بأسلوب يعكس فهماً عميقاً لفكرة التأثير والتميز، يواصل اللاعب الإسباني في أرسنال الإنكليزي، ميكيل ميرينو، كتابة فصول مسيرته بأسلوب استثنائي يبتعد عن النمطية. فهو ليس مجرد لاعب يؤدّي دوره وفق التعليمات الموكلة إليه، بل يُبدع فضاء خاصاً في داخل الملعب، ينطلق فيه بما يتجاوز الإطار التقليدي لأيّ خطة تكتيكية.

ميكيل ميرينو يُجسد نموذجاً استثنائياً للاعب لا تقتصر حدوده على مواقع الملعب المختلفة. (وكالات)

كل مباراة يخوضها تُعبّر عن بصمته الواضحة، حيث يجمع بين ذكائه الفطري وشخصيته المتميزة، مما جعله ركيزة أساسية في منظومة نادي أرسنال، فضلاً عن حضوره كقائد معنويّ قبل أن يكون مجرّد لاعب وسط ميدان بارز.

في عام 2017، أعرب المدرب الألماني توماس توخيل عن استيائه الكبير من قرار إدارة بوروسيا دورتموند إعارة ميرينو، مشيراً إليه بوصفه قطعة ألماس نادرة لا تُثمَّن.

وخلال فترة عملهما معاً، لم يكن دور ميرينو مجرد لاعب وسط تقليديّ أو صانع ألعاب، بل كان موضوع رهان لدى توخيل، الذي وظّفه كمدافع طوال موسم كامل؛ ومع كل أسبوع، كان ميرينو يثبت تطوّره الملحوظ، ويظهر كأنه لاعب يُعاد تشكيله ليجسد صورة جديدة من الكمال.

بمرور الزمن، أعاد ميرينو رسم معالم مسيرته كلاعب وسط فريد، متخطياً أداء الأدوار التقليدية للاعب المركز. فقد تألّق في مركز الارتكاز، وأثبت براعته كوسط هجوميّ، مميزاً بالقميص الرقم "8"، سواء مع أرسنال أو مع المنتخب الإسباني.

إلى جانب كل ذلك، تمكن من تحقيق إنجاز لافت بتسجيله أعلى معدل مساهمة في الأهداف بتاريخ المنتخب الإسباني بنسبة مذهلة بلغت 43 في المئة.

ومع تطور أدائه وتعدّد إمكانياته، جاءت واحدة من أكبر التحديات عندما منحه ميكيل أرتيتا فرصة اللعب كقلب هجوم. وهنا، وعلى غير المتوقع، برز ميرينو بقوة بهذا الدور الجديد، متجاوزاً التوقعات، ونجح بتسجيل ثلاثة أهداف، إلى جانب صناعة تمريرة حاسمة خلال 16 مباراة فقط لهذا الموسم. بذلك أثبت مجدّداً قدرته على التألّق في أيّ موقع يُطلب منه شغله.

ميكيل ميرينو يُجسّد نموذجاً استثنائياً للاعب لا تقتصر حدوده على مواقع الملعب المختلفة، فهو مزيج فريد يجمع ما بين القوة والهدوء، الذكاء والانضباط، وبين شخصية القائد ومنهجية اللاعب الذي يقبل بكل تواضع دوره داخل الفريق حتى وإن كان على دكة الاحتياط، من دون أن يتخلّى عن هويّته ومكانته.

في عالم كرة القدم المليء بنجوم التخصص في المراكز المحددة، يبرز ميرينو كنموذج للاعب يتحدّى القيود، ويخلق لنفسه أدواراً لا مثيل لها. هو مثال يُعيد تعريف مفهوم التعددية التكتيكية بلمسته الخاصة بعيداً عن الرتابة المعتادة، وبإصراره على التفرد، وتمسّكه بروحه الملهمة في داخل المستطيل الأخضر. يبقى ميرينو أكثر من مجرد لاعب كرة قدم متعدد الأدوار، بل قصّة ملهمة ترسم ملامح جديدة للّعبة.