في ريال مدريد، لم تعد كرة القدم تُحسم على أرضية الملعب، كما كانت الحال من قبل، ولم يعد المدرب هو من يتحكم بنتائج المباريات.

النتائج المخيبة باتت نتيجة منطقية للنهج الإداري الذي يعمل بمنطق المصالح والأرقام بدلاً من الشغف الذي يصنع الفرق ويحافظ على هويتها الحقيقية.

قبل سنوات قليلة، كان قميص ريال مدريد يمثل هوية النادي، أما اليوم فقد تحوّل إلى علامة تجارية تُدار بمنطق البيع والشراء. وحتى جوهر اللعبة لم يعد يأخذ أولوية للرئيس فلورنتينو بيريز، الذي تتركز اهتماماته أكثر على المال والنفوذ بدلاً من قيمة كرة القدم.

هذه التدخلات الإدارية البعيدة من الشأن التكتيكي أضعفت أداء الفريق بشكل واضح، بحيث انخفض المستوى وبات بعيداً من الصدارة بفارق أربع نقاط خلف برشلونة، بعد خسارته أمام سلتا فيغو بهدفين بلا رد. وفي ظل هذه السياسات الحالية، يبدو استمرار التراجع حتمياً مهما بلغ ذكاء المدرب وقدراته.

داخل ريال مدريد اليوم، المدرب لم يعد مسؤولاً عن اختيار اللاعبين أو إدارة التشكيلة كما كان سابقاً، فمعظم القرارات تُدار من الإدارة التي وضعت اللاعبين الكبار فوق سلطة المدرب، حتى لو استمرّوا في ارتكاب الأخطاء، وهذا الأمر أدى إلى إضعاف الانضباط داخل الفريق، وأصبحت الأولوية للنجوم بدلاً من الاعتماد على الجودة الفعلية.

من مباراة ريال مدريد وسلتا فيغو. (أ ف ب)

ريال مدريد الذي بُني على إرث أساطير مثل كريستيانو رونالدو، مارسيلو، سيرجيو راموس، لوكا مودريتش وكريم بنزيما، بدلاً من أن يُعاد بناؤه على أسس واضحة ومتينة، جرى ملء فراغ هؤلاء النجوم بلاعبين يُنظر إليهم كوسائل تسويق أكثر من كونهم ركائز حقيقية للتشكيلة.

هذا النهج امتد ليشمل اللاعبين الحاليين مثل فينيسيوس جونيور الذي يحافظ على مركزه رغم تدني مستواه بهدف الحفاظ على قيمته التسويقية. فالفيردي بدوره يحظى بحصانة مطلقة كونه "ابن النادي"، بينما رودريغو وأردا غولر فيُنظر إليهما من زاوية رفع قيمتهما السوقية أكثر من النظر إلى أدائهما الفني؛ وحتى تشواميني يتم تفضيله لضمان استمرار صورته بما يوافق عقده الضخم.

من الناحية التكتيكية، يلعب الفريق بكيفية تفتقر إلى الهوية في غياب مهاجم حقيقي واعتماد ثلاثة أجنحة يسارية في الوقت نفسه، مع وضع تشواميني كارتكاز وحيد في الخطة، وهذا الخليط أدى إلى ظهور أداء باهت، خصوصاً في اللحظات المصيرية، عندما تسيطر الحسابات الإدارية على القرارات الرياضية المهمة.

على الجانب الآخر، اعتمد برشلونة على مجموعة من اللاعبين الذين نشأوا في أكاديمية النادي منذ سنوات، مثل غافي وبيدري، وهذا يعكس أهمية التركيز على التطوير الفني وتعزيز الانسجام، بحيث أثبت ذلك نجاحه بوضوح مقارنة بالاعتماد على التسويق والأسماء اللامعة فقط.