
إنه الحساب في كتاب.
لو اكتفت كامالا هاريس بلوم الرئيس السابق جو بايدن لتأخره بإخلاء الطريق الرئاسي أمامها، لمرّ كتاب "107 أيام" مرور الكرام. لكن الكتاب الذي يروي حملتها الانتخابية القصيرة، والمتوقع صدوره في 23 أيلول/سبتمبر، ينقل السردية عن بايدن وفريقه من مستوى التشبث بالرئاسة إلى مستوى تحجيم نائبته.
"كان تفكيرهم (في البيت الأبيض) صفرياً. إذا كانت (هاريس) تتألق، فهو (بايدن) كان يبهت. لم يفهم أي واحد منهم أنه إذا كان أدائي حسناً، فأداؤه كان حسناً".
"هذا كل شيء"
في فصل واحد من الكتاب نشرته مجلة "أتلانتيك" الأربعاء، ذكرت هاريس أنه بعد أيام قليلة على انطلاق حملتها، ألقى بايدن خطاباً في إحدى المناسبات مدته 11 دقيقة. فقط في الدقيقة التاسعة، شكر الرئيس نائبته: "إنها خبيرة وقوية ومتمكنة. لقد كانت شريكة مذهلة لي وقائدة لبلدنا".
"وهذا كان كل شيء"، تكتب هاريس.
كذلك، وحين سافرَت إلى فرنسا لتصلح العلاقة بين البلدين بعد صفقة الغواصات الأسترالية، سخر الإعلام المحافظ من "تصنعها" اللهجة الفرنسية. "بدا البيت الأبيض سعيداً بالسماح للتقارير عن ‘زلتي‘، بالهيمنة على التحسن الكبير الذي حققتُه في العلاقات الخارجية".
"بشكل أسوأ، علمتُ غالباً أن فريق الرئيس كان يصب الزيت على نار السرديات السلبية التي نشأت حولي". حتى في خطاب واسع الانتشار عن غزة راجعه البيت الأبيض قبل السماح لها بإلقائه، "كان الجناح الغربي مستاءً. لقد انتُقدت لأنني ألقيته بشكل جيد جداً".
القناعة القاتلة
بالرغم من أن الرئيس السابق قال لمقربين منه إنه يفكر بالترشح لولاية واحدة فقط، أغرته الرئاسة بخوض حملة ثانية. تقييد هاريس في مرحلة مبكرة من الولاية كان الطريق الأنجح إلى ذلك. يبالغ بايدن في خطاباته عن نجاحه في الإطاحة بخصمه سنة 2020. فحين سئل مؤخراً عن سبب "هوس" ترامب به، أجاب: "لقد هزمتُه". صحيح أن فوز بايدن كان واضحاً، لكنه تم بدفعة كبيرة من الحظ.
لولا تداعيات جائحة "كورونا" لتقلصت كثيراً فرص انتصاره. كل ما تطلبه الأمر لضمان فوز ترامب بولاية ثانية متتالية هو انتقال نحو 43 ألف صوت في ثلاث ولايات متأرجحة من ضفة إلى أخرى. تصديق بايدن لامتلاكه قدرة راسخة على هزيمة ترامب جعله يتمسك بترشحه، وبالتالي، ساهم في تقييد نائبته.
"كبش فداء"
لم يتأخر رد بعض مسؤولي بايدن فوصفوا في حديث لـ "أكسيوس" دور هاريس الجوهري بأنه "صفري" وبأنها كانت تقحم نفسها في المناسبات لالتقاط صور "متكلّفة". ونقل الموقع عن نحو 12 مسؤولاً سابقاً قولهم إن هاريس قدمت بايدن "كبش فداء" للتغطية على إخفاقها.
تفادت هاريس انتقاد بايدن مباشرة. لكنها قالت إن عدم دعوته إلى الانسحاب مبكراً من السباق كان "تهوراً". وقد لا يكون بايدن السبب المباشر وراء "تقييد" هاريس، بل فقط فريقه الخاص، بحسب الكاتب الديموقراطي في "إم إس إن بي سي" ماكس بيرنز. لكنه أكد أن ما ذكرته هاريس لم يكن سراً. فروندا فوكس، مديرة حملة بايدن للتواصل مع النساء، قالت إن "تحدينا الأكبر ليس ترامب وحسب، بل نحن".
"لا أحد يريد سماع حفلة الشفقة الخاصة بكِ"، قال مسؤول سابق في إدارة بايدن لـ "بوليتيكو". وامتعض آخر من مهاجمتها رجلاً "يكافح السرطان".
لا يزال الحزب الديموقراطي عالقاً في الماضي. قد يكون لدى الجمهوريين أكثر من 107 أيام للاستمتاع.