بعد خسائر فادحة... هل تستجيب الحكومة الأردنية لمطالب مستثمري القطاع السياحي؟

يواجه المستثمرون بالقطاع السياحي في الأردن مأزقاً كبيراً بسبب تداعيات الأحداث في المنطقة والإقليم التي عصفت بأعداد السياح في العديد من الدول بينها المملكة التي تظهر أحدث الأرقام الرسمية أن أعداد السياح تراجعت خلال العام الماضي بنسبة 3.9% مقارنة بالعام الذي سبقه.
ومنذ سنوات، يكثف الأردن جهوده المتعلقة بتطوير المواقع السياحية في الوقت الذي يكثف فيه أيضاً جهود جذب السياح العرب والأجانب ضمن خطط وبرامج عديدة، إلا أن جائحة كورونا ومن بعدها حرب غزة تسببتا بضربات موجعة للقطاع السياحي.
ذلك الأمر، ألقى بظلاله الثقيلة على المستثمرين الذي وجد غالبتهم نفسه أمام خسائر ثقيلة وديون، حيث لجأ كثيرون إلى إغلاق منشآتهم، بينما لجأ آخرون إلى تخفيض النفقات التشغيلية إلى أقصى حد، ما أدى إلى فقدان أعداد كبيرة من العمال لوظائفهم.
قبل يومين، ناشد مستثمرون في القطاع السياحي الحكومة بالتدخل لإنقاذ القطاع، وطلبوا كذلك في كتاب رسمي لقاءً رسمياً مع الحكومة لشرح التحديات التي تواجه القطاع.
اقرأ أيضا: المزارعون الأردنيون يتنفسون الصعداء... من الرئة السورية
أبرز المطالب...
ومن أبرز مطالب هؤلاء المستثمرين، "إيجاد برامج ومنح لتغطية أجور العاملين في القطاع حسب تصنيف الضرر، ومخاطبة البنوك التجارية العاملة في الأردن لتأجيل القروض وتخفيض الفوائد أو تحمل الحكومة للفوائد المتراكمة على القطاع".
كما طالبوا بـ"جدولة الضرائب المستحقة عليهم بأنواعها كافة بدون فوائد وشطب الغرامات منها (ضريبة الدخل والمبيعات ومسقفات أمانة عمّان وغيرها) على أن يبدأ التقسيط بعد عودة عمل القطاع السياحي، بالإضافة إلى تأجيل دفع مستحقات المصاريف التشغيلية للقطاع (كهرباء، مياه) وجدولتها دون فصل الخدمات دون سابق إنذار".
وفي رده على "النهار"، قال مسؤول حكومي إن "مطالب المستثمرين ستكون على طاولة البحث لدراسة ما يمكن تنفيذه من المطالب"، مشدداً في الوقت ذاته على أن "الحكومة تدرك أن حجم الضرر الذي طال القطاع السياحي جراء الأحداث في المنطقة كبير، مثلما تدرك حجم التحديات التي يواجهها المستثمرون والعاملون في القطاع السياحي".
وأضاف أن "الحكومة لن تبخل في تقديم كل ما يمكنها تقديمه لهؤلاء المستثمرين، وهي فعلت ذلك بشكل قوي واضح خلال جائحة كورونا، ودعمت القطاعات كافة".
ووفق نائب رئيس جمعية الفنادق الأردنية حسين هلالات، فإنه "من المهم استئناف عمل برنامج (أردننا جنة) لتنشيط الحركة السياحة في مدينة البترا تحديدا في ظل التراجع الحاد بنسب الإشغال في الفنادق بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة".
وكانت إدارة برنامج "أردننا جنة" وهو برنامج يتيح تنقل الأردنيين إلى مختلف المواقع السياحية الداخلية بأجور زهيدة، أعلنت منتصف كانون الأول/ ديسمبر 2024 تعليق البرنامج موقتا حتى إشعار آخر.
وأضاف هلالات أن "القطاع السياحي بحاجة لإطلاق حملة تسويقية جديدة للأردن بعد إعلان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وذلك لإعادة الزخم للسياحة إلى الأردن"، مطالباً في الوقت ذاته بـ"استقطاب رحلات الطيران منخفض التكاليف لتنشيط السياحة الأجنبية".
وتظهر بيانات البنك المركزي الأردني، أن الدخل السياحي خلال عام 2024 بلغ 7,238.9 ملايين دولار بانخفاض نسبته 2.3% بالمقارنة مع عام 2023، ويعود ذلك إلى تراجع عدد السياح بنسبة 3.9%.
وأشار المركزي إلى أن الدخل السياحي من الأردنيين المغتربين ارتفع بنسبة 7.7%، والعرب بنسبة 12.0%، في حين تراجع الدخل السياحي من الجنسيات الأوروبية والأميركية والجنسيات الأخرى بنسبة 54.0% و35.2% و15.3% على التوالي.
وعلى صعيد آخر، تظهر البيانات ذاتها ارتفاعاً في الإنفاق على السياحة في الخارج خلال عام 2024 بنسبة 4.1% ليصل إلى 1,937.0 مليون دولار مقارنة مع عام 2023.
ضربة قاسية...
وبالإضافة إلى قطاع الفنادق الذي أنهكه تراجع أعداد السياح، يشكو أصحاب مطاعم سياحية تحديدا من ما يصفونها بـ"ضربة قاسية" تلقاها القطاع السياحي بشكل عام والمطاعم السياحية بشكل خاص، ما تسبب في إغلاق العشرات منها والاستغناء عن آلاف من العمال فيها.
وبحسب أصحاب مطاعم سياحية في محافظة جرش التي تضم واحدة من أهم المدن الأثرية ويقصدها السياح من مختلف دول العالم، فإن "حالة الركود السياحية التي تعانيها مدينة جرش تهدد ديمومة عمل المطاعم السياحية، وتكاليف العمل الشهرية في مطعمه لا تقل عن 20 ألف دينار (نحو 29 ألف دولار) والدخل في أفضل الظروف لا يزيد على ألف دينار، ويقومون بتحمل تكاليف العمل ومعظمها أجور عمال لا تقل عن 17 ألف دينار شهرياً (نحو 24 ألف دولار)"، لافتين أنهم "لا يستطيعون أن يقوموا بتخفيض عدد العمال، لا سيما أن عددهم لا يقل عن 42 عاملا دائما، وهم أرباب أسر، ويصل عدد العمال في فصل الصيف إلى 80 معظمهم من طلبة الجامعات والموظفين".
وأشاروا إلى أن "أصحاب المطاعم مضطرون إلى فتح أبواب المطاعم على الرغم من حالة الركود التي لم تشهدها محافظة جرش من قبل، لوجود فرصة حتى ولو كانت ضعيفة أمامهم في تعويض جزء بسيط من الخسائر في فصل الصيف، فضلا عن أنهم يرتبطون بجدول من الالتزامات المالية الشهرية والديون والقروض التي لا يمكن غض النظر عنها ويجب أن تسدد في وقتها لتجنب الملاحقات الأمنية".
ويبلغ عدد العاملين في القطاع السياحي 56,022 عاملا وعاملة منهم 48,587 ذكور و7,435 إناث، موزعين على أكثر من 3,370 منشأة، وفق بيانات لوزارة السياحة والآثار الأردنية.
ويحتل قطاع الفنادق النسبة الأكبر من عدد العاملين والتي وصلت إلى 22,334 يليه قطاع المطاعم السياحية الذي وصل إلى 21,057 عاملا وعاملة.