أيامٍ مجيدة تعيشها كرة القدم اللبنانية، حيث توالت الإنجازات على أكثر من صعيد، سواء الأندية ببلوغ الأنصار نصف نهائي الغرب في دوري التحدي الآسيوي، وقبلها تأهل المنتخب الأولمبي لنهائيات كأس آسيا وإنجازات أخرى على مستوى الناشئات، وأخيراً كان لمنتخب الناشئين إضافة نوعية في الإنجازات ببلوغه نهائي كأس غرب آسيا قبل ان يخسر بفارق ركلات الترجيح أمام نظيره السعودية 3-5 بعدما تعادلا بهف لمثله في الوقت الأصلي في مدينة العقبة الاردنية.

احتاج منتخب الناشئين تحت 17 سنة، إلى ثوان قليلة ليحرز اللقب حيث تقدم بهدف وحيد عبر عدنان ماضي إثر تمريرة مميزة من أنطوان عساف (83)، قبل أن يدرك يزن عبد الرب النبي التعادل (90+2).

وقدم اللبنانيون بقيادة المدرب رامي اللاذقي بطولة إقليمية مميزة، إذ اتسم الأداء العام بالانضباط التكتيكي والمستوى البدني العالي، ليظهر الفريق بأداء منظم وشخصية قوية.

واستهل الفريق مشواره في دور المجموعات بتعادلين سلبيين مع الكويت ثم السعودية، وضمن بلوغ نصف النهائي بعدما تغلب على نظيره العراقي 1-0، ليحجز مكانه في الدور نصف النهائي حيث تفوّق على نظيره السوري بركلات الترجيح.

وقدم منتخب "الأرز" خلال البطولة نواة نجوم لمستقبل اللعبة حيث برز الحارس جايسن فنيانوس إلى جانب حاتم صفي الدين وأنطوان عساف وعدنان ماضي وغيرهم، ممن سيحملون الآمال في التصفيات الآسيوية التي تنطلق في 22 الجاري. وكانت قرعة التصفيات قد أسفرت عن وقوع المنتخب اللبناني في المجموعة الرابعة إلى جانب منتخبات إيران، الهند (المضيفة)، فلسطين، والصين تايبيه، في مجموعة يُتوقّع أن تشهد تنافساً كبيراً على بطاقة التأهل.

ورأى رئيس الاتحاد اللبناني ونائب رئيس الاتحاد الآسيوي المهندس هاشم حيدر أن ما قدّمه منتخب الناشئين يشكل مصدر فخر كبير لكل لبناني، وأردف "الوصول إلى النهائي بعد أداء مشرف أمام منتخبات قوية يُثبت أن كرة القدم اللبنانية تسير على الطريق الصحيح، برغم كل الظروف الصعبة التي نعيشها."

وقال حيدر لـ"النهار": "الخسارة بركلات الترجيح أمام المنتخب السعودي لا تُقلّل إطلاقاً من قيمة الإنجاز، بل تؤكد أن الفارق بيننا وبين باقي المنتخبات لم يعد فنياً بقدر ما هو في الإمكانات والظروف المحيطة."

وتابع "منتخب السعودية يتمتع بكل الاحتياجات الممكنة، ولا سيما على مستوى البنى التحتية ومعسكرات خارجية واستقرار كامل، بينما يواصل شباب لبنان العطاء من قلب الصعوبات، باندفاع وشغف وإرادة". وأعرب عن اعتزازه "بهذا الجيل الواعد، وهذه النتيجة ثمرة جهد وعمل على مدار السنوات الماضية في مشروع تطوير الفئات العمرية، وسنواصل هذا النهج لأننا نؤمن بأن الاستثمار في الأجيال الصغيرة هو الطريق الوحيد لنهضة كرة القدم اللبنانية."

وتوجه حيدر بالشكر للجهازين الفني والإداري وللاعبين الذين أدّوا مبارياتهم بروح قتالية عالية، وأثبتوا أن الإرادة اللبنانية قادرة على تجاوز الإمكانات المحدودة، وأن لبنان حاضر في كل المحافل برغم التحديات.

إن ما حققه منتخب الناشئين يأتي استكمالاً لمسار تصاعدي تشهده كرة القدم اللبنانية في الآونة الأخيرة، فبعد تأهل المنتخب الأولمبي إلى نهائيات كأس آسيا، ونجاح منتخب الناشئات في التتويج بلقب إقليمي، وبلوغ نادي الأنصار نصف نهائي منطقة الغرب في دوري التحدي، يثبت لبنان أنه يسير بثبات نحو مرحلة جديدة من التطور الكروي الشامل.

هي سلسلة من الإنجازات التي تعكس روح العمل الجماعي والرؤية الواضحة لاتحاد اللعبة، وتؤكد أن كرة القدم اللبنانية،ب رغم الصعوبات وقلة الإمكانات وغياب الملاعب المتطابقة مع معايير الاتحادين الآسيوي والدولي، ما زالت تمتلك طاقات واعدة وإرادة صلبة قادرة على مقارعة الكبار متى توفرت لها مقومات الدعم والنجاح، بما يضمن استمرار رفع اسم الوطن عالياً في المحافل الآسيوية والدولية.