الجفاف يضرب إيران: احتياطيّات المياه تتراجع وطهران مهدّدة بالإخلاء

ايران 10-11-2025 | 07:02

الجفاف يضرب إيران: احتياطيّات المياه تتراجع وطهران مهدّدة بالإخلاء

ما هي أسباب أزمة نقص المياه في إيران؟
الجفاف يضرب إيران: احتياطيّات المياه تتراجع وطهران مهدّدة بالإخلاء
شاب يشرب الماء من نافورة في حديقة ملت في طهران. (أ ف ب)
Smaller Bigger

تمرّ إيران بأحد أكثر الأعوام جفافاً خلال نصف قرن مضى، ما أدى إلى انخفاض احتياطيات السدود في البلاد، خاصة السدود الخمسة التي توفر مياه الشرب للعاصمة طهران. ويؤكد العديد من الخبراء أن هطول الأمطار هذا العام كان ضعيفاً قياساً إلى المعايير التاريخية في إيران التي أقام شعبها حضارته منذ أكثر من 2500 عام مع ندرة المياه.

أسباب أزمة نقص المياه 
ومع ذلك، فإن الحديث عن أزمة نقص المياه هذا العام له أسباب متعددة، أبرزها تسعة رئيسية:
1- إدارة خاطئة للموارد المائية، خاصة المياه الجوفية، وحفر آلاف الآبار العميقة غير القانونية، ما أدى إلى استنزاف موارد المياه الجوفية في البلاد.
2- تهالك شبكات الأنابيب القديمة التي يزيد عمرها على 100 عام، ما يسبب هدر كميات كبيرة من المياه.
3- عدم فصل شبكات أنابيب مياه الشرب عن المياه غير المعالجة، ما رفع تكلفة المياه النهائية كثيراً وأجبر الحكومة على تقديم دعم هائل.
4- إنشاء مصانع صناعية تستهلك كميات كبيرة من المياه في المناطق الجافة، ما أدى إلى الإفراط في استهلاك المياه الجوفية.
5- نقص الاستثمار الجاد في تجديد وتحسين صناعة المياه خلال السنوات الماضية.
6- الاستهلاك المفرط في القطاع الزراعي، إذ تُستخدم 90% من مياه البلاد في الزراعة التقليدية من دون تبني تقنيات حديثة.
7- تدخل غير مهني في تغيير مسارات الأنهار الطبيعية ومصادر المياه لأسباب سياسية واجتماعية، ما ألحق أضراراً جسيمة بالنظام البيئي المائي، أبرزها جفاف بحيرة أرومية، بحيرة زاينده رود في أصفهان، وبحيرة هامون في سيستان وبلوشستان.
8- عدم وجود نموذج استهلاك صحيح في المدن، مع إسراف في استهلاك المياه لدى العائلات الإيرانية بسبب انخفاض سعر المياه وعدم الرقابة على المشتركين ذوي الاستهلاك العالي. مع الإشارة إلى أن المعيار العالمي للاستهلاك الفردي اليومي هو 130 ليتراً، بينما يصل في إيران إلى 240 ليتراً.