خريطة معهد "ألما" الإسرائيلي: بين التهديد الجدّي لـ"حزب الله" والحرب النفسية

لبنان 26-11-2025 | 05:33

خريطة معهد "ألما" الإسرائيلي: بين التهديد الجدّي لـ"حزب الله" والحرب النفسية

يوضح إصدار "ألما" أنّ إسرائيل تسعى إلى إبراز معرفتها ببنية الحزب، في إطار حرب نفسية لا تقلّ وطأة عن الضغوط العسكرية 
خريطة معهد "ألما" الإسرائيلي: بين التهديد الجدّي لـ"حزب الله" والحرب النفسية
اللائحة التي نشرها معهد "ألما" الإسرائيلي.
Smaller Bigger

أعاد معهد "ألما" الإسرائيلي، المتخصّص برصد نشاطات "حزب الله" وتحليلها، نشر لائحة محدّثة تتضمّن أسماء عدد من قيادات الحزب السياسية والعسكرية، في خطوة أثارت تساؤلات عن دلالاتها وتوقيتها، وما إذا كانت تشكّل تمهيداً لمناخ أمني جديد أو تأتي في سياق الحرب النفسية التي ترافق التصعيد الدائر على الحدود الجنوبية.

 

وعلى الرغم من أنّ تقارير المعهد تطرح عادةً بصفتها دراسات بحثية تعتمد على مصادر مفتوحة وتحليل معلوماتي، فإن المناخ الإقليمي المشحون، وتزامن نشر اللائحة مع عمليات استهداف نوعية شهدتها الساحة اللبنانية والسورية، أعطيا التقرير بعداً إضافياً، وخصوصاً أنه يتضمن تفاصيل تتعلق بشبكة القيادة داخل الحزب، من المستويات السياسية العليا إلى الأذرع الأمنية الأكثر سرية.

 

في المستوى السياسي، يبرز اسم الشيخ نعيم قاسم كأول الأسماء المدرجة، بصفته الأمين العام، إضافة إلى شخصيات وازنة مثل رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، ورئيس المجلس السياسي إبرهيم أمين السيد، والمرجعية الدينية في البقاع محمد يزبك، إلى جانب رئيس المجلس التنفيذي الشيخ علي دعموش، وهذه الشخصيات تعدّ بمثابة دائرة القيادة العلنية التي تمثّل الحزب سياسياً وتشريعياً وتنظيمياً.

 

أما في الجانب الأمني والعسكري، فيتوقف التقرير عند مجموعة أسماء تُعدّ، وفق الرؤية الإسرائيلية، جزءاً من بنية "العقل العملاني" للحزب. ويتصدر اللائحة طلال حمية الذي تصنّفه الولايات المتحدة وإسرائيل مسؤولاً عن "الوحدة 910" المكلفة العمليات الخارجية. ويحمل حمية إرثاً أمنياً ثقيلاً منذ حقبة عماد مغنية، وهو من الأسماء المؤسسة لـ"حزب الله"، وقد رصدت واشنطن مكافآت مالية مقابل معلومات عنه.

 

وإلى جانبه يبرز خليل حرب، وهو شخصية ارتبطت طويلاً بالعمل الخارجي للحزب، خصوصاً في مجالات الدعم المالي واللوجيستي. وتشير تقارير غربية إلى أنّ حرب كان من الدائرة المقربة لمغنية، وأدّى دوراً محورياً في إدارة شبكات التمويل المرتبطة بنشاط الحزب خارج لبنان، ما أفضى إلى إدراجه في لوائح العقوبات الأميركية.

 

كذلك يحضر اسم خضر يوسف، الذي تربطه بعض التقارير الإسرائيلية بمهمات في الشق التسليحي وإدارة خطوط الإمداد، وخصوصاً في ما يتعلق بالوحدات الصاروخية. ورغم شحّ المعلومات العلنية عنه، يشير إدراجه في التقرير إلى أنّ تل أبيب تعتبره جزءاً من البنية العملانية الحساسة داخل الحزب.

