الشبيبة والبابا لاوون: مشهدية واقعية و"هدية - مفاجأة"... استحضار للقاء يوحنا بولس الثاني و"هدم جدران الخوف"
ليست مبالغة اعتبار لقاء الشبيبة اللبنانية مع البابا لاوون الـ14 هو المحطة المفصلية من الزيارة التاريخية، على الرغم من روحية المحطات الأخرى ورمزيتها الوطنية.
إلا أن لقاء الشبيبة قد يكون الأقرب إلى القلب، وسيجسد دور شبيبة لبنان في الرجاء ونقل رسالة السلام من لبنان إلى العالم العربي فالعالم بأسره.
هذا اللقاء الذي سيعقد في الصرح البطريركي - بكركي، الإثنين أول كانون الأول، وُضعت له الترتيبات اللوجيستية والتقنية ليكتمل شكلا ومضمونا.
يبادر منسق "لقاء الشبيبة مع البابا" روي جريش بالقول: "سيجمع اللقاء أكثر من 12 ألف شاب حول البابا لتجديد الرجاء والإيمان".

ولعلّ ما يضاعف هذه الرمزية هو استحضار لقاءات مماثلة في لبنان. ففي أيلول 2012، وتحت عنوان "شركة وشهادة"، طبعت زيارة البابا بينيديكتوس الـ16 لبنان، والتي تخللها لقاء الشبيبة في بكركي.
يومها قال البابا للشباب: "لا تخافوا، واقبلوا الآخر باختلافاته ولا تتجرّعوا عسل الهجرة المرّ".
أما الرمزية التي لا تزال مترسخة في أذهان اللبنانيين، فكانت لقاء الشبيبة مع البابا يوحنا بولس الثاني. في أيار 1997، كان "رجاء جديد". هو اليوم الذي كرّس فيه البابا يوحنا بولس الثاني أرض لبنان، في ذروة الوصاية السورية، والتقى الشبيبة في حريصا.
كانت ظروف الـ1997 مختلفة تماما. هي الدموع والأعلام اللبنانية والأفواه التي أغلقت قصدا، بشارات سود وضعها الشباب المشاركون، كي تظهر للبابا كيف كانت أصوات الشباب تُقمع، وتظاهراتهم تحاصَر، فيُعتقلون ويُضربون لانهم يهتفون "حرية، سيادة، استقلال".
وفي العنوان السيادي، كانت جريدة "النهار" قلب الحدث ونبض الشباب. رافقت اللقاء بمقالات وتحقيقات ومواضيع، وكانت المانشيت الأساسية: "يا شباب لبنان، اهدموا جدران الخوف".
تلك الكلمات قالها البابا أمام الشبيبة. كانت عيناه تراقبان كل شاب يحمل علما لبنانيا ولافتة سيادية، حتى خرج عن النص المحضّر، وتوجه اليهم بكلمات: "يا شباب لبنان المحبوبين، لا تقيموا حواجز جديدة داخل بلدكم. اهدموا جدران الخوف".
بين الأمس واليوم
من هذه الرمزية إلى اليوم. الشبيبة تتحضر للقاء البابا لاوون. تحضيرات اختبرتها اللجنة الوطنية لراعوية الشبيبة في الكنائس الكاثوليكية.
يروي جريش: "رغبة البابا في زيارة لبنان ضاعفت رمزية الحدث الذي يحمله أمانة من البابا الراحل فرنسيس. لا شك في أن لقاء الشبيبة يعوّل عليه، لأنه سيجمع البابا ليس فقط مع مستقبل الكنيسة إنما مع حاضرها".
هكذا تنشط اللجنة مع مكتب راعوية الشبيبة في بكركي لإظهار اللقاء في أبهى صورته.
عن بعض التفاصيل يخبر جريش: "اللقاء لن ينتهي في اليوم الذي يعقد فيه، إنما يعطي لكل شاب حضّر وشارك، ثقل هذه الخبرة التي ستبقى معه.
ثمة 24 لجنة من مختلف حركات الشبيبة الرسولية في الكنيسة الكاثوليكية لرسم المشهد في الصرح البطريركي، عبر شبيبة لبنان التي ستتحلّق حول البابا".
ويكشف أن "كل ما عايشه الشباب اللبناني في الأعوام الأخيرة، وتحديدا منذ الـ2019 من تحديات وحروب وانفجار، سيظهر في تلك المشهدية أمام البابا، من خلال التقنيات العالية البصرية والسمعية. هي مشاهد ستخبر عن الواقع الصعب، وستتخللها شهادات حياة لأشخاص اختبروا الألم، لكنهم أيضا وصلوا إلى الرجاء وعاشوا الإيمان. وسيتضمن اللقاء "وعدا" تطلقه الشبيبة أمام البابا لأنهم رسل السلام".
كذلك، سيوجه الشباب أسئلة حيّة، وفق جريش، إذ إن استمارات سبق أن وُزّعت على الشبيبة، وتضمنت ثلاثة محاور: ما انتظارات الشبيبة من الزيارة؟ ما الأسئلة التي تحبون توجيهها إلى البابا؟ وما الهدية التي تحبّون تقديمها؟
لكن الهدية ستبقى مفاجأة. يقول جريش: "الهدية ستطبع هذه المشهدية وروحيتها التي ستبقى مكرّسة في تاريخ 1 كانون الأول 2025".
اللقاء سيعقد في الخامسة والنصف مساء، ويستمر حتى السابعة. لكن أبواب بكركي ستُفتح أمام الشبيبة منذ الأولى بعد الظهر. هناك محطتان: قبل وصول البابا، وتضم ترانيم وريبورتاجات تفاعلية. ومحطة الوصول، ووقفة الاستقبال وجولة البابا بين الشباب، فاللقاء.
يقدّر جريش أن "الحضور سيتخطى الـ12 ألف شاب. ثمة 10 آلاف كرسي، ونحو ألفين سيكونون وقوفا. والشباب المشارك من سنّ 16 إلى 35 سنة، علما أن التسجيل تمّ عبر كل الأبرشيات في الكنائس الكاثوليكية السبع، وستحضر شبيبة من الانتشار أيضا".
وتتخلل اللقاء "التقدمات" التي سيرفعها الشباب، وستكون من وحي التحديات والصعوبات وما عاشوه من انفجار 4 آب، وبالطبع ستكون كلمة للبطريرك مار بشارة بطرس الراعي وكلمة للبابا.
نبض