مقاطعة جلسات البرلمان تشريعاً وانتخاباً... أسلوب اعتمدته معظم الكتل وتصاعد بعد 2007
لا يلزم الدستور اللبناني النواب حضور الجلسات التشريعية أو جلسات انتخاب رؤساء الجمهورية، وبالتالي كان "سلاح" المقاطعة الأكثر استخداماً خلال العقدين الفائتين.
تعمق الانقسام السياسي في لبنان بعد 2005، وساهم التحالف الرباعي موقتا في انتخابات أيار/ مايو من ذلك العام، بعد شهرين على اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، في لملمة الأوضاع الداخلية. بيد أن الخلافات عادت بقوة بعد عدوان تموز/يوليو 2006، وتمددت إلى البرلمان قبل نهاية ولاية لحود.
وخلال الفترة الممتدة من أيلول/ سبتمبر 2007 إلى أيار/ مايو 2008، قاطعت قوى 8 آذار جلسات انتخاب رئيس الجمهورية ولم يتوافر النصاب القانوني في 19 جلسة، وسط خلاف على النصاب الدستوري لانتخاب الرئيس، بالثلثين أو بالنصف زائداً واحداً.
لم يلتئم مجلس النواب في تلك الفترة إلا بعد "اتفاق الدوحة" على وقع أحداث 5 و7 أيار/ مايو.
مقاطعة جلسات انتخاب رئيس الجمهورية عادت عام 2014 قبل انتهاء عهد الرئيس ميشال سليمان، وإن تكن الجلسة الأولى لانتخاب الرئيس قد عقدت في 26 نيسان/ أبريل بمشاركة كل الكتل النيابية، ولكن بعدها تعذر إكمال الجلسات ولم يتوافر النصاب في الدورات الثانية في جلسات الانتخاب التي سجلت رقماً قياسياً وصل إلى 45 جلسة في الفترة الممتدة من نيسان 2014 إلى 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2016. وفي الجلسة الـ46 بعد التوافق بين الكتل، حضر جميع النواب وانتخبوا العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية بعد فراغ في سدة الرئاسة استمر نحو عامين ونصف عام.
حكاية مقاطعة جلسات انتخاب رئيس الجمهورية تكررت عام 2022 بعد نهاية ولاية الرئيس عون. وعلى الرغم من انعقاد أول جلسة لانتخاب خلف له في 29 أيلول / سبتمبر 2022، أي قبل أكثر من شهر على انتهاء الولاية الرئاسية، استمرت سلسلة الجلسات من دون نتائج بسبب مقاطعة قوى 8 آذار و"التيار الوطني الحر".
وتكررت المشاهد السابقة بعد انتهاء ولايتي لحود وسليمان.
وبعد 13 جلسة بين 29 أيلول 2022 و9 كانون الثاني/ يناير 2025 نجح التوافق في التئام الدورة الثانية لجلسة الانتخاب الأخير، وانتخب العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية.
وفي حصيلة المقاطعة لجلسات البرلمان، سجلت قوى 8 آذار وحلفاؤها مقاطعة 76 جلسة انتخابية رئاسية.
وإذا كانت قوى 8 آذار قد سجلت رقماً قياسياً في مقاطعة جلسات انتخاب رؤساء الجمهورية، فإن قوى 14 آذار سجلت بدورها أرقاماً لافتة في مقاطعة جلسات التشريع، وبالتالي تأخير صدور القوانين.
أما أبرز المحطات التي قاطعت فيها 14 آذار، سواء مجتمعة أو من خلال بعض مكوناتها، فكانت في العام 2012 بسبب طريقة التصويت على قانون المياومين بحسب ما أعلن نائب رئيس "القوات اللبنانية" النائب جورج عدوان. واللافت حينها أن "التيار الوطني" كان متضامناً مع خصمه التقليدي.
وخلال عام 2013 قاطعت قوى 14 آذار جلسات التشريع، وسجل حينها مقاطعة 9 جلسات بين تموز 2013 وكانون الثاني 2014.
وعام 2019 قاطع "تيار المستقبل" جلسات التشريع متمسكاً بعدم جواز التشريع في ظل حكومة مستقيلة، وتكرر الأمر عام 2021.
ويذكر أن رئيس المجلس نبيه بري كان يمتنع عن افتتاح جلسات يقاطعها أي مكون، على الرغم من توافر النصاب القانوني.
وآخر حالات مقاطعة الجلسات التشريعية سجلت في 28 و29 أيلول الفائت بعد اعتراض كتل "القوات اللبنانية " والكتائب و"الاعتدال" ومستقلين على عدم إدراج اقتراح قانون لتعديل قانون الانتخاب الحالي.
لكن المفارقة أن الكتل البرلمانية التي كانت تنتقد وتهاجم مقاطعي جلسات المجلس النيابي وتدعو إلى احترام عمل المؤسسات، عادت لتنقلب على مسلماتها ومارست المقاطعة ووجدت التبريرات لذلك. والحال أن مقاطعة الجلسات لم تكن "مزدهرة" قبل الطائف، وكانت توصف بالحدث الاستثنائي.
كيوسك
مقاطعة جلسات مجلس النواب "سلاح" استخدمته الكتل النيابية من قوى 8 و14 آذار بين عامي 2007 و2025
نبض