"طال عمره" في الرّياض... و"أبو سلطان" يهزّ خشبة المسرح السّعودي كوميديا (فيديو)
هنا في السعودية تحوّل الفنّ إلى عادة، فمن يتابع يوميات الرياض، لناحية الثقافة والفن، يخيّل له وكأنه في قطار سريع ينطلق من محطته "2030" ليصنع عند كل محطة يتوقف بها إنجازاً ويترك سحراً.
هو قطار يبني محطاته المستشار تركي آل الشيخ، وإحداها تحوّلت فيها السكك الحديدية إلى مسرح خشبي ينبض بروح كوميديا اجتماعية، يطل فيها "أبو سلطان" من نافذة "طال عمره" ليقدّم أيقونة مسرحية، "طال عمرها". مسرحية تدور أحداثها حول أسرة من الطبقة الثرية، لكنها غارقة في الأزمات، وتنتظر بفارغ الصبر المعجزة التي قد تغيّر مصيرها، وهي وفاة كبير العائلة للحصول على الميراث الضخم.
ففي قلب مسرح بكر الشدي ببوليفارد سيتي في الرياض، أضيئت أضواء المسرح معلنة بداية عرض "طال عمره"، لتملأ القاعة ضحكات الجمهور المتفاعل وتصفيقه الحار. هنا السينوغرافيا تشهد على عمل نوعي. الألوان، والإضاءة، والصوتيات، جاءت لتكمل تجربة بصرية وسمعية متكاملة، بينما صنع ناصر القصبي وفايز المالكي وحبيب الحبيب ونخبة من النجوم المشهد ببراعة فائقة، مسجلين أداءً تمثيلياً "تُرفع له القبعة"، فكل حركة وكل كلمة تعكس روح الكوميديا الاجتماعية بأسلوب سلس وممتع، وتجعل المشاهد جزءاً حيوياً من التجربة نفسها.
المسرحية التي قدمتها بوليفارد ستوديو من إنتاج وتنفيذ المنتج خالد الباز، وتأليف الكاتبة بدرية البشر، تمزج بين الكوميديا الاجتماعية والدراما الإنسانية في قالب مسرحي متجدد، وتأتي ضمن فعاليات موسم الرياض، مع عودة الفنان فايز المالكي بعد غياب، وبمشاركة نخبة من نجوم الدراما السعودية.
رسالة وضحك متواصل
في حديثه لـ"النهار"، عبّر حبيب الحبيب عن فخره بالمسرحية وفريق العمل: "من خلال هذه المسرحية نوجّه تحية لجمهورنا، فقد عملنا لأكثر من شهر ونصف شهر كي يشاهدوا هذا العمل بهذا المستوى. بدأنا الاستعداد منذ أشهر على مستوى النص وورشة الكتابة، ومع الكاتبة والروائية بدرية البشر التي كتبت لنا نصاً ساحراً استطعنا تجسيده على خشبة المسرح بفضل نجوم كبار أفتخر بهم".
وأضاف الحبيب: "اتفقنا أن نقدّم الجرعة الأكبر من الضحك والمتعة، والمشكلات الاجتماعية الموجودة في كل بيت عربي وليس سعودياً فحسب. نجحنا في إيصال رسالتنا منذ العرض الأول، والعمل الجماعي وروح العائلة بين أعضاء الفريق هو ما منح المسرحية حيويتها ونجاحها. والمنتج خالد الباز زفّ لنا خبر مدّ المسرحية خمسة أيام إضافية".
وختم: "أصبحت المسؤولية مضاعفة علينا بعد تقديم مسرحيات سابقة، وصلنا إلى مرحلة نريد أن نجسّد كل إمكاناتنا أمام جمهور كان سبباً في صناعة أسماء. تحية لكل الجهود المبذولة خلف الكواليس والتنظيم من 'صلة'".

المسرح رسالة وارتجالات حية
أما عجيبة الدوسري فشدّدت على أهمية التفاعل الحي مع الجمهور: "المسرحية جميلة في أصلها، فالمسرح هو رسائل هادفة، وهو كوميديا تحمل رسائل واضحة. هذه ثاني مسرحية أعمل فيها مع القصبي، وهو بالنسبة إليّ أب، ومدرّس، ومعلّم. ومع وجود المخرج يوسف البغلي خرجت ارتجالات رائعة، تمنح كل مشهد حياة وحركة إضافية".
وأضافت: "أشكر المستشار تركي آل الشيخ الذي قدّم الدعم لشبابه، أدواتنا جاهزة، وكل ما نحتاجه هو الجمهور".

