أقطاب التكنولوجيا يسارعون إلى التودّد لترامب وماسك

مع إعلانه وقف برنامج التحقق من صحة الأخبار في الولايات المتحدة، يجسد مارك زوكربرغ مساعي بعض كبار رؤساء شركات التكنولوجيا إلى التناغم مع الثنائي المحافظ المؤلف من إيلون ماسك والرئيس المنتخب دونالد ترامب.
جاء دخول "ميتا" عالم التحقق من صحة الأخبار غداة فوز ترامب المفاجئ في انتخابات 2016 والتي قال معارضوه إنه كان نتيجة حملة تضليل واسعة على "فايسبوك" وتدخّل جهات خارجية عبر الشبكة الاجتماعية.
ضغط من رؤساء الشركات
يأتي إعلان زوكربرغ قبل أيام على تنصيب ترامب وبعدما ضغط عدد من رؤساء شركات التكنولوجيا الأميركية من أجل توطيد العلاقة مع الرئيس المنتخب.
ومنذ انتخابه في تشرين الثاني (نوفمبر)، توجّه العديد من كبار مسؤولي شركات التكنولوجيا للقاء ترامب في مقر إقامته في فلوريدا، بما في ذلك زوكربرغ والرئيس التنفيذي لـ"أبل" تيم كوك ومؤسس "أمازون" جيف بيزوس.
كما أعلنت كل من "أمازون" و"ميتا" عن تبرعات بقيمة مليون دولار لصندوق تنصيب ترامب، كما فعل كوك بصفته الشخصية لا باسم "أبل".
في الأثناء، يعد ماسك مالك منصة "إكس" الاجتماعية المؤثرة والشخص الأغنى في العالم، من أقرب مستشاري الرئيس المنتخب.
يتناقض الوضع تماماً عما كان عليه عندما تم حجب حسابات الجمهوري في "فايسبوك" و"تويتر" اثر اتهامه بالتحريض على العنف بعدما اقتحم أنصاره الكابيتول في مسعى لتغيير نتيجة انتخابات 2020.
وبعد أربع سنوات هزّت خلالها إدارة جو بايدن القسم الأكبر من القطاع عبر تحقيقات مكافحة الاحتكار، بات ترويج المقربين من ترامب لحرية التعبير والتخلّي عن القيود التنظيمية جاذباً لهذه الشركات.
وقال أستاذ السياسة العامة، إيثان زاكرمان، الذي رفع دعوى مؤخراً ضد "ميتا" بسبب سياساتها الخوارزمية لـ"فرانس برس" إنّ التحول في مسألة التحقق من صحة الأخبار "قرار يصب في مصلحة أهداف زوكربرغ التجارية إذ أن التحقق من صحة الأخبار صعب ومكلف ومثير للجدل".
لكن بالنسبة إلى أولئك في فضاء التكنولوجيا اليميني، فإن القرار يعد تصحيحاً لأخطاء سابقة.
وقال المستثمر ديفيد ساكس الذي يتوقع بأن يتولى مسؤولية الذكاء الاصطناعي في حكومة ترامب "بالنسبة إلى أولئك بيننا الذي يخوضون حروباً من أجل حرية التعبير منذ سنوات، يبدو ذلك انتصاراً كبيراً ونقطة تحول". وشكر الرئيس المنتخب على "إعادة التنظيم هذه السياسية والثقافية".
تقارب متوقّع
انتقد ترامب بشدّة "ميتا" و"زوكربرغ" على مدى سنوات، متهماً الشركة بالتحيّز ضدّه فيما هدد بالانتقام فور عودته إلى السلطة.
ولدى سؤاله من قبل الصحافيين عمّا إذا كان يعتقد بأن الخطة المرتبطة بالتحقق من صحة الأخبار هي استجابة للتهديدات التي وجّهها لزوكربرغ، رد ترامب بالقول "نعم على الأرجح".
وكان التقارب بين زوكربرغ وترامب متوقعاً منذ مدة طويلة. وضمت "ميتا" مؤخراً دانا وايت، حليفة ترامب، إلى مجلس إدارتها.
وجاء هذا القرار والتحرك ضد عمليات التحقق من صحة الأخبار بعدما اتهم بريندان كار الذي اختاره ترامب على رأس لجنة الاتصالات الفدرالية، "فايسبوك وغوغل وأبل" بلعب "أدوار مركزية" في "كارتل الرقابة".
من جانبه، بعث الرئيس التنفيذي لـ"أوبن أيه آي" سام ألتمان رسائل خاصة به إلى الإدارة المقبلة، إذ قال لشبكة البث المحافظة فوكس نيوز في كانون الأول (ديسمبر ) إنه واثق من أن ترامب سيبقي الولايات المتحدة لاعباً فاعلاً في قطاع الذكاء الاصطناعي.
وكان رد فعله على نفوذ ماسك في الإدارة المقبلة والذي أثار تحذيرات من تضارب المصالح، ودياً أيضاً.
وقال ألتمان "سيكون أمراً غير أميركي إلى حدّ كبير بأن يتم استخدام القوة السياسية للإضرار بمنافسيك والدفع قدماً بأعمالك التجارية"، مضيفاً "أؤمن بقوة بأن إيلون سيقوم بالأمر الصحيح".
ماسك يؤيد خطوة "ميتا"
لا يبدو استاذ العلوم السياسية في جامعة براون ويندي شيلر متفاجئاً بتخلي شركات التواصل الاجتماعي مثل "ميتا" عن التحقق من الأخبار نظراً إلى أن الأحزاب السياسية وشركات التواصل الاجتماعي تزدهر عندما تهيمن الانقسامات.
لكنه أضاف أن ما ينقذ الوضع "هو أنه ما زال هناك عدد من منصات التواصل الاجتماعي التنافسية حتى لا يسيطر شخص أو شركة واحدة على تدفق المعلومات بما في ذلك الحكومة".
وسيستبدل "فايسبوك" برنامجه للتحقق من الأخبار بخاصية "ملاحظات المجتمع" الشبيهة بتلك المستخدمة على منصة "إكس" التابعة لماسك. وسارع ماسك للتأكيد على تأييده للخطوة، واصفاً التغيير بأنه "جيد".