تراودني في الفترة الأخيرة مشاعر وأفكار تدفعني نحو التغيير والتجديد، سواء في نفسي أو محيطي. بدأت أجد نفسي أتأمل غرفتي أكثر من المعتاد، أفكر في كيفية تغييرها لتصبح أكثر انعكاساً لما أشعر به. فغرفتي ليست مجرد مساحة، بل هي عالمي الصغير، الذي ألجأ إليه عندما أحتاج إلى الراحة أو الهروب من ضجيج الحياة اليومية.

لذلك، أصبحت أتابع بكثرة مقاطع الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي التي تعرض تصاميم وتنسيقات مبتكرة، إذ تجذبني التصاميم الحديثة والصيحات والألوان المتناسقة، وخاصة الألوان الترابية مثل اللون الرسمي للعام "موكا موس". وصرت أتخيل غرفتي بشكل جديد: أكثر عصرية وحيوية، مبتعدة تماماً عن الطابع الكلاسيكي الذي لطالما اعتدت عليه. 

(نموذج من التصاميم الداخلية الناتجة عن الذكاء الاصطناعي)

واستوقفني أخيراً مقطعاً لفتاة تعيد تصميم غرفتها بالكامل باستخدام الذكاء الاصطناعي، فأثار ذلك فضولي، وبدأت أفكر للحظة: "إنها فكرة مبتكرة وغير مكلفة، لماذا لا أجربها؟". لكن سرعان ما راودني تساؤل آخر: هل يمكنني حقاً الاعتماد على هذه التقنية الذكية بشكل كامل من دون الحاجة إلى مصمم بشري؟ أم أن اللمسة والإبداع البشري يظلان عنصرين أساسيين لنجاح أي تصميم؟

يندمج الذكاء الاصطناعي في كل ركن من أركان حياتنا، ليس فقط من خلال تسريع المهام الطويلة، ولكن من خلال أن يصبح شريكاً مبدعاً في هذه العملية. ويُعد هذا تحول بشكل خاص في مجال التصميم الداخلي، وهو مجال يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتعبير الشخصي والحياة اليومية. تقليدياً، كانت إعادة تخيل منازلنا تتطلب مهارات متخصصة وإلماماً بالبرامج المعقدة. ولكن الآن، يتدخل الذكاء الاصطناعي كقوة إبداعية، مما يجعل التصميم في متناول الجميع.

(المهندسة ديانا بطارخ)

"الذكاء الاصطناعي يلعب دوراً مكملاً لا بديلاً"، هكذا أجابت المهندسة المعمارية الداخلية ديانا بطارخ على هذه التساؤلات، موضحة دور الذكاء الاصطناعي في مجال التصميم الداخلي. فقالت: "‏أرى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يؤدي دوراً فعالاً في تنظيم الأفكار، وتوسيع آفاق خيال المصمم. إنه يساعد في توفير خيارات متعددة، للاستمتاع في تجربة الإبداع".

مع ذلك، تؤكد بطارخ أنه "من المستحيل تبديل مشاعر وخيال وأحاسيس الفنان المصمم أو المهندس بشكل كامل، لأن المهندس هو مزيج من الخبرات المعقدة، التي اكتسبها على مدى سنوات من الدراسة والخبرة، بالإضافة إلى الفهم العميق للثقافات المختلفة والتفاصيل الشخصية لذوق ومتطلبات العميل".

‏لا تنفي المصممة الداخلية والمعمارية أن للذكاء الاصطناعي القدرة على تقديم أبرز صيحات الموضة في التصميم الداخلي، ويمكنه المساعدة في دمج الألوان، وتنظيم الأفكار، لكنها تشكك في قدرة هذه التقنية على مراعاة الأبعاد الثقافية والعاطفية التي يهتم فيها المصمم البشري.

(المهندسة ديانا بطارخ)

وتقول: "الذكاء الاصطناعي قادر على استخدام الخوارزميات وتقنيات التعلم الآلي، حيث يمكنه تقديم تصاميم مختلفة تتناسب مع ذوق العميل، سواء كانت تصاميم كلاسيكية أو عصرية، وذلك من خلال تحليل بيانات العملاء مثل تفاصيل الألوان والأنماط والمواد"، مشيرة إلى أن "الذكاء الاصطناعي يعتمد على دراسة أسلوب حياة العملاء اليومية، بناء على البيانات المتوفرة على المنصات مثل إنستغرام أو نتائج البحث اليومي على ‫غوغل".‬
‏
وذكرت بطارخ أنه هناك مصممين يعتمدون في حياتهم اليومية ومشاريعهم على الذكاء الاصطناعي، ولكنها تعتقد أن هذا الأسلوب في التصميم يبعدنا عن واقع حياتنا اليومية، ويفصلنا عن مشاعرنا، ويأخذ أحاسيسنا إلى مكان آخر بعيد عن الواقع.

(المهندسة ديانا بطارخ)

أدوات التصميم الداخلي بواسطة الذكاء الاصطناعي هي تطبيقات برمجية مصممة للمساعدة في مهام التصميم الداخلي. يمكن أن تتراوح هذه الأدوات من مولدات تصميم مدعومة بالذكاء الاصطناعي التي تنشئ تخطيطات للغرف بناءً على تفضيلات المستخدم، إلى برامج متطورة قادرة وضع الأثاث افتراضياً في الغرفة.

تشمل الميزات الرئيسية لهذه الأدوات التصور ثنائي الأبعاد وثلاثي الأبعاد، ووضع الأثاث، واختيار الألوان والمواد، وحتى تقديم توصيات تصميم شخصية، بناءً على الذوق والاحتياجات. من خلال أتمتة العديد من الجوانب التي تستغرق وقتاً طويلاً في التصميم الداخلي، توفر هذه الأدوات للمستخدمين الفرصة للتركيز على العملية الإبداعية واتخاذ قرارات مستنيرة بشأن تصميم مساحتهم.

(نموذج من التصاميم الداخلية الناتجة عن الذكاء الاصطناعي)