معرض ميشال زغزغي في منزل موليير: رحلة عبر ممالك مهدّدة
في موقع رمزي من التراث الباريسي، منزل موليير، الذي كان آخر مقرّ لجان باتيست بوكلاَن المعروف بموليير، والمصنَّف اليوم معْلَماً تاريخياً، يقدّم المصوّر ميشال زغزغي أوّل معرض فرديّ له في باريس.
هذا الفضاء المشبع بالتاريخ يتحوّل، لأسابيع قليلة، إلى مسرح لحوار قويّ بين الصورة والذاكرة والالتزام. المعرض الذي يحمل عنوان "أمم أخرى: رحلة عبر ممالك مهدَّدة" أبصر النور بفضل دعم طارق نحّاس، المقتني الشغوف بالأعمال الفنية، وعاشق التصوير الفوتوغرافي، الذي شكّل حضوره الدائم المحرّك الأساسي لهذا المشروع.

وبالتعاون مع "Polka"، أحد أبرز الفاعلين في المشهد الفوتوغرافي المعاصر، يقام هذا المعرض تحت الإدارة الإبداعية للمنسّقة الفنية مارين بوغاران، وبتنسيق وإنتاج ميرنا معلوف، اللتين أحسنتا إدارة جميع مراحل هذه المغامرة الفنية بدقّة وحساسية، لتقدّما تحية مؤثرة لعالم الحيوان ولتوازن بات اليوم مهدّداً على نحو خطير.
وفاءً لالتزامه بالقضايا الإنسانية والبيئية، ولا سيّما مكافحة السرطان ودعم التعليم، قرّر زغزغي أن يخصّص عائدات بيع صوره خلال فترة المعرض لتمويل منح دراسية لطلاب كلية سيدة الجمهور في بيروت.

يُعدّ ميشال زغزغي أحد أبرز مصوري الحياة البرية، بخبرة تمتد لأكثر من عشرين عاماً. تطوّر لديه بسرعة شغف خاص بالحياة البرية والمفترسات الكبرى، متجاوزاً النظرة الإنسانية المبالغ فيها التي تدفع أحياناً إلى تصويرها ككائنات شريرة.
من نمور الهند إلى الدببة القطبية في القطب الشمالي، ومن المناظر الساحرة لأفريقيا إلى أسماك القرش البيضاء العملاقة في محيطات الجنوب، طاف العالم مدفوعاً بإلحاح داخلي لتوثيق الجمال المهدَّد بالانقراض الذي ما زال كوكبنا يزخر به.
عرض أعماله في لبنان وفرنسا والمملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة، وحاز خلالها على عدة جوائز، كما أصدر عدداً من الكتب الفوتوغرافية التي تشكّل سجلاً حيّاً لمسيرته، حيث يلتقي الجمال الفني بالسرد ليقدّم رؤية فريدة عن عالم الحيوان.

تُفهم أعماله على أنها رحلة استكشافية تُثير التساؤلات حول العلاقة بين الإنسان والعالم الحيواني، وتدفع المشاهدين إلى التأمل في روعة الأنواع المهدَّدة.
منذ بداية مسيرته، اختار ميشال استخدام عدسته كأداة توعية، مجسداً جمال آخر المناطق البرية على الأرض. تكشف صوره الانسجام والتوازن المثالي للطبيعة، لتذكّرنا بما نحن على وشك فقدانه. وفي مواجهة التطور غير المنضبط للحضارات الحديثة، يسلّط عمله الضوء على دور الإنسان كمفترس أعظم، لكنه المختلف عن الكائنات الأخرى: فهو لا يحافظ على التوازن، بل يهدده.
نبض