 

ويُضاف إلى ذلك محمد حيدر، الذي بدأ اسمه يبرز تدريجاً في التقارير الإسرائيلية خلال الأعوام الأخيرة، وهو معروف بـ"أبو علي"، أحد أبرز قادة الحزب وعضو في مجلس الجهاد، اضطلع بدور مركزي في القيادة العسكرية والأمنية للحزب، خصوصاً في جنوب لبنان وفي إدارة العمليات داخل سوريا.

 

وشارك حيدر في تأسيس الأجهزة الأمنية وتولى مسؤولية غرفة العمليات. شغل أيضاً منصب نائب رئيس المجلس التنفيذي وعضو مجلس التخطيط العام.

 

دخل البرلمان عام 2005 ممثلاً مرجعيون–حاصبيا حتى 2009. وبعد اغتيال عماد مغنية ومصطفى بدرالدين، اتسعت مهماته داخل الحزب. استهدفت إسرائيل فجر السبت 23 تشرين الثاني 2024 مبنى في منطقة البسطة وسط بيروت، وكان هو الهدف.

 

وحاولت إسرائيل اغتياله عام 2019 عبر مسيّرتين استهدفتا الضاحية الجنوبية، ولم تنجح.

 

وبالوصول إلى وفيق صفا، هو مسؤول التنسيق والارتباط في "حزب الله"، ومن أبرز الشخصيات الأمنية والسياسية، انضم إلى الحزب عام 1984 وتولى رئاسة اللجنة الأمنية عام 1987، ويُعرف بدوره المحوري في إدارة العلاقات السياسية والأمنية والتفاوضية، أبرزها صفقات تبادل الأسرى مع إسرائيل عامي 2004 و2008.

 

حاولت إسرائيل استهدافه عبر غارة على مبنى سكني في منطقة رأس النبع–النويري في بيروت، في 23 أيلول، لكنه نجا.

 

وتتوسع اللائحة لتشمل اسم هيثم علي الطبطبائي، الذي وضع المعهد إشارة على صورته تفيد بتعرضه للتصفية، وهو من القيادات التي برزت في الأعمال الميدانية بين سوريا والجنوب قبل استهدافه بغارة نُسبت إلى إسرائيل.

 

هذا الخليط من الأسماء، السياسية منها والسرية، يعطي التقرير دلالة تتجاوز العمل البحثي التقليدي. فإظهار هذا المستوى من التفاصيل قد يكون رسالة إسرائيلية تهدف إلى الإيحاء بامتلاك القدرة على متابعة البنية القيادية للحزب عن قرب، وربما التلميح إلى "بنك أهداف" قابل للاستخدام عند الحاجة. ومع ذلك، لا يمكن اعتبار نشر اللائحة إعلاناً مباشراً لمرحلة اغتيالات جديدة، إذ سبق للمعهد أن نشر خرائط مشابهة في سياقات تصعيدية من دون أن تتحول إلى عمليات ميدانية واسعة.

 

في المحصلة، يوضح إصدار "ألما" الأخير أنّ إسرائيل تسعى إلى إبراز معرفتها ببنية الحزب وتفاعلاته الداخلية، في إطار حرب نفسية لا تقلّ وطأة عن الضغوط العسكرية. أمّا ما إذا كانت هذه الأسماء ستتحول فعلاً إلى أهداف مستقبلية، فذلك يبقى رهناً بمسار المواجهة على الأرض، وبحسابات أوسع من مجرد تقرير بحثي، لكنه بلا شك يعكس ملامح مرحلة تتقاطع فيها الاستخبارات مع الرسائل السياسية.


العلامات الدالة

الأكثر قراءة

العالم 11/25/2025 5:00:00 PM
مرحباً من "النهار"، إليكم خمسة أخبار بارزة حتى الساعة الخامسة عصراً بتوقيت بيروت...
لبنان 11/24/2025 8:28:00 PM
دير مار يوسف في جربتا يوضح أن النور الملاحظ قرب قبر القدّيسة رفقا ناجم عن بروجيكتور ولا يرتبط بأي ظاهرة استثنائية.