المرأة الإماراتية وريادة التكنولوجيا والفضاء

في السنوات الأخيرة، فرضت المرأة الإماراتية حضوراً لافتاً في مجالات العلوم والتكنولوجيا والفضاء، مؤكدة أن رؤية الإمارات لتمكين المرأة ليست مجرد شعارات، بل واقع ملموس تدعمه السياسات الحكومية والاستراتيجيات الوطنية. فمن التعليم إلى الصناعة، ومن الذكاء الاصطناعي إلى استكشاف الفضاء، تتسع دائرة إنجازات النساء الإماراتيات لتشمل قطاعات حيوية كانت حتى وقت قريب حكراً على نخبة محدودة.
البداية جاءت من التعليم، إذ تشير تقارير اليونسكو إلى أن 61% من خريجي تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في الإمارات هن من النساء، بينما تصل النسبة في الجامعات الحكومية إلى 56%. هذا التفوق الأكاديمي لم يبقَ حبيس القاعات الدراسية، بل ترجم نفسه إلى مشاركة فاعلة في ميادين البحث العلمي والصناعات المتقدمة، حيث تمثل النساء 86% من الكوادر الوطنية في شركة "ستراتا" للتصنيع، التي تزود شركات عالمية مثل "بوينغ" و"إيرباص" أجزاء من هياكل الطائرات.
وفي مجال الفضاء، خطفت المرأة الإماراتية الأضواء عبر مشروع "مسبار الأمل" الذي دخل مدار المريخ في شباط / فبراير 2021، إذ شكّلت النساء 80% من الفريق العلمي للمهمة، بقيادة سارة الأميري التي أصبحت لاحقاً وزيرة الدولة للتكنولوجيا المتقدمة ورئيسة وكالة الإمارات للفضاء. كما أكملت نورة المطروشي، أول رائدة فضاء إماراتية وعربية، تدريبها في وكالة "ناسا" عام 2024، لتفتح الباب أمام مشاركة إماراتية في بعثات فضائية دولية مقبلة.
أما في ميدان الذكاء الاصطناعي، فقد أصبحت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في أبوظبي منصة رئيسية لإعداد الكوادر النسائية، بحيث تشكل الطالبات 31% من إجمال الملتحقين. وتعمل الحكومة على تعزيز هذه النسبة من خلال برامج تدريبية ومبادرات تشجع المرأة على الانخراط في التقنيات المستقبلية، خصوصاً أن الدراسات الحديثة أثبتت أن الفرق البرمجية المتنوعة تحقق جودة أعلى في تطوير البرمجيات وأنظمة الذكاء الاصطناعي مقارنة بالفرق الأحادية.
ولا يقتصر الحضور النسائي على العلوم الفضائية والذكاء الاصطناعي فحسب، بل يمتد إلى الابتكار الصناعي، إذ طورت نورة المزروعي مشروعاً لإنتاج مشروبات الطاقة ومواد التجميل من نوى التمر، في نموذج يجمع بين التكنولوجيا الحيوية والاستدامة الاقتصادية.
هذا الحضور المتنامي يواكبه تقدم الإمارات في مؤشر الفجوة بين الجنسين العالمي لعام 2025، إذ قفزت خمسة مراكز بفضل الإصلاحات التشريعية وزيادة تمثيل النساء في مواقع القيادة، خصوصاً في القطاعات العلمية والتكنولوجية.
بهذا المسار المتسارع، تؤكد المرأة الإماراتية أنها شريك رئيسي في بناء اقتصاد معرفي متقدم، وأن المستقبل العلمي للدولة سيحمل توقيعاً إماراتياً نسائياً بارزاً.