تلاعب رياضي وأموال طائلة وتوقيف متورطين: تركيا تبحث عن الطريق نحو "كرة قدم نظيفة"

تركيا 28-11-2025 | 06:00

تلاعب رياضي وأموال طائلة وتوقيف متورطين: تركيا تبحث عن الطريق نحو "كرة قدم نظيفة"

أطلق القضاء التركي حملة ضد رؤساء وأعضاء في مجالس إدارة الأندية ولاعبين وحكام كرة قدم على خلفية قرارات تأديبية وعقوبات أصدرها اتحاد كرة القدم التركي
تلاعب رياضي وأموال طائلة وتوقيف متورطين: تركيا تبحث عن الطريق نحو "كرة قدم نظيفة"
فضائح في كرة القدم التركية
Smaller Bigger


تستمر تداعيات قضية التلاعب والاحتيال في الدوريات التركية لكرة القدم في الساحتين الرياضية والقضائية التركية، فيما علمت "النهار" من مصادر داخل اتحاد كرة القدم الاحترافي في البلاد بوجود "موجة جديدة" من التوقيفات في ملف القضية خلال الساعات أو الأيام القليلة المقبلة.
وأطلق القضاء التركي حملة ضد رؤساء وأعضاء في مجالس إدارة الأندية ولاعبين وحكام كرة قدم، على خلفية قرارات تأديبية وعقوبات أصدرها اتحاد كرة القدم التركي طالت شخصيات رياضية ثبت تورّطها في عمليات احتيال وتلاعب بنتائج المباريات لمصلحة شركات مراهنات محلية وأجنبية.

 

أكبر موجة عقوبات في تاريخ الكرة التركية 
وكان مجلس التأديب في كرة القدم المحترفة (PFDK) أعلن قبل أيام قرارات بشأن اللاعبين الذين أُحيلوا إلى التأديب بسبب ممارستهم الرهان على المباريات، وفرض عقوبة الحرمان من الحقوق على 1022 لاعباً في مجموعات الدوري الممتاز، والدرجات الأولى والثانية والثالثة، إضافة إلى لاعبين غير مرتبطين حالياً بأي نادٍ.
كما قرر استبعاد لاعب فريق غلطة سراي إرين ألمانلي من قائمة المنتخب التركي، إضافة إلى تأجيل منافسات دوري الدرجتين الثانية والثالثة لمدة أسبوعين، مع الإبقاء على منافسات الدوري الممتاز والدرجة الأولى، بحسب الجدول المعلن سابقاً.
وكشف رئيس الاتحاد التركي لكرة القدم إبراهيم حاجي عثمان أوغلو، في مؤتمر صحافي حصول لجنة التأديب على بيانات المراهنات من وزارة الشباب والرياضة التي تخص المديرين الفنيين والمدربين والمترجمين ومسؤولي المعدات والعاملين في مجال الرعاية الصحية، والوكلاء وأصحاب المناقصات وغيرهم.
وكان مكتب المدعي العام في إسطنبول بدأ تحقيقاً في نيسان/أبريل 2025 على خلفية شكاوى بحق حكّام مباريات شاركوا في ألعاب مراهنات على نتيجة المباريات أو تفاصيلها.
وأعلن أوغلو أن 371 من أصل 571 حكماً يعملون في الدوريات المحترفة في البلاد لديهم حسابات مراهنات، وأن 152 منهم يمارسون المراهنات بنشاط، مشيراً إلى اطلاع الاتحادين الدولي والأوروبي لكرة القدم "الفيفا" و"اليويفا" على التقرير.



ضربات جزاء مدبّرة وعدد بطاقات وVAR محدد مسبقاً
وتشير معلومات التحقيقات في كل من الاتحاد التركي لكرة القدم والقضاء إلى عمليات تلاعب واسعة قام بها حكام ولاعبون وإداريون بهدف إكساب أصدقائهم أو شركائهم المراهنات، وذلك من خلال إعطاء ضربات جزاء أو بطاقات أو التوجه إلى "الفار" (التحكيم بمساعدة الفيديو) بعدد مرات محدد ومتوافقة مع الرقم في المراهنة نفسها، والتلاعب بنتائج المباريات في عدد محدود من المرات.
ووفقاً للوائح التأديبية لكرة القدم الصادرة عن اتحاد كرة القدم التركي، يُحظر على الحكام، مثلهم مثل اللاعبين والمدربين، المراهنة، كما تحظر لوائح التأديب الصادرة عن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (اليويفا) على الحكام المراهنة.
ووفقاً للمادة 27 من ميثاق أخلاقيات "الفيفا"، يُعاقب الحكام الذين يشاركون في المراهنات أو المقامرة أو اليانصيب أو أي نشاطات أو معاملات مماثلة بغرامة لا تقل عن 100,000 فرنك سويسري، ويُمنعون من المشاركة في أي نشاط متعلق بكرة القدم لمدة أقصاها ثلاث سنوات.
كما أن أي مبلغ يتم الحصول عليه بشكل غير شرعي قد يُدرج في حساب الغرامة، ما يجعل من القضية أخلاقية وانتهاكاً مباشراً للقانون الدولي لكرة القدم.
ووفق حاجي عثمان أوغلو فقد "بلغت قيمة تدفقات الأموال التركية إلى الخارج على خلفية المراهنات الرياضية في العام الماضي 52 مليار دولار".



