من "المدينة" إلى لندن… رحلة سومي مدني بين الإبداع والهويّة
اللّقاء عن بُعد كان من لبنان إلى لندن. الرغبة في التعرّف أكثر على مصممة الأزياء السعودية من أصول أفغانية وبريطانية سومي مدني كانت نابعة من متابعة التقدّم الكبير الذي تحقّقه على صعيد الموضة، وكونها امرأة وأماً حاضرة في مجتمع ليس سهلاً الحضور فيه. الدردشة عبر الفيديو كانت دافئة، مليئة بالابتسامات التي حملتها معها سومي في كل مراحل حياتها، ما جعلها المرأة التي هي عليها اليوم، وما منحها الأفق لتقول إن إنجازاتها لا تزال في بداياتها، وإن أمامها الكثير من الأحلام التي تودّ تحقيقها، سواء لذاتها أو للبلد الذي تنتمي إليه.
- كيف تودّين أن يتم تقديمك؟
أودّ أن أُقدَّم كإنسانة وأم لروحَين، وهو الدور الذي أفتخر به كثيراً، إذ إن كل ما أُبدعه في عالم الموضة ينبع من المكان نفسه: الحب، والرعاية، والمسؤولية. فبناء علامة تجارية يشبه تماماً تربية الأطفال، من حيث الحماية، والتغذية، وترك أثر ذي معنى وقيمة حقيقية.
-لقد حقّقتِ إنجازات في أسبوع الموضة في لندن، وعلى السجادة الحمراء في مهرجان كان السينمائي، وفي مناسبات أخرى… كيف ترين هذه المحطات في مسيرتكِ؟
أنا ممتنّة للغاية لتلك الفرص، وأعتقد أن هذه المنصّات تقدّم مساحة رائعة ليرى الناس موهبتي ويقدّروا فني وما لديّ لأقدمه. لكنني أدرك أيضاً أنني خُلقت لأفعل ما هو أكبر. هدفي أعمق، وأؤمن بأنني هنا لأترك أثراً يتجاوز لحظات الاعتراف.

- ما الذي ألهمك لدخول عالم الموضة؟
خلال فترة جائحة كورونا في 2021، شعرت وكأن الحياة وجهت لي صفعة، كنت جالسة في المنزل مع طفليّ بدون أي نشاط، ومن هنا بدأت بإطلاق عملي عبر الإنترنت، وصممت شعاري مع صديقة، وأجريت جلسة تصوير في منزل بلندن، ومن ثم بدأت بالتواصل مع العاملين في مجال الموضة محلياً وعالمياً وتنظيم فعاليات افتراضية. وبعد رفع الإغلاق، تلقيت دعوة للمشاركة في أسبوع الموضة في لندن، ومن هناك بدأت مسيرتي جدياً.
المطبخ الإبداعي
- ماذا تُحضّرين اليوم في "مطبخك الإبداعي"؟
هناك دائماً ما يحضّر في مطبخي الإبداعي. أعمل حالياً على فصل جديد لعلامة Somy London، وهو مشروع لطالما تحمّست له. سأقدّم خط أزياء "Streetwear" بالتعاون مع فنّانين موهوبين، مع الحفاظ على جوهر الفخامة التي تعرّف عن هويّتي.

- كيف تؤثر الروحانية أو التأمل في عملك الإبداعي؟
التأمل والصلاة والحديث مع الله يساعدني على الارتباط بصوتي الداخلي. أعتقد أن الفنان يولد مع موهبة الإبداع، ولتقديم عمل فني متميز، يجب علينا أن نهدئ العقل ونستمع إلى القلب. أحب أن أبتكر أزياء يمكن للناس أن يشعروا بها وليس فقط أن يرتدوها. على سبيل المثال، مجموعة "أرض النور" التي عرضتها في أسبوع الموضة في لندن كانت مستوحاة من طفولتي وتجربتي الشخصية، تعكس رحلة التحوّل من الظلام إلى الأمل، وقد أثر هذا العمل على الجمهور تأثيراً عاطفياً كبيراً.
لندن والتناقضات
- كيف أثّرت حياتكِ في لندن على روحكِ الفريدة؟
لقد شكّلتني لندن بطرق عديدة. إنها مدينة التناقضات: تاريخ وحداثة، تقليد وتمرد، صمت وفوضى. تعلّمت كيف أحمل هذه التناقضات إلى تصاميمي. العيش هنا علّمني أن أحتضن التعقيد حتى في ذاتي، وأن أحوّله إلى جمال في تصاميمي.

السعودية والهوية العالمية
- كيف ترين التوازن بين الهوية المحلية والانفتاح العالمي؟
أنا ضدّ اتّباع الصيحات، وخصوصاً للمصمّمين الجدد. الأهم هو أن يثق كل مصمّم بما ينبع منه من إبداع، لأن توقيعه الفريد هو الذي سيصنع الصيحات.
- ما الاستراتيجية التي تضمن أن يكون كل عرض أزياء رسالة ثقافية واجتماعية؟
كل شيء عندي يتمحور حول السرد القصصي. أنا محظوظة بفريق رائع يفهم رؤيتي، ومعاً نختار الموسيقى، الأزياء، العارضين، المكياج، وتسريحات الشعر لنروي القصة التي نريدها.

الذكاء الاصطناعي والاستدامة
- كيف تنظرين إلى استخدام الذكاء الاصطناعي؟
في البداية كنت خائفة، لكن بعد تعلم المزيد عنه، أصبح أداة مساعدة في عملي. أستخدمه لتوليد الأفكار والتحقق من القياسات وتسريع العملية الإنتاجية، مع الحفاظ على الروح الإنسانية في التصميم. كما أستفيد منه لتطبيق ممارسات الاستدامة وتقليل الهدر في الإنتاج.
الطموحات المستقبلية
- ما هي طموحاتك المستقبلية؟
أسعى لبناء إرث في عالم الموضة، وخلق خطوط أزياء تضيف قيمة لحياة الناس، خصوصاً في مجال الموضة التي تعزز الرفاهية. أرغب في افتتاح متاجر في الرياض ولندن ونيويورك ودبي ولبنان وفلسطين، مع التركيز على مشاركة التراث والثقافة بطريقة عالمية.

- إذا تخيّلتِ مشهد الموضة في السعودية بعد عشر سنوات، كيف ستصفينه؟
مع سرعة نمو الموضة السعودية اليوم، أتخيلها بعد عشر سنوات قوة عالمية. وأنا متحمسة لرؤية المصمّمين متمسكين بثقافتهم وتراثهم، لكن يدمجونها بأفكار أكثر جرأة لتخاطب العالم بأسره.

نبض