الجيش يرفض طلباً إسرائيلياً لتفتيش منازل جنوبيين ويواجه ضغوطاً: 64 شهيداً واعتداءات على مراكزه
منذ أسابيع تشتد الضغوط على الجيش اللبناني إلى حد اتهام وسائل إعلام إسرائيلية له بالتعاون مع "حزب الله" وتهريب السلاح. لكن الجيش يواجه مهمات شاقة وسط ظروف معقدة تقف تل أبيب خلفها، ولا سيما أنها تواصل الاعتداءات واحتلال نقاط داخل الأراضي اللبنانية، ما يمنع انتشار وحداته على كامل الحدود وتنفيذ القرار 1701.
منذ تكليفه حصر السلاح في 5 آب/ أغسطس الفائت، يواصل الجيش اللبناني تنفيذ الخطة جنوبي نهر الليطاني، وقد تسلم الكثير من المخازن والمنشآت العسكرية التابعة للمقاومة في تلك المنطقة، وسط تعاون واضح من "حزب الله".

وقدّم الجيش تقريره الشهري الثاني للحكومة في الأسبوع الأول من الشهر الحالي، وتضمّن ما نفذه لحصر السلاح وإنجازه نحو 85 في المئة من خطته، وقدّم شرحاً وافياً عن الواقع الميداني، مذكراً بأنه عثر على نحو 50 نفقاً جنوبي الليطاني، وصادر صواريخ وعتاداً عسكرياً في أكثر من منطقة جنوبية.
إلى ذلك، يواصل مسحاً شاملاً للمناطق الحدودية وما خلفها، وخصوصاً في الأحراج والأودية لإتمام مهمته.
في المقابل، تواصل تل أبيب ضغوطها واعتداءاتها على لبنان، وخصوصاً في الجنوب، ما يمثل العائق الأساسي أمام إنجاز الخطة. وفي الوقت عينه، تتهم واشنطن الجيش بأنه يتباطأ في مهمته، وأن ما يقوم به غير كافٍ من دون أن تطلب من حليفتها تل أبيب وقف اعتداءاتها والتزام اتفاق وقف إطلاق النار الذي رعته قبل عام.
إلا أن الطلب الذي وصل إلى الجيش خلال اجتماع لجنة الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف النار (الميكانيزم) منتصف الشهر الفائت، كان تعجيزياً ويضعه في مواجهة مباشرة مع أهالي الجنوب، وكان الرد المباشر بالرفض خلال الاجتماع. فتل أبيب طلبت أن يقوم الجيش بتفتيش المنازل الخاصة على طول الحافة الأمامية.
وبحسب مصادر أمنية لـ"النهار"، فإن "الجيش رفض تنفيذ الطلب الإسرائيلي الذي يتعارض مع مهماته، لما يترتب عليه من نتائج سلبية تضعه في مواجهة مباشرة مع الأهالي العائدين إلى منازلهم وقراهم المدمّرة بسبب العدوان الإسرائيلي المتواصل".
وبعد نحو ثلاثة أسابيع على الطلب الأول، عادت تل أبيب وكررت طلبها، لكنها سمعت الإجابة عينها.
رفض الجيش فتصاعدت التهديدات
بعد رفض الجيش الطلب الإسرائيلي تفتيش المنازل، شرعت تل أبيب في حملة ضده إلى حد اتهامه بتهريب السلاح لـ"حزب الله"، في إشارة واضحة إلى تبرير اعتداءاتها على الجيش.
ولم يكن استهداف أحد المنازل على بعد 200 متر من ثكنة الشهيد محمد فرحات في كفردونين (بنت جبيل) سوى رسالة للجيش الذي رفض إخلاء مراكزه بعد التهديد الإسرائيلي، وظلّ ضباطه وعناصره في الثكنة والمراكز، في إشارة تحدٍّ واضحة جاءت بعد أقل من أسبوع على طلب رئيس الجمهورية جوزف عون من قائد الجيش العماد رودولف هيكل التصدّي للتوغلات الإسرائيلية في الأراضي اللبنانية المحررة.
وفي ترجمة عملية لطلب عون، استحدث الجيش مراكز له على الحدود، ومنها على أطراف بلدة بليدا (مرجعيون) التي توغل فيها جيش الاحتلال وقتل بدم بارد الموظف في بلديتها إبراهيم سلامة.
خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان، ومنذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، لم يسلم الجيش من الاعتداءات حتى بعد بدء سريان اتفاق وقف النار، ما أدى إلى استشهاد عشرات العناصر والضباط من الجيش وإصابة آخرين.
وتفيد الإحصاءات أن 46 ضابطاً ورتيباً وجندياً استشهدوا في الفترة الممتدة من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إلى 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024. وبعد ذلك التاريخ استشهد 18 ضابطاً وجندياً من الجيش اللبناني، ليرتفع عدد الشهداء إلى 64 من جراء الاعتداءات.
وفي الناقورة، انفجرت مسيّرة إسرائيلية خلال الكشف عليها، ما أدى إلى استشهاد ضابط ومؤهل أول وجرح عنصرين آخرين. وخلال الحرب، تعرضت مراكز الجيش للاعتداء المباشر على طول الحافة الأمامية، فاستشهد عدد من العسكريين وجرح آخرون.
وتعرّضت مراكز الجيش للاعتداء المباشر، ودخلها جنود الاحتلال ولا سيما في القطاع الغربي حيث دمّر العدو مراكز في الضهيرة وعلما الشعب واحتل مركزاً للجيش في جبل بلاط. وفي القطاع الأوسط شملت الاعتداءات أكثر من مركز وموقع ومنها في عيتا الشعب ورميش، فيما بات مركز الجيش على أطراف عيثرون ضمن النقطة المحتلة في جل الدير (جبل الباط).
ولم تسلم مراكز الجيش في القطاع الشرقي من الاعتداءات، حيث استهدفت مراكز ومواقع في شبعا والماري وبسطرة وغيرها.
وعلى الرغم من كل تلك الاعتداءات، عاد الجيش للانتشار في مراكزه وسط ظروف صعبة، منها عدم توافر العتاد الكافي، فضلاً عن الحاجة إلى العديد، وكل ذلك في ظل ظروف اقتصادية معقدة تعيشها المؤسسة العسكرية منذ الانهيار الاقتصادي عام 2019.
نبض