التاج لا يعلو على الكرامة... صرخة ملكة جمال المكسيك تهزّ العالم (فيديو)
من بانكوك، المدينة التي كان يفترض أن تحتضن لحظة احتفاء بالجمال، خرج صوت واحد هزّ المنصات: "لن يسكتني أحد".
بهذه العبارة، حوّلت ملكة جمال المكسيك فاطمة بوش لحظة الإهانة إلى صرخة عالمية اختصرت قضية أكبر من تاجٍ أو لقب. إنها حكاية امرأة واجهت الاستغلال في أكثر العوالم بريقاً وهشاشة، لتؤكد أنّ الكرامة لا تُقاس بالألقاب.

في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر، وخلال حفل تقديم الأوشحة في بانكوك ضمن فعاليات النسخة الـ74 من "ملكة جمال الكون"، وجّه رجل الأعمال التايلاندي ناوات إيتساراغريسيل، نائب رئيس المنظمة لمنطقة آسيا وأوقيانوسيا، توبيخاً علنياً لملكة جمال المكسيك، واصفاً إياها بـ"الغبية"، قبل أن يأمر رجال الأمن بإخراجها من القاعة.
السبب، كما زُعم، رفضها نشر مواد ترويجية لإحدى الشركات الراعية. لكن ما بدا خلافاً بسيطاً تحوّل سريعاً إلى فضيحة أخلاقية كشفت خلف الكواليس وجهاً مظلماً لعالم الجمال، حيث تُعامل النساء كوسائل دعائية لا كأصوات تعبّر عن نفسها.

الكرامة قبل الواجهة
حين طُلب من فاطمة أن تصمت، ردّت بهدوء وحزم: "نحن نحترمك، كما عليك أن تحترمنا. أنا هنا أمثّل بلدي".
لكنّ ردّها لم يرقَ لإيتساراغريسيل، فأمر بإخراجها. حينها، دوّى الموقف الإنساني الذي سيحفر في ذاكرة المسابقة: ملكة جمال الكون الحالية، الدنماركية فيكتوريا كير ثيلفيغ، غادرت القاعة تضامناً، وغادرت أيضاً ملكتا جمال العراق وفلسطين وعدد من المشاركات اللواتي فضّلن الانسحاب على الصمت.
كانت تلك اللحظة إعلاناً عن ولادة وعي نسائي جديد داخل عالم طالما اختزل الجمال في المظهر.

ردود الفعل والبيان الرسمي
انتشر الفيديو كالنار في الهشيم، وتصدّرت الحادثة وسائل التواصل. وخرجت فاطمة لتقول: "لقد أهانني لأنه يواجه مشكلات مع المنظمة. ما فعلته دفاع عن كل امرأة. نحن نساء قويات، ولن يسكتني أحد".
تحوّلت عبارتها إلى شعار عالمي تحت وسمي "”RespectHerVoice و"BeautyWithDignity".
ولم يطل الصمت طويلاً، إذ أصدرت منظمة "ملكة جمال الكون" بياناً مصوّراً على لسان رئيسها راؤول روشا كانتو قال فيه: "نستنكر بشدّة الأفعال المسيئة التي ارتكبها إيتساراغريسيل، والتي أهانت فاطمة بوش. ما حدث محاولة لترهيب امرأة، ولن نسمح بتكراره"، مضيفاً بحزم: "ناوات، عليك أن تتوقف".
وأشار البيان إلى تقييد مشاركته في الفعاليات المقبلة، مع احتمال اتخاذ إجراءات قانونية في حقه، في خطوة وُصفت بأنها تصحيح متأخّر لمسار فقد بوصلته الأخلاقية.
ملكة جمال الكون الحالية فيكتوريا كير كتبت عبر "إنستغرام": "من صمت التاج إلى صوت العدالة"، مضيفة: "الدفاع عن النفس ليس سهلاً، لكنه من أهم مظاهر القوة. نحن نعرف قيمتنا، ولن نسمح لأحد بإسكات أصواتنا بعد اليوم".
وفي حديثٍ لاحق قالت: "ما حدث يتعلّق بحقوق النساء. لا يمكن إهانة متسابقة ثمّ نتابع كأنّ شيئاً لم يكن".

كواليس من داخل القاعة
وبحسب مصادر خاصة بـ"النهار"، ساد توتّر واضح في القاعة عقب الحادثة. بدا على رجل الأعمال التايلاندي انفعال مفرط وتعابير متشنّجة، فيما تبادلت المتسابقات نظرات الاستغراب والحرج.
وتشير المصادر إلى أنّ ملكة جمال العراق حنين القريشي وملكة جمال فلسطين نادين أيوب كانتا قريبتين من فاطمة وتابعتا ما جرى لحظة بلحظة. وقد عبّرت الفلسطينية نادين أيوب عن احترام متبادل مع ملكة جمال المكسيك بعد محادثة جرت بينهما وذلك قبل الحادثة بدقائق. وعندما وقعت الإهانة، كانت ردّة الفعل تلقائية: "الدم العراقي والفلسطيني غلى لأجل المرأة".

المصادر نفسها تؤكد أنّ ناوات استخدم لهجة تسليعية فجة، محاولاً إجبار المشاركات على الترويج لإعلانات هابطة، بعضها خاص بالمقامرة، ما يتنافى مع الرسالة الأصلية للمسابقة.
الجمال بصوت جديد
تحوّلت فاطمة بوش من متسابقة إلى رمز للكرامة النسائية في وجه الاستغلال التجاري. قالتها ببساطة: "لا يهمّ إن كان لديك تاج على رأسك، فإذا كان الثمن كرامتك، فابتعد".
جملة واحدة كانت كافية لتسقط التاج الرمزي وتضع مكانه تاج الوعي والاحترام.
تستعدّ تايلاند الآن لاستضافة النهائيات في 21 تشرين الثاني/نوفمبر بمشاركة 122 متسابقة، لكنّ الاختبار الحقيقي ليس على المسرح، بل في الإجابة عن سؤالٍ واحد: هل تستطيع منظمة الجمال الأشهر في العالم أن تثبت بعد ما حصل أنّها لا تكرّس الجمال فقط، بل تصون كرامة النساء؟
نبض