عموري... موهبة جعلت كرة القدم تنطق باللهجة الإماراتية
قلّما استطاعت موهبة في عالم كرة القدم، ان تلامس وجدان الجماهير وتحوّل المستطيل الأخضر إلى لوحة فنية نابضة بالحياة. عمر عبد الرحمن أو "عمّوري" اللاعب الذي لم يكن مجرد موهبة، بل ساحر أو بالأحرى حكاية وطن حلم بالنجوم، فأنجب مبدعاً طرق أبواب المجد.
في أزقة العاصمة السعودية الرياض، ولد عموري لأبوين يمنيين عام 1991، ثم انتقل في صغره إلى الإمارات، حيث بدأت الحكاية من الأزقة الصغيرة إلى ملاعب الحلم.

على غرار الاساطير، كانت الكرة جزءاً من شخصيته ومنذ نعومة أظافره، كأنها امتداد لروحه. لاحظ نادي الهلال السعودي موهبته مبكراً، لكن الظروف حالت دون ضمه رسمياً، فتلقفته أكاديمية نادي العين وفتحت أمامه آفاق التألق.
في عمر السادسة عشرة، باشر عموري مشواره مع "الزعيم" الإماراتي، حيث صنع معه مجده وصقل مهارته، وتحوّل سريعاً إلى مدلّل الجماهير، وأصبح الاسم الذي تهتف له المدرجات قبل أي مباراة.
بأسلوبه الفريد في المراوغة، وتمرّيراته التي تشطر الدفاعات نصفين، استطاع أن يعيد إلى الأذهان سحر الكرة في زمنها الجميل، وقاد العين إلى ألقاب متتالية في الدوري، وتُوّج بجائزة أفضل لاعب إماراتي، قبل أن يعتلي القارة كلها في عام 2016 بحصوله على جائزة أفضل لاعب في قارة آسيا.
رمز "الأبيض" والخليج
تسلل سريعاً الى قلوب الإماراتيين، عندما ارتدى قميص "الأبيض" عام 2011، وسريعاً تحول إلى النجوم الأول في الفريق الوطني، وكان القلب النابض لجيل ذهبي أعاد "الأبيض" إلى الواجهة.
قاد منتخب بلاده في كأس آسيا 2015 إلى المركز الثالث، وقدم عروضاً ساحرة جعلت اسمه على كل لسان في القارة الآسيوية. لكن اللقب الأغلى عاطفياً بالنسبة له، وربما للجماهير، كان كأس الخليج 2013 في البحرين، حين قدّم مستويات خرافية وتُوّج بجائزة أفضل لاعب في البطولة، مؤكداً أنه ليس صانع ألعاب فحسب، بل صانع فرحة وطن.

لاحقته الإصابات مراراً، ولاسيما منها الرباط الصليبي، وقطعت الحلم في لحظاتٍ كان فيها على أعتاب العالمية، رغم محاولاته المتكرّرة للعودة، إلا أن تكرار الإصابات والتنقل بين الأندية (الهلال، الجزيرة، شباب الأهلي، الوصل) أنهك الجسد وأطفأ شيئاً من البريق.
وبرسالة مؤثرة عبر "إنستغرام" أعلن عمري تعليق الحذاء، مسدلاً الستار على 15 عاماً من السحر والإبداع، قائلاً "اليوم أغلق هذا الفصل الجميل من حياتي، وأبدأ رحلة جديدة... شكراً لكل من كان جزءاً من هذه المسيرة".
سيبقى عمر عبد الرحمن، من بين أعظم ما أنجبت الملاعب الإماراتية خصوصاً في العقود الثلاثة الماضية، إذ جمع بين المهارة الفطرية والرؤية الثاقبة، بين الإبداع والاتزان، بين الطفولة في اللعب والنضج في الأداء، كرمز للموهبة النقية.
نبض