توقيع لبنان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع قبرص تكتنفه تساؤلات عن المكاسب من هذا الترسيم، وما إذا كانت الاتفاقية في حاجة إلى إبرام في مجلس النواب.
بعد تثبيت الحدود البحرية الجنوبية للبنان، أنجزت بيروت توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع الجارة قبرص وفق ما تم التوافق عليه في مجلس الوزراء.
بيد أن اعتراضات رافقت التوقيع بسبب عدم حصول لبنان على كامل حقوقه، ولأن الاتفاقية في حاجة إلى موافقة مجلس النواب استنادا إلى المادة 52 من الدستور التي تنص على ضرورة إبرام الاتفاقية التي لا يجوز فسخها سنة فسنة .
بعد قرار مجلس الوزراء الموافقة على الاتفاقية مع قبرص، شرعت لجنة الأشغال والنقل النيابية في درس بنودها وتحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة وما إذا كانت تعطي لبنان حقوقه كافة، وفي موازاة ذلك كان تأكيد لضرورة إبرام الاتفاقية في مجلس النواب استنادا إلى المادة 52 من الدستور.
رئيس الجمهورية جوزف عون والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس (نبيل إسماعيل).
ويلفت رئيس اللجنة النائب سجيع عطية إلى أن "الحكومة استعجلت وكان يجب استشارة تقنيين، ولاسيما أن هناك وجهتي نظر في حضور خبير ألماني متخصص، وكان رئيس محكمة لعلوم البحار، وشارك في الاجتماع وزير الأشغال ومعنيون بقطاع البترول، وكان جدل فني وتقني حول الترسيم والمساحات وتأثيرها على الترسيم مع سوريا والعلاقة مع تركيا".
ويضيف: "في الجنوب بدأنا من الخط 29، ومن ثم رسمنا وفق الخط 23، ولاحقا كان التمني لو بقي لبنان متمسكا بالخط 29، وبالتالي الاستعجال اليوم غير مريح".
ولكن ماذا بعد توقيع الاتفاقية؟ وكيف يتعامل معها المعترضون، أو على الأقل الداعون إلى التريث؟ يوضح عطية أن "هذه المعاهدات بين دولتين، لها تأثيرها المستقبلي لعشرات السنين، ويجب أن يناقشها مجلس النواب ليوقّعها، وكل ما عدا ذلك لا يكون صحيحا".
وقد استند توقيع الاتفاقية إلى استشارة من هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، قضت بحق مجلس الوزراء في توقيع الاتفاقية لأنها معاهدة دولية وفق المادتين 52 و65 من الدستور .
في المقابل، يشدد الخبير الدستور الدكتور جهاد إسماعيل على أن "المادة 52 من الدستور ناطت برئيس الجمهورية صلاحية المفاوضة في المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة، وبالتالي إقرارها نهائيا في مجلس الوزراء، لكنها قيّدت هذا الاختصاص عندما يتعلق الأمر بمعاهدات تنطوي على شروط تتصل بمالية الدولة، أو المعاهدات التجارية، أو تلك التي لا يجوز فسخها سنة فسنة، حيث اشترطت موافقة مجلس النواب".
ويوضح: "بما أن المعاهدة المطروحة تندرج ضمن فئة المعاهدات التي لا يجوز فسخها سنة فسنة، أي تلك المعقودة لفترة تتجاوز السنة، فإن إبرامها يستوجب موافقة مجلس النواب، وتكون هذه الموافقة عادةً بموجب قانون. ولئن كان التشريع الذي يمارسه مجلس النواب وفقا لقرار المجلس الدستوري رقم 2/2001، يتصل بالسيادة الوطنية المرتبطة بالحفاظ على الأرض اللبنانية التي تُشكّل قاعدة هذه السيادة، فإن حرمان المجلس بتّ مسألة تدخل ضمن اختصاصه يُعدّ انتهاكا لهذه السيادة".
أما عن إمكان الطعن بالاتفاقية، فإن القضاء الإداري لا يقبل المراجعة في شأن الأعمال الحكومية، وبالتالي تخرج عن رقابته. ويشير إسماعيل إلى أن "حصر الإقرار النهائي في هذا النوع من المعاهدات بمجلس الوزراء، يُعد انتهاكا لقواعد الصلاحية، الأمر الذي يؤدي إلى نهوض اختصاص مجلس شورى الدولة للتحقق من المشروعية الخارجية".
من جهته، يذكّر الدكتور عصام خليفة بأنّ توقيع الاتفاقية المتعلقة بترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة بين لبنان وقبرص أدّى إلى خسارة لبنان مساحة تُقدّر بـ 2643 كيلومتراً مربعاً وفق دراسة المدير السابق لمركز الاستشارات القانونية والأبحاث وزارة الخارجية السفير سعد زخيا عام 2014، أو ما يقارب 5000 كيلومتر مربع بحسب دراسة رئيس مصلحة الهيدروغرافيا في البحرية اللبنانية في الجيش اللبناني العميد ماهر غيث، عام 2023.
ويشير لـ"النهار" إلى أنّ "المسؤولين لم يستعينوا بخبراء دوليين لإثبات الحقوق اللبنانية، بل أسرعوا إلى التوقيع مع قبرص. وإنّ عدم إحالة الاتفاقية على مجلس النواب يشكّل مخالفة صريحة للمادة 52 من الدستور اللبناني، التي تنصّ على ضرورة عرض أي اتفاقية تتضمّن التزامات مالية على مجلس النواب للموافقة عليها".
في لحظة اكتشاف هوية المشتبه به في إطلاق النار على جنديين في الحرس الوطني وإصابتهما بجر,ح خطرة، وحد اليمينيون، صناع رأي وجماهير لا فرق، خطابهم: إنه الإرهاب الإسلامي.