لا "فسحة تفاوضية" للبنان قبل لحظة إقليمية ملائمة
البحث اللبنانيّ الرسميّ عن "فسحة تفاوضية" مع إسرائيل والذي شكّل سعياً صريحاً لكلّ من رئيس الجمهورية جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، لم تتلقّفه الحكومة الإسرائيلية أو تهتمّ في الاندفاع نحوه أو المشاركة في تنظيم طاولته ولم يلقَ تحلّقاً دوليّاً حوله، فهل إنّه سيبقى معلّقاً حتى سنوح لحظة إقليمية أو "وساطة سياسية" مناسبة؟ اقتراح "الجلوس التفاوضيّ" هذا، صدر للمرّة الأولى عن رئيس الجمهورية اللبنانية "مستوحياً" من أجواء القمة الدولية في شرم الشيخ للسلام التي حصل التوصّل فيها إلى اتفاق الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب لوقف النار في غزّة. لكنّ التحديات لم تضمحل إقليميّاً بعدئذٍ. اتهامات متقابلة من إسرائيل وحركة "حماس" بزعزعة الهدنة وعدم تنفيذ شروط. "حماس" متعنّتة بعدم مغادرة غزة. قصف إسرائيلي على القطاع. توازياً، المفاوضات الإسرائيلية السورية ليست على ما يرام.
في معطيات رسميّة لـ"النهار" حول أجواء زيارة نائب رئيس الحكومة اللبنانية طارق متري إلى سوريا، حصل التباحث في الأوضاع الإقليمية واتضح أنّ واقع التفاوض السوريّ الإسرائيليّ ليس جيّداً بخلاف ما يعتقده البعض. لم تتقدّم المفاوضات ولا موافقة على الشروط المتقابلة. تطلب الدولة السورية برئاسة أحمد الشرع الانسحاب الإسرائيلي بما يتلاءم مع ترتيبات عام 1974 مع رفض دخول الجيش الإسرائيلي أراضٍ سورية. المفاوضات بقيت عند هذه "التخوم السياسية"، ليس من تطوّر يوحي بقدرة تلقائية على إبرام معاهدة أمنية أو سياسية بين الدولتين وسط الأحوال الحالية. وإذ لم تحقّق نتيجة تفاوضية بين سوريا وإسرائيل حتى الآن ما يبقي أيضاً على حالة غير مستقرّة، لكنّ الفارق أنّ ممثّلي الدولتين جلسا مباشرةً فيما يطلب لبنان التفاوض من دون تجاوب إسرائيلي.
سعوديّاً، بين النشاط في لبنان وزيارة من وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن، ماذا يمكن أن يطرأ على الملفات اللبنانية بما فيها الأوضاع جنوب لبنان؟ في معطيات مرجع حكوميّ لـ"النهار" حيال ما ترجّح من المشاورات اللبنانية السعودية الأخيرة، ملف التباحث الأهمّ أن ينفّذ لبنان قرار حصر السلاح وضبط حدوده مع تلقّف لبنانيّ إمكان رفع السعودية الحظر عن الصادرات اللبنانية، من دون أن يحصل تشاور لبناني سعوديّ في اقتراح لبنان التفاوض الذي يسعى إليه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة لهدنة مع إسرائيل. لكن، لا يمكن إغفال التوافق بين بيروت والرياض حول الالتزام بمبادرة السلام العربيّة على أن تشكّل شرطاً لأي تفاوض مستقبليّ مع تل أبيب حول مسألة السلام. وثمة تعويل حكوميّ لبنانيّ على زيارة وليّ العهد إلى واشنطن كراعٍ عربيّ لدول المشرق العربيّ، ما يبقي على لبنان جزءاً من منطقة تأخذها السعودية على عاتقها في مباحثاتها الدولية.
في ما يستنتج على مستوى لبنانيّ رسميّ حول مسألة التفاوض مع إسرائيل التي يحبّذها رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، لا مؤشرات حيال اهتمام إسرائيليّ حتى الآن، فيما هدفها إنهاء "حزب الله" عسكرياً ما يبقي على اعتبارات أخرى للوضع اللبنانيّ. لكن، كذلك لا حيوية تفاوض اقليميّ للدول المجاورة مع إسرائيل كي تغدق على لبنان، ما يبقي المنطقة على حالها حتى حصول تطورات مستقبلية.
نبض