سنوات من الجدل التحكيمي والاحتقان الجماهيري
ورحّبت أندية كرة القدم العريقة في الدوري التركي بقرار لجنتي اتحاد كرة القدم والقضاء التوسّع في التحقيقات معتبرة أنه " قد يكون نقطة تحول في كرة القدم النظيفة، كون الادعاءات المذكورة تُثير قلقاً بالغاً لأفراد أسرة كرة القدم في البلاد وجماهيرها".
ولطالما ساد الجدل التحكيمي في كرة القدم التركية لسنوات عديدة، وتقدّمت كل الفرق المشاركة في الدوري التركي الممتاز تقريباً بشكاوى بشأن ممارسات التحكيم خلال المباريات، مقابل تصاعد حوادث العنف ضد الحكام في المواسم الأخيرة.
وتعرض حكم بعد مباراة "نقرة غوجو" و"تشايكور ريزا سبور" في الأسبوع الخامس عشر من الدوري التركي الممتاز للموسم الماضي للكمة من رئيس "أنقرة غوجو" آنذاك، ما تسبب بتأجيل كل دوريات كرة القدم في البلاد، كما انسحب فريق "إسطنبول سبور" في الأسبوع السابع عشر من الدوري التركي الممتاز 2023-2024، من المباراة ضد فريق "تربزون سبور" في الدقيقة 74 رداً على "التحيّز الفاضح للحكم لمصلحة الفريق الخصم".
وتشير تقديرات منظمة الشفافية الدولية لعام 2025 إلى أن 34% من الأحداث الرياضية الكبرى تتعرض لمحاولات تلاعب، إذ تعمد شركات المراهنات العالمية إلى الاتّفاق مع لاعبين أو حكام لهندسة نتائج بعض المباريات، في ظل تشكيل المراهنات (المقوننة منها وغير المشروعة) نحو 12% من الاقتصاد العالمي الأسود وفق تقرير البنك الدولي لعام 2024.
ويرى الصحافي الرياضي التركي شاهين بن تيبا أن "تعارض المصالح بين اتحادات الرياضة وشركات البث الإعلامي، وغياب التنسيق القضائي الدولي في ملاحقة الشبكات العابرة للحدود" من أهم أسباب تردّي واقع كرة القدم على مستوى العالم.
ويشير بن تيبا في حديث إلى "النهار" إلى حقيقة "استخدام الفضائح الرياضية أداة ضغط سياسي بين الأحزاب وأحياناً بين الدول".
وعن الحلول المقترحة  للرياضة التركية، والعالمية أيضاً للخروج من هذه الشائبة، يقول بن تيبا إن "العقود الذكية، التي توزع المكاسب المالية بشكل تلقائي عند تحقيق شروط النزاهة، وتأسيس منصة دولية موحدة لترخيص شركات المراهنات، وإلزامية الشهادات الأخلاقية الرقمية للمشاركة في الأحداث الرياضية، قد تخفف من إمكان انزلاق بعض ضعاف النفوس في عالم الرياضة إلى الكسب غير المشروع".
في ضوء ما تكشفه التحقيقات وما يرافقها من صدمات متتالية داخل الوسط الرياضي، تبدو كرة القدم التركية أمام لحظة فارقة قد تحدد مستقبل اللعبة لعقود مقبلة، فيما يتّفق المحللون الأتراك على أن الطريق نحو "كرة قدم نظيفة" لن يمر فقط عبر العقوبات أو كشف الشبكات المتورّطة، بل من خلال إعادة صوغ العلاقة بين الاتحادات والأندية والجماهير، وضمان حوكمة سليمة تستعيد ثقة الشارع الرياضي.


العلامات الدالة

الأكثر قراءة

المشرق-العربي 11/27/2025 1:37:00 PM
بعد عامٍ على الهزيمة، تسلّط رؤية نابليون الضوء على أسباب خسارة الحزب.
شمال إفريقيا 11/27/2025 10:52:00 AM
وفاة الإعلامية المصرية هبة الزياد بشكل مفاجئ خلال نومها، في رحيل غير متوقع شكّل صدمة واسعة لدى متابعيها
لبنان 11/26/2025 3:37:00 PM
من خلال الكشف الذي أجرته شعبة المعلومات، تبيّن أن أفراد العصابة أحدثوا فجوة في الجدار الخلفي للمحل من جهة منزل مهجور، وتمكّنوا عبرها من الوصول إلى متخت المتجر.
لبنان 11/26/2025 5:55:00 PM
تمّ تعديل التعاميم بحيث تمّ السماح للموسسات الفردية والجمعيات المرخصة من المراجع المختصة (خيرية أو دينية) الإفادة من التعميمين.