أما عبد المجيد الرهيدي، فوصف تجربته مع العمل قائلاً: "هي رابع مسرحية تجمعني بالقصبي ضمن موسم الرياض، ونجحنا في المزج بين الكوميديا والفكرة العميقة، بفضل النص المميز الذي قدّمته بدرية البشر وحوارنا القريب من البيئة السعودية. الجمهور نفسه هو دعاية المسرحية، والحضور يزيد من حماستنا ويجعلنا نقدم أفضل ما لدينا".
وأشار الرهيدي إلى روح الفريق: "كلما نظرت في عيون ناصر القصبي أضحك! اللحظة الحية والارتجال جزء كبير من روح المسرح، خصوصاً مع نجوم بهذه الخبرة. ثقة الجمهور في القصبي، وفي الفريق، وفي عودة فايز المالكي إلى المسرح، كل هذه العناصر ساهمت في نجاح العمل".

رسائل واضحة
وعبرت عبير فهد عن التزام المسرحية بقواعد المسرح: "المسرحية ملتزمة بكل قواعد المسرح وأساسياته. شخصيتي لطيفة وجميلة، ابنة 'أبو سلطان' الذي يجسّده ناصر القصبي، لها رسالة توضح للجمهور أثناء المشاهدة. هناك مفاجآت كثيرة في العروض، وحتى بعد أحد عشر عرضاً، ما زلنا نضيف لمسات جميلة، بينما تظل القواعد الأساسية ثابتة".
دفعة للشباب السعودي
تحدّث وليد قشران عن تجربته: "المشاركة شيء كبير للشاب السعودي الذي يطمح ليصبح شخصية فاعلة. الحكومة تدعم الشباب لتقديم فن جميل، والاحتكاك بأساتذة كبار مثل ناصر القصبي وفايز المالكي وحبيب الحبيب، يدفعنا لتقديم أفضل ما لدينا".
وأضاف: "المملكة ولّادة للفنانين والفن الراقي الذي يقدّم حالة درامية وكوميدية هادفة للمشاهد. مع تركيز الحكومة على جودة المحتوى، أصبح المجال أرحب أمام الفنانين لتقديم مسرحيات نخبوية وراقية. أنا متفائل جداً بأننا، نحن النجوم الشباب، ومع وجود هذه القامات الكبيرة، مقبلون على مستقبل مليء بالمفاجآت الجميلة".
وأشار قشران إلى متعة التعلم من النجوم: "حتى لو تكرّر المشهد يومياً، لا نستطيع الثبات من دون ضحك. الإيحاء الكوميدي يجبرك على الاستمتاع والتعلّم من هؤلاء النجوم كل يوم".

نكهات مختلفة لكل ممثل
هيفاء ناصر تحدثت عن سر متعة المسرحية: "الدكتورة بدرية البشر جمعت مشكلات اجتماعية مختلفة، وقدّمنا قصة محبوكة وسيناريو متقناً ضمن فكرة ذكية، مع دور المخرج والممثلين الذين لكل واحد منهم نكهة في العمل المسرحي. كل يوم يفاجئنا شيء جديد، وردّة فعل ناصر القصبي وفايز المالكي تمنحنا الطاقة، وهذه هي متعة العمل، اللحظة الحيّة تجعلنا نضحك معهم ونضحك الجمهور".
أما نايف العنزي فقال عن تجربته الأولى مع المسرح السعودي: "برغم أن لدي أعمالاً مسرحية سابقة، فإن هذا أول عمل سعودي أقدمه مع القصبي، وإذا معك ناصر القصبي فالعمل سيصل إلى كل الناس. وجود فايز المالكي هو "الملح" الخاص بالمسرحية. كل يوم يجب أن أخرج منه بشيء جديد. نحن جميعاً متفقون من البداية على أن المالكي هو النكهة الخاصة في المسرحية... هو ملح المسرحية وإضافة كبيرة جداً".

وتابع: "أنا شخصياً أعتبر وجوده مكسباً لي لأني أتعلم منه، ومع وجود هذه القامات أشعر أن كل يوم يمرّ يجب أن أخرج منه بشيء جديد، وإلا فأنا الخاسر".
ويختم: "هذا أول عمل سعودي لي، أشعر أنها خطوة ستوصلني إلى أماكن أكبر إن شاء الله. وأكشف أنه، خلال شهر، سأعود إلى المسرح نفسه لتقديم عرض مسرحي جديد، وقد فتح ناصر القصبي الباب أمام هذه الفرصة".
نبض