الكرة الأردنية... مسيرة بناء ونهضة مستمرة نحو العالمية

رياضة 10-12-2025 | 13:04

الكرة الأردنية... مسيرة بناء ونهضة مستمرة نحو العالمية

الجوهري، الذي ساهم في تأسيس مشروع كروي متكامل، لم يترك التفصيل في التطوير للصدفة، بل عمل على رسم خارطة طريق شاملة
الكرة الأردنية... مسيرة بناء ونهضة مستمرة نحو العالمية
يواصل المنتخب الأردني كتابة تاريخ جديد بوصوله لكأس العالم 2026.
Smaller Bigger

لازم مصطلح "الصدفة" مع كل إنجاز للكرة الأردنية، وعمد ترديدها تتعاظم الإنجازات.

مسيرة كرة القدم الأردنية نحو العالمية لم تكن وليدة الصدفة، بل هي نتيجة جهد طويل بدأ قبل أكثر من عقدين، مع وضع اللبنات الأساسية التي أسسها المصري محمود الجوهري.

الجوهري، الذي ساهم في تأسيس مشروع كروي متكامل، لم يترك التفصيل في التطوير للصدفة، بل عمل على رسم خارطة طريق شاملة تلحظ تطوير البنية الفنية، بناء فرق الشباب، وصقل المواهب المحلية، لتصبح هذه الأسس اليوم ركيزة "النشامى" في جميع مراحل الصعود.

الخطوة الأولى نحو التألق جاءت في كأس آسيا 2004 في الصين. رغم خروج "النشامى" من الدور ربع النهائي بركلات الترجيح أمام اليابان، إلا أن الأداء العام حمل بصمة واضحة للنهج الاستراتيجي في تطوير الفريق. اللاعبون مثل حسونة الشيخ وخالد سعد والحارس العملاق عامر شفيع وعبد الله أبو زمع وبدران الشقران وغيرهم، برزوا كمواهب صاعدة، ليؤكدوا أن النجاحات الكبرى تبدأ دائمًا بوضع الأسس الصحيحة. ويقول قائد الفريق آنذاك جمال أبو عابد: "كنا نلعب بروح وطنية عالية، ودعم القيادة أعطانا شعوراً بأننا نستطيع منافسة الكبار".

وبينما كان الهدف تطوير الفريق، جاءت تصفيات كأس العالم 2014 مع المدرب المصري حسام حسن لتبرز الأردن على الساحة العالمية. وصل المنتخب إلى الملحق النهائي أمام أوروغواي، الذي حضر بعدته وعديده بقيادة دييغو فورلان وادينسون كافاني ولويس سواريز لتحسم خبرتهم العالمية بطاقة التأهل الى البرازيل. هذه التجربة أثبتت أن الاعتماد على مدربين عرب ليس صدفة، بل يحمل دلالات واضحة: فهم يمتلكون قدرة فنية وثقافية لإدارة اللاعبين وفهم التحديات الإقليمية، ما يجعلهم قادرين على تطوير الأداء من دون الانفصال عن السياق المحلي.

وفي كأس آسيا 2023، قاد المغربي الحسين عموتة المنتخب الأردني إلى النهائي لأول مرة في تاريخه. هذا الإنجاز لم يكن مفاجئاً، بل نتيجة تراكم الخبرات السابقة، وتكامل العمل بين الاتحاد الأردني، المدربين العرب، والمواهب المحلية. وصرّح اللاعب علي علوان: "كل خطوة كانت مدروسة، وكل جيل بناه الآخر، وهذا ما جعل الوصول إلى النهائي ممكنًا".

