التمديد للمجالس النيابية: الأطول عام 1972 وبعد الطائف تضاعفت ولاية مجلس 2009
إلى ذلك بدأ الحديث عن التمديد للمجلس الحالي، وإن كان أول الغيث تسريب فرضية التمديد لشهرين تسهيلاً لاقتراع المغتربين في لبنان، علما أن التمديد يمنح هؤلاء فرصة ولاسيما أنه سيصادف في تموز/ يوليو المقبل.
بغض النظر عن الأسباب التي قد يستند إليها طالبو التمديد للمجلس الحالي، أو "الفدائيون" الذين سيتصدرون المشهد نيابة عن قوى سياسية لا تعارض التمديد، وإن كانت كل الأطراف تجاهر بضرورة إجراء الانتخابات التشريعية في موعدها المفترض في 17 أيار/ مايو المقبل، فإن التمديد في حال حصوله لن يكون الأول من نوعه.
تعددت الأسباب والنتيجة تمديد
قبل الطائف كان يفترض أن تنتهي ولاية مجلس النواب الذي انتخب في أيار 1972 في الشهر عينه من العام 1976، لكن غرق البلاد في الحرب أملى تأجيل الانتخابات، وبالتالي صدرت تباعاً قوانين تمديد ولاية المجلس التي امتدت من عام 1976 إلى 1992، وبالتالي مددت ولاية المجلس 16 عاماً ونحو 5 أشهر إثر صدور 8 قوانين تمديد، وآخرها مددها إلى العام 1994، لكن الانتخابات أجريت في تشرين الأول/ أكتوبر 1992 ، علما أن تعيين النواب جرى عام 1991 لملء الشواغر بفعل الوفاة أو الاغتيال لعدد من نواب مجلس الـ1972.
وكان من المفترض أن تنتظم ولاية مجلس النواب بعد الطائف ولا يصار إلى التمديد، علماً أن ولاية البرلمان تحدد في قانون الانتخاب وليس هناك من نص دستوري يحددها.
بيد أن التمديد الأول ورد في مواد قانون الانتخاب عام 2000 حيث تم تحديد ولاية برلمان الـ2000 بـ4 سنوات و7 أشهر وأسبوعين، وذلك لتجنب التزامن بين انتخابات رئاسة الجمهورية والانتخابات النيابية (لاحقاً تم تمديد ولاية رئيس الجمهورية لثلاث سنوات في أيلول / سبتمبر 2004).
وبعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري مُددت ولاية برلمان الـ2000 إلى نهاية حزيران 2005 بسبب الظروف التي عاشها لبنان إثر الزلزال الذي أحدثه استشهاد رئيس الحكومة.
مجلس 2005 أنهى ولايته وفق القانون في حزيران 2009، وأجريت حينها الانتخابات في موعدها.
مضاعفة وحبّة مسك لمجلس 2009
على الرغم من الأحداث التي شهدها لبنان بعد انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود في 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 2007، انتخب المجلس المنتخب في حزيران 2005، قائد الجيش حينها العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية في 25 أيار/ مايو 2008، بعد 6 أشهر من الفراغ في سدة الرئاسة، وهو الفراغ الأول بعد اتفاق الطائف. إلا أن التمديد كان في انتظار "أصحاب السعادة" قبل انتهاء ولاية المجلس بثلاثة أسابيع، وصدر قانون التمديد في نهاية أيار 2013 الذي نص على تمديد ولاية المجلس حتى 20 تشرين الثاني 2014، وبررت القوى السياسية حينها التمديد الأطول بعد الطائف، بتعذر الاتفاق على قانون للانتخاب. وتذرعت بالأحداث الأمنية التي كان يشهدها لبنان مع استعار الأزمات في أكثر من دولة عربية ومن ثم بداية الحرب في سوريا وارتداداتها على لبنان، وتحديداً على شماله وبقاعه.
حظي مجلس الـ2009 مجدداً بتمديد ولايته في ظل الفراغ في سدة الرئاسة، وصدر قانون التمديد في 5 تشرين الثاني 2014 لينص على انتهاء ولاية المجلس في 20 حزيران/ 2017.
ومجدداً، تم تمديد ولاية المجلس حتى حزيران 2018 بعد تحديد 6 أيار من ذلك العام موعداً لأول انتخابات نيابية وفق النظام النسبي.
وسجل مجلس الـ2009 ثاني رقم قياسي في تمديد ولاية البرلمان بعد مجلس 1972.
وفي استعادة لمواقف بعض القوى السياسية من التمديد، فان "القوات اللبنانية" استمهلت لدقائق قبل التصويت على التمديد الأخير للمجلس، ثم عادت واختارت التصويت إيجابا على اقتراح النائب السابق نقولا فتوش حتى "لا يكون هناك فراغ في السلطة". أما "التيار الوطني الحر" فكان يغيب أحيانا عن جلسات التمديد لتأكيد معارضته المبدئية.
المجلس المنتخب عام 2018 أكمل ولايته من دون تمديد إلى أن أجريت الانتخابات النيابية الأخيرة في 15 أيار 2022 وفق القانون رقم 44 الصادر عام 2017.
أما في هذه المرحلة، فالتساؤلات عن موعد إجراء الانتخابات وما اذا كانت ستتم في موعدها (17 أيار 2026) أو أن التمديد سيسبق دعوة الهيئات الناخبة والمحدد بفترة الـ90 يوماً قبل إجراء الانتخابات (شباط/ فبراير المقبل).
وبحسب التصريحات الرسمية، فإن الانتخابات في موعدها المحدد، لكن الممارسة عادة لا تعكس مضمون الخطابات العلنية، والتجارب أثبتت أن معظم من كان يجاهر بالتمسك بإحراء الانتخابات في موعدها كان يذهب للتصويت على اقتراح قانون التمديد، مستحضرا الأسباب التبريرية ومتذرعاً بالظروف التي تحول دون إجراء الانتخابات.
أما المؤشر الأول للتمديد فقد يظهر بعد انتهاء مهلة تسجيل المغتربين في الـ20 من الجاري، مع عدم إقرار تعديل القانون النافذ.
نبض