اشترِك في نشرتنا الإخبارية
ماذا تعني دعوة السيسي إلى تشكيل قوة عربية مشتركة لمحاربة الإرهاب؟ (خاص )
قد تشكّل دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى ضرورة تشكيل قوة عسكرية عربية لِمواجهة الإرهاب، التي أطلقها خلال خطابه الذي نقله التلفزيون المصري الرسمي مساء الأحد الماضي، نقطة تحوّل رئيسية في مسار الصراع القائم في معظم أرجاء المنطقة العربية، لا سيّما أنها جذبت أنظار المحلّلين والمتابعين لقضايا المنطقة العربية، فيما كانت لافتة تعليقات الصحافة الغربية، حيث أشارت وكالة "الأسوشيتد برس" الأميركية في أول تعليق على الدعوة إلى إنها "تُعَدّ أول تأكيد علني من قبل زعيم عربي على احتمال تشكيل مثل هذه القوة".
واستدلّت الوكالة الإعلامية على ما كانت ذكرته سابقاً بشأن قيام مصر والسعودية والإمارات والكويت بمناقشة إنشاء اتفاق عسكري بين الدول العربية لمكافحة الميليشيات الإسلامية المتطرفة، مع احتمال تدخّل هذه القوة المشتركة فى أنحاء الشرق الأوسط.
ووصف المحلل العسكري لشبكة "سي.ان.ان" الأميركية، جيمس "سبايدر" ماركس، وهو لواء متقاعد في الجيش الأميركي، دعوة الرئيس المصري بأنها "مسألة وقت" أن يدعو قائد عربي مثل السيسي لمثل هذا الاقتراح، وأضاف بقوله: "استراتيجياً وسياسياً، فإن هذه الدعوة تمثل انجازاً كبيراً للمنطقة، وهي بلا أدنى شك أول خطوة في الاتجاه الصحيح."
وجّهت "النهار" السؤال حول كيفية قراءة دعوة السيسي الأخيرة إلى شخصيات من مصر ولبنان والعراق وسوريا؟ وهذه هي الإجابات.
صبرا:نظم الاستبداد هي المغناطيس الذي جذب الارهاب
رئيس المجلس الوطني السوري، عضو الائتلاف جورج صبرا قال لـ"النهار" ان "الارهاب بلا شك أصبح اليوم من أكبر هموم المنطقة، وهو يلقي بكاهله على حياة الشعوب والحكومات، ولا شك انه لا بد من ايجاد حركة دولية واقليمية لمواجهة هذا الخطر، لكن يجب ان تكون هذه الحملة شاملة لكل جوانب الارهاب ، ارهاب الدول، وارهاب المنظمات وارهاب الافراد، ولا تكتفي بمواجهة مظاهر الارهاب وظواهره فقط، بل يجب ان تذهب الى أُسسِّهِ والى مصادره والى منابعه الاساسية. وباعتراف الجميع أن نظم الاستبداد هي المولد الاكبر للارهاب وهي التي شكلت دور المغناطيس الذي جذبه من مختلف دول العالم".
ويرى صبرا ان "محاربة الارهاب لا تتم عبر الضربات الجوية فقط أو من خلال الجهود الخارجة عن ارادة الشعوب ودورها، خاصة وأن الشعبين السوري والعراقي من أكبر ضحايا الارهاب، وما لم يكن هناك خطة استراتيجية لمواجهة الارهاب بمصادره ونتائجه، ويكون لتحرر الشعوب من الاستبداد دور، تبقى جهود ناقصة لا تنجح في محاربة الارهاب، بل ربما تزيد من انتشاره".
بيومي: دعوته تحمل تناقضاً صارخاً
أستاذ الكيمياء الطبيعية في جامعة الاسكندرية المصرية وجامعة ولاية ميتشغين سابقاً، الدكتور المصري أشرف بيومي، قال لـ"النهار": "إن الدعوة لمحاربة الإرهاب بطريقة مشتركة عربيًّا هي دعوة على العموم في مكانها الصحيح، ولكن تحديد السيسي لدول معينة لمكافحة الإرهاب هو المشكلة، لأن الدول التي ذكرها تدرب ما يسمّى بمعارضة معتدلة ومقاتلين معتدلين في سوريا، وهنا ستبرز اشكالية تعريف الارهاب، فالإرهاب في سوريا هو نفسه الإرهاب الذي يهدّد مصر في سيناء، وهو نفسه الإرهاب في ليبيا ولبنان ودول أفريقية؟".
يقرّ بيومي بأن "لا شكّ في ان العمل العربي المشترك في مواجهة الإرهاب هو العمل الصحيح والأكثر فاعلية أقلّه على المستوى اللوجستي والمخابراتي والاعلامي ان لم نقل العسكري. والمنطق الطبيعي يدلّ على أن الدول التي تحارب الإرهاب اليوم هي العراق وسوريا ولبنان وتونس وليبيا، فإذا أردنا عملاً مشتركاً فلا بد أولا من مشاركة هذه الدول؛ ثانياً، سيكون على الدول بذل جهود كبيرة لوقف منابع تمويل الارهاب، والأهم من ذلك ان يتمّ تدريب قوات نظامية وشرعية لِتتولّى الحلول محلّ داعش في المستقبل القريب".
النوري: الحشد الشعبي مرحِّب بالفكرة ولكن نخشى الازدواجية
الناطق الرسمي باسم قوات الحشد الشعبي في العراق كريم النوري رحّب بالفكرة من حيث المبدأ، وقال لـ"النهار": "نحن نؤمن بهذه القضية تمامًا من حيث المبدأ باعتبار أن العراق، هو أول من واجه خطر الإرهاب، ودفع وما يزال يدفع ثمن المواجهة، لكن ما نخشاه هو الازدواجية والتطبيقات الانتقائية للأنظمة العربية الرسمية في التعاطي مع الإرهاب".
وأضاف: "ما نطالب به قبل تشكيل أيّ قوة عربية مشتركة للحرب على الإرهاب هو تجفيف منابع تمويل ودعم الإرهابيين ".
وأكّد النوري على أننا "لسنا ممّن يستسيغون نبش الماضي، ولا نفتح الملفات الماضية ولا نعاتب بعض الأنظمة على ما فعلته، لأن ما مضى أصبح في ذمّة التاريخ، ومع ذلك فنحن الآن نرحّب بالفكرة التي طرحها الرئيس المصري، ونطالب الجميع بالخروج من طرح الشعارات والبيانات إلى الممارسة العملية عبر الدخول في مواجهة فعلية، ونتمنّى بالتالي أن تقف الأنظمة العربية وقفة جديّة وصادقة في مواجهة الإرهاب الذي لا يهدّد العرب وحدهم فحسب، انما الانسانية والبشرية بأجمعها".
سألنا النوري :"هل ستشاركون كقوات حشد شعبي عراقي في إطار مكوّنات القوة المنوي تشكيلها، فقال: "هذا يتوقّف على الحكومة العراقية ورئاسة الحشد الشعبي، باعتبار ان قراراً كهذا هو من أخطر القرارات وأهمها على الإطلاق، ونحن بالتأكيد لن نخرج عن مكافحة الإرهاب، ولن نتحرّك إلا بأوامر الحكومة العراقية".
وعن تعليقه النهائي على الفكرة قال: "دعوة السيسي إيجابية، ونحن ننظر اليها بهذا الارتياح".
سلام: الاستعانة بقوات مصرية لمواجهة الحوثيين في اليمن
رئيس تحرير جريدة اللواء اللبنانية الاستاذ صلاح سلام، يرى ان هذه الدعوة من جانب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي جاءت تأكيداً لمسؤولية مصر العربية في هذه المرحلة الحرجة للدفاع عن النظام القومي العربي".
وقال: "بدا واضحاً للقيادة المصرية أن ما يسمّى بالتحالف الدولي لمحاربة الإرهاب وخاصة إرهاب داعش وأخواتها، ليس جدياً بما يكفي، وبالتالي فإن على دول المنطقة ان تتحمّل مسؤولياتها في مواجهة هذا الخطر السرطاني الذي بات يهدّد أمن وسيادة ووحدة أكثر من قطر عربي".
سلام يعتبر أيضاً أن "هذه الدعوة جاءت في سياق الدور الذي تقوم به مصر في التصدّي للإرهاب الذي يهدّد وحدة الأراضي الليبية، من خلال تنفيذها سلسلة الغارات ضد قواعد "داعش" في ليبيا عقب المجزرة الرهيبة التي ارتكبها هذا التنظيم بحقّ 21 مواطناً مصريًّا".
وكشف سلام "ان اجتماعات كبار المسؤولين في دول مجلس التعاون الخليجي قد طرحت إمكانية الاستعانة بقوات مصرية في حال اضطر الامر لمواجهة التطورات الدراماتيكية في اليمن إثر استيلاء الحوثيين على السلطة".
وقال: "كان من المفترض ان تصدر هذه الدعوة عن جامعة الدول العربية، ولكن للأسف الامانة العامة للجامعة في شبه غيبوبة بعيدة عن أرض الواقع.
مراد: يتحدّثون عن محاربة الإرهاب ويدعمونه!
رئيس اتحاد الصحافيين السوريين الياس مراد، قال لـ"النهار" إن "اي خطة اذا لم تكن متكاملة وشاملة في جميع مناطق انتشار الإرهاب وممارسته لأعماله التخريبية تبقى عاجزة عن تحقيق أهدافها الأساسية التي هي القضاء على الإرهاب. أما الإرهاب والظلام فليسا حالة أمنية فقط أو مواجهة عسكرية أو ثقافية بعيدة المدى، لأن القضاء على مجموعة هنا ومجموعة هناك لا يعني القضاء على الفكر الذي يخلق هذه المجموعات".