 

الكرة الأردنية أصبحت نموذجًا للتخطيط المستمر. (وكالات)
الكرة الأردنية أصبحت نموذجًا للتخطيط المستمر. (وكالات)

 

اليوم، ومع المدرب المغربي جمال السلامي، يواصل المنتخب الأردني كتابة تاريخ جديد بوصوله إلى كأس العالم 2026، بوجود أسماء مميزة في مقدمهم لاعب رين الفرنسي موسى التعمري ويزن النعيمات ويزن العرب وتامر بني عودة وابراهيم الصبرة وغيرهم. السلامي نجح في الدمج بين اللاعبين المحترفين في الخارج والمحليين، مع الحفاظ على فلسفة الانضباط الدفاعي والهجوم الجماعي، ما يؤكد استمرار النهج العربي في تدريب المنتخب، واستراتيجية الاتحاد الأردني في تطوير الفريق باستخدام الخبرات العربية القادرة على قراءة إمكانيات اللاعبين بكفاءة عالية.

ولا يقتصر نجاح الكرة الأردنية على التدريب فقط، بل هو نتاج منظومة متكاملة تشمل بنية تحتية حديثة، مدن رياضية في جميع المحافظات، برامج لاكتشاف وصقل المواهب، ودعم القيادة المباشر للرياضة ولا سيما من الملك عبد الله الثاني والأمير علي بن الحسين الذي كان على رأس اتحاد اللعبة طوال مدة النهضة الشاملة للعبة. كما لعبت الخبرة المتراكمة للأجيال السابقة دوراً مهماً، حيث تعلم كل جيل من أخطاء وتجارب الجيل السابق، لتصبح النجاحات الكبرى نتيجة طبيعية للاستثمار طويل المدى.

ومن الإنجازات التي تعزز مكانة الكرة الأردنية: وصول منتخب الشباب إلى كأس العالم 2007 في كندا، تأهل المنتخب الوطني لكرة السلة إلى نهائيات بطولة العالم مرتين، وإطلاق البطولات النسائية والناشئات واستضافة كأس العالم للنائشئات، وصولًا إلى الفوز بالدورة العربية (دورة الحسين) في عمان عام 1999، وكلها نقاط مضيئة في مسيرة الكرة الأردنية.

اليوم، وبعد بلوغ "النشامى" نهائي آسيا والتأهل التاريخي لكأس العالم 2026، يمكن القول إن الكرة الأردنية أصبحت نموذجاً للتخطيط المستمر، الثقة في المدربين العرب، اكتشاف المواهب، ودعم القيادة الحكيمة، لتصبح المسيرة كلها قصة مستمرة من البناء نحو القمة، وليست مجرد صدفة أو لحظة عابرة.

النجاح الأردني في كرة القدم يوضح درساً مهماً: أن الاستثمار في البنية التحتية، التطوير الفني، واختيار القيادة التدريبية المناسبة، مع دعم رسمي مستمر، ينتج فرقاً قادرة على منافسة الكبار وإبهار الجماهير. المنتخب الأردني اليوم ليس فقط فريقاً، بل رمز لإرادة وطنية وإرث رياضي يمتد عبر الأجيال، ونتيجة لمسيرة طويلة من التخطيط والتطوير المستمر.


العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 12/8/2025 10:41:00 AM
فر الأسد من سوريا إلى روسيا قبل عام عندما سيطرت المعارضة بقيادة الرئيس الحالي الشرع على دمشق
النهار تتحقق 12/8/2025 10:43:00 AM
الصورة عتيقة، وألوانها باهتة. وبدا فيها الرئيس السوري المخلوع واقفا الى جانب لونا الشبل بفستان العرس. ماذا في التفاصيل؟ 
النهار تتحقق 12/8/2025 2:57:00 PM
الصورة حميمة، وزُعِم أنّها "مسرّبة من منزل ماهر الأسد"، شقيق الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد. ماذا وجدنا؟ 
أثار سكنه في شقة بتكلفة 2300 دولار شهرياً انتقادات من خصومه الذين يعتقدون أن راتبه كعضو في جمعية ولاية نيويورك ودخل زوجته يسمحان للزوجين بالسكن في شقة أفضل.