لماذا ‘ستختفي‘ حلقات زحل في آذار 2025؟

في الأيام القليلة الماضية، انتشر عدد كبير من المقالات التي تشير إلى أنّ حلقات زحل "تختفي" بسرعة، وتحديداً بحلول 2025. هل هذه القصّة صحيحة؟

شرح أستاذ الفيزياء في جامعة ساوث كوينزلاند الأسترالية جونتي هورنر أساس تلك المزاعم ومدى صحّتها في موقع "ذا كونفرسيشن".

تكمن خلاصة الجواب في شرح معنى "اختفاء".

الانقلاب وميلان الأرض

بحسب هورنر، يجب البدء بالنظر إلى الأرض في رحلتها المستمرة حول الشمس. تأخذنا هذه الرحلة عبر الفصول – من الشتاء إلى الربيع، فالصيف والخريف. وهكذا دواليك.

ما الذي يسبّب الفصول؟ ببساطة، تميل الأرض نحو جانب واحد، كما تُرى من الشمس. يميل خط الاستواء لدينا بنحو 23.5 درجة عن مستوى مدارنا.

النتائج؟ عندما نتحرّك حول الشمس، يميل نصفا الكرة الأرضيّة بالتناوب نحو نجمنا. عندما يميل نصف الكرة الأرضيّة حيث منزلكم أكثر نحو الشمس، تحصلون على أيام أطول من الليالي وتختبرون الربيع والصيف. عندما يميل بعيداً، تحصلون على أيام أقصر وليالٍ أطول، وتختبرون الخريف والشتاء.

زحل، عالم مائل عملاق

تماماً مثل الأرض، يمرّ زحل بمواسم، ولكنّها أطول بـ 29 مرة من مواسمنا. يميل خط استواء الأرض بمقدار 23.5 درجة، بينما يميل خط استواء زحل بمقدار 26.7 درجة. النتائج؟ بينما يتحرّك زحل خلال مداره الذي يبلغ 29.4 عاماً حول نجمنا، يبدو أيضاً أنّه يتحرك لأعلى ولأسفل كما يُرى من الأرض والشمس.

ماذا عن حلقات زحل؟ ينتشر النظام الحلقي الهائل للكوكب والذي يتكون من قطع جليد وغبار وصخور على مسافة ضخمة: ما يزيد قليلاً عن 280 ألف كيلومتر من الكوكب. لكنّ الحلقات رقيقة جداً – في معظم الأماكن، يبلغ سمكها عشرات الأمتار فقط. تدور الحلقات مباشرة فوق خط استواء زحل، وبالتالي فهي مائلة أيضاً بالمقارنة مع مستوى مدار زحل.

لماذا "تختفي"؟... التقطوا ورقة

الحلقات رفيعة جداً بحيث تبدو وكأنها تختفي عند رؤيتها من حافّتها مباشرة. يمكنكم تصور ذلك بسهولة عن طريق الإمساك بورقة وتقليبها حتى تصبح لا يبدو أمام نظركم شوى الحافة. عندها تختفي الورقة تقريباً عن الأنظار.

مع تحرّك زحل حول الشمس، يتغيّر مركز نظرنا. بالنسبة إلى نصف المدار، يميل نصف الكرة الشمالي نحونا، ويميل الوجه الشمالي لحلقات الكوكب في اتجاهنا.

عندما يكون زحل على الجانب الآخر من الشمس، يكون نصفه الجنوبي موجّهاً نحونا. وللسبب نفسه، نرى الوجه الجنوبيّ لحلقات الكوكب مائلاً في اتجاهنا.

أفضل طريقة لتوضيح ذلك هي أن تأخذوا الورقة، وتمسكوا بها أفقياً – بشكل مواز للأرض – على مستوى العين. الآن، حرّكوا الورقة لأسفل نحو الأرض بضع بوصات. ماذا ترون؟ يظهر الجانب العلويّ من الورقة. حرّكوا الورقة مرّة أخرى للأعلى، لتثبيتها فوقكم ويمكنكم رؤية الجانب السفليّ من الورقة. ولكن عند مرورها عبر مستوى العين، ستختفي الورقة تقريباً.

وهذا ما نراه مع حلقات زحل. مع تقدّم فصول زحل، ننتقل من ميل الجانب الجنوبيّ للحلقات إلى رؤية الجانب الشماليّ. ثم يعود الكوكب إلى الوراء ليكشف عن الجانب الجنوبيّ مرة أخرى. مرّتين في السنة الزحليّة، نرى الحلقات على الحافّة وتختفي جميعها عن الأنظار.

هذا ما سيحدث في 2025، والسبب وراء "اختفاء" حلقات زحل هو أنّنا سننظر إلى حافّتها.

لا داعي للهلع

يحدث هذا بانتظام. كانت المرة الأخيرة سنة 2009، وأصبحت الحلقات مرئيّة تدريجياً مرة أخرى، على مدار بضعة أشهر. ستظهر الحلقات مرة أخرى في آذار (مارس) 2025. ثم ستعود تدريجياً إلى المشهد كما تُرى من خلال التلسكوبات الكبيرة، قبل أن تختفي عن الأنظار مرة أخرى في تشرين الثاني (نوفمبر) 2025.

بعد ذلك، ستصبح الحلقات أكثر وضوحاً بشكل تدريجيّ، وستعاود الظهور أولاً أمام أكبر التلسكوبات خلال الأشهر التالية. لا شيء يدعو للقلق.

إذا كنتم تريدون رؤية حلقات زحل بوضوح، فالآن هي أفضل فرصة لكم، على الأقل حتى 2027 أو 2028!