حمد الجهوري يكشف مخاطر Roblox: قلق من إدمان وعنف واستغلال
في السنوات الأخيرة، لم تعد الألعاب الإلكترونية مجرد وسيلة للتسلية، بل تحوّلت إلى عالم افتراضي ضخم يجمع بين الترفيه، التعلّم، وحتى تكوين الصداقات عبر الإنترنت. ملايين الأطفال والمراهقين حول العالم يمضون ساعات طويلة يومياً أمام هذه المنصات التي أصبحت صناعة بمليارات الدولارات وتؤثر مباشرةً في أنماط حياتهم وسلوكياتهم.
لكن هذا الانتشار السريع رافقه جدل متزايد حول المخاطر المحتملة: من التعرض لمحتوى غير مناسب، إلى التفاعلات المفتوحة مع غرباء، وصولاً إلى القلق من الإدمان والانعزال الاجتماعي. وهنا برزت لعبة "Roblox" كأحد أبرز الأمثلة، إذ تجمع بين اللعب الحر وإنشاء المحتوى، ما جعلها بيئة خصبة للإبداع ولكن أيضاً مجالاً لظهور تحديات رقابية وأمنية.
هذه التحديات دفعت عدداً من الحكومات إلى اتخاذ قرارات حظر أو تقييد. ففي مراحل مختلفة، أقدمت كل من الأردن، الإمارات، السعودية، قطر، عُمان، والصين على وضع ضوابط، مستندة إلى اعتبارات أمنية، تربوية، وتشريعية، وسط نقاش عالمي أوسع حول كيفية تحقيق التوازن بين حماية الأطفال ودعم الابتكار الرقمي.
حول هذه الإشكالية، تحدث لـ"النهار" حمد الجهوري، أمين سر اللجنة العُمانية للألعاب والرياضات الإلكترونية، كاشفاً عن أبرز أسباب الحظر ورؤيته للحلول الممكنة.
ما الأسباب الرئيسية التي قد تدفع بعض الجهات إلى حظر أو تقييد لعبة Roblox؟
تتعدد الأسباب التي قد تدفع الجهات التنظيمية إلى فرض قيود على Roblox. في المقدمة يأتي القلق من محتوى غير مناسب للأطفال، سواء من حيث مشاهد العنف أو إمكانية التعرض للتحرش أو المضايقات عبر الدردشة المفتوحة مع الغرباء. هناك أيضاً مخاوف من استغلال مالي للأطفال من خلال المشتريات داخل اللعبة أو العملات الافتراضية التي قد تؤدي إلى إنفاق غير منضبط. إضافة إلى ذلك، تتطلب بعض القوانين المحلية معايير صارمة تتعلق بخصوصية البيانات، وحماية القاصرين، والرقابة على المحتوى الذي ينشئه المستخدمون، وهي شروط قد لا تتوافق تماماً مع طبيعة المنصة التي تعتمد اعتماداً كبيراً على الإبداع المفتوح من اللاعبين.
هل ترى أن هذه القرارات ترتبط أكثر بحماية الأطفال أم بالرقابة على المحتوى عامةً؟
في معظم الحالات يبدو أن الدافع الأساسي هو حماية القاصرين من المخاطر الإلكترونية، سواء من خلال تقييد التفاعل مع الغرباء أو الحد من وصول الأطفال إلى ألعاب ومحتويات لا تناسب أعمارهم. ومع ذلك، لا يمكن إغفال جانب الرقابة على المحتوى عامةً؛ فبعض السلطات تعتبر أن الألعاب عبر الإنترنت يجب أن تخضع لمعايير ثقافية أو أخلاقية محددة، وبالتالي تفرض قيوداً إضافية لضمان التوافق مع القوانين المحلية والقيم الاجتماعية. لذلك، يمكن القول إن القرارات غالباً ما تجمع بين هدف حماية الأطفال ومتطلبات الرقابة الشاملة.
كيف تتعامل شركة Roblox مع الانتقادات المتعلقة بالأمان والمحتوى غير المناسب؟
اتخذت الشركة خطوات متسارعة في السنوات الأخيرة لتحسين معايير الأمان. فهي تطبق تقنيات فلترة متقدمة على النصوص والدردشة لمنع الألفاظ أو المشاهد غير الملائمة، كما تتيح أدوات رقابة أبوية شاملة تمكّن الأهل من تحديد مستوى التفاعل، وضبط خيارات الدردشة، وحتى التحكم في عمليات الشراء داخل اللعبة. إضافة إلى ذلك، تعتمد Roblox على مزيج من المراقبة البشرية والذكاء الاصطناعي لمراجعة الألعاب والمحتوى الذي ينشئه المستخدمون باستمرار، مع تحديثات متكررة لسياسات الاستخدام لضمان بيئة أكثر أماناً لجميع الفئات العمرية.
برأيك، هل الحظر حل فعّال، أم أن التوعية والرقابة الأبوية بدائل أفضل؟
الحظر قد يحقق نتيجة سريعة في الحد من الوصول، لكنه في الغالب لا يعالج المشكلة من جذورها، إذ يستطيع الأطفال في كثير من الأحيان الالتفاف على الحظر عبر شبكات VPN أو وسائل أخرى. في المقابل، أرى أن الحل الأكثر فاعلية واستدامة يكمن في التثقيف الرقمي، سواء للأطفال أو أولياء الأمور، إلى جانب تفعيل أدوات الرقابة الأبوية التي توفرها اللعبة نفسها. هذه الاستراتيجية تساعد على بناء وعي دائم لدى العائلة بكيفية التعامل مع المخاطر الإلكترونية، بدلاً من الاعتماد فقط على المنع الكامل.
هل تتوقع أن يتم رفع بعض القيود إذا عدّلت الشركة سياساتها الأمنية؟
نعم، من المرجح أن تؤدي التحسينات المستمرة في سياسات الأمان وحماية البيانات إلى إعادة تقييم قرارات الحظر أو التقييد. إذا تمكنت Roblox من تقديم ضمانات واضحة للحكومات حول مراقبة المحتوى، وحماية خصوصية المستخدمين، وتقليل فرص تعرض القاصرين لأي مخاطر، فقد تقتنع الجهات التنظيمية بفتح المجال مجدداً. تاريخياً، شهدنا حالات رفعت فيها بعض الجهات القيود بعدما أثبتت الشركة التزامها بمعايير أكثر صرامة، ما يدل إلى أن تحسين الأمان والسياسات يمكن أن يفتح الباب للحلول التوافقية.
نبض