جيل جديد من الذكاء الاصطناعي يصل مع GPT-5
*جاك جندو
بعد أن أعلنت "أوبن إيه آي" رسمياً عن إطلاق GPT-5، الجيل الجديد من نماذج الذكاء الاصطناعي متعددة الوسائط، لتنتقل هذه التكنولوجيا من كونها أداة مساعدة إلى ما يشبه نظام تشغيل ذكي لاتخاذ القرار وتنفيذ المهام.
يأتي هذا النموذج بتغييرات جوهرية لا تقتصر على القدرة اللغوية، بل تشمل فهم الصور والفيديو والصوت، والتعامل مع السياق المعقد، وتعديل عمق التفكير تلقائياً وفقًا لطبيعة المهمة. GPT-5 ليس أسرع فقط، بل أكثر قدرة على الفهم والتكيّف وإدارة السيناريوهات.
من نموذج لغوي… إلى منصة قرارات
منذ GPT-3 وحتى 4o، كانت النماذج تُستخدم للتوليد النصي، المساعدة في الكتابة، أو الترجمة. أما GPT-5، فقد أعيد تصميمه ليكون بيئة تنفيذية ديناميكية، يختار بنفسه مدى “التحليل” المطلوب، ويتفاعل مع الصورة والنص والصوت في تجربة موحّدة.
ومن خلال بنية متعددة الطبقات، أطلقت OpenAI ثلاثة إصدارات من النموذج:
*النسخة الكاملة للمؤسسات والمهام المتقدمة
*نسخة Mini للاستخدام اليومي
*نسخة Nano للأجهزة الطرفية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي على الحافة
وفي هذا السياق، شارك سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي"، تجربة شخصية تعكس مدى تطور النموذج. ففي مقابلة على بودكاست This Past Weekend، قال إنه واجه صعوبة في صياغة رسالة بريد إلكتروني معقدة، بينما تمكّن GPT‑5 من تقديم رد مثالي خلال لحظات. وعلّق على ذلك بقوله:
"شعرت أنني عديم الفائدة مقارنةً بالذكاء الاصطناعي، في مهمة كنت أظن أنني قادراً على القيام بها، ولم أستطع... كان شعوراً غريباً."
هذا التصريح لم يكن مجازياً، بل اعترافاً صريحاً بمدى التحول العميق في العلاقة بين الإنسان والخوارزمية. فلم يعد الذكاء الاصطناعي أداة تنفّذ التعليمات فقط، بل بات قادرًا أحيانًا على اتخاذ المبادرة وتقديم حلول لم يُطلب منه تقديمها بشكل مباشر.

GPT-5 في بيئة "مايكروسوفت"… دون أن تدري
"مايكروسوفت" بدأت بالفعل في دمج GPT-5 ضمن وضع “الذكاء التلقائي” في Copilot، ما يعني أن المستخدم لن يختار النموذج يدويًا، بل سيعمل النظام على اختيار الأنسب تلقائياً بحسب المهمة – من تحليل ملفات Excel إلى إعداد تقارير أو رسائل بريد احترافية.
ماذا يعني ذلك للمنطقة؟
في سياق التحوّل الرقمي السريع الذي تشهده الإمارات ودول الخليج، يمثل GPT-5 أداة محورية للمؤسسات الحكومية والخاصة.
سواء في التعليم، الطاقة، الخدمات، الإعلام أو الابتكار، أصبح الذكاء الاصطناعي أرضية القرار وليس مجرد أداة داعمة.
“مع GPT-5، لم يعد السؤال هو: كيف نستخدم الذكاء الاصطناعي؟ بل: كيف نعيد هيكلة أنظمتنا التشغيلية لتكون قادرة على استيعابه بالكامل.”
ماذا بعد؟
لا يخلو GPT-5 من التحديات. ما زالت هناك نسبة من “الهلوسات” أو الإجابات غير الدقيقة، لكنها أقل، ويقوم النموذج الآن بتحديد مستوى ثقته في كل إجابة — خطوة جديدة نحو الشفافية.
لكن التحدي لم يعد في قدرات النموذج، بل في استجابة المؤسسات.
هل ستعيد تشكيل بنيتها الرقمية؟
هل ستُدرّب موظفيها؟
هل ستمنح الذكاء الاصطناعي مساحة حقيقية لصنع القيمة؟
لأن المؤكد الآن هو:
GPT-5 لم يعد ينتظر الإذن… بل بدأ فعليًا في تغيير الطريقة التي نعمل بها.
* الرئيس التنفيذي لشركة Brain Digits | باحث وخبير في القيادة الرقمية والتقنيات الناشئة
نبض