهة في الشرق يقودها الفريق حفتر وخاضعة لنفوذ "مجموعة الكرامة" ومجلس النواب وحكومة عبدالله الثني، واخرى في الغرب خاضعة لنفوذ "فجر ليبيا" والمؤتمر الوطني وحكومة خليفة الغويل. ذلك ان الحوارات التي جرت في الاشهر الماضية لاسيما في المغرب افرزت وضعا جديدا غير من معالم الاستقطاب القائم. وعلى حد تعبير احد وثيقي الصلة بالمشهد فإن التباين والانقسام ازاء الحلول السياسية أو الحسم العسكري شمل الجميع، بحيث لم يعد هناك مكون سياسي أو محلي أو اجتماعي في الشرق والغرب الا وانقسم افراده وتوزعوا على المعسكرين بين فريق احدهما يؤيد الاتفاق السياسي ويحبذ الوفاق الوطني كمخرج وحيد من الازمة، وفريق اخر لايرى بديلا عن الحسم العسكري لاستئصال ما يعتبره هذا الطرف ارهابا وما يعتبره الطرف الاخر ثورة مضادة. وفي هذا الاطار يوضح الكاتب الليبي اسماعيل القريتلي انه في داخل المؤتمر الوطني المؤثر في الغرب مثلا ، هناك تيار يقوده اعيان من مدينة مصراتة كانوا موالين للقذافي قبل ان ينقلبوا عليه ويتحولون الى قوة عسكرية فاعلة في المدينة ، يناهض مجموعات اخرى في "فجر ليبيا"، ويعارض التوقيع على مشروع الحل الذي قدمه المبعوث الدولي في مواجهة تيار آخر فى المؤتمر الوطني ايده . الامر نفسه يتكرر في معسكر "الكرامة" في الشرق حيث الانقسام كبير في مجلس النواب بطبرق ، آخر هيئة منتخبة ومعترف بها من المجتمع الدولي . كذلك برز انقسام داخل الكتلة المؤيدة لتحالف القوى الوطنية وخلاف واضح بين وفد الحوار ولجنة المستشارين التي حلها رئيس مجلس النواب المؤيد لفكرة التوقيع على مشروع المبعوث الدولي. الى ذلك فان الفيدراليين في مجلس النواب الذين يدعون إلى حكم ذاتي في برقة يلوحون بالتصعيد وانشاء حكومة مستقلة لاقليم برقة واعادة ترتيب ترتيب موارده وقواته العسكرية والأمنية.


اما جيش حفتر الذي يقود عملية الكرامة ضد الارهاب المتمثل بـ"الدولة الاسلامية " والمجموعات الاسلامية الاخرى، فانه ليس سوى مجموعة من العسكريين الملتفين حول قائده بروابط عائلية وقبلية او مصلحية، الى بعض الميليشيات المحلية التي تعمل من اجل مصالحها الخاصة المشروعة وغير المشروعة . وهؤلاء لم ينتصروا في معركة منذ الاعلان عن "عملية الكرامة" لا في الشرق ولا في الغرب ولا حتى في معقلهم بنغازي. وقيادة حفتر نفسه هي محل خلاف مع ضباطه والضباط الاخرين. وهو ليس عبد الفتاح السيسي في مصر وجيشه ليس الجيش الجزائري القوي والمتماسك. وفي الاصل لم يبن القذافي جيشا وطنية بل كتائب مسلحة هي اشبه بميليشيات الدفاع الذاتي سقطت بسقوطه. ولولا الدعم العسكري والاعلامي الخارجي لاختفى جيش حفتر عن الخريطة السياسية.


ووسط كل ذلك يسرح تنظيم "داعش" ويمرح في محيط درنة وسرت ويلقى بعض الدعم القبائلي لاسيما من القذاذفة خصوصا وبعض انصار النظام القديم، فيما الخلاف الاقليمي على ليبيا لايزال في اشده بين معسكرات عدة، ليعطي كل ذلك ليبيا المستقبل صورة رمادية تغطي ملامح التفاؤل الصادر من جنيف والصخيرات ولجزائر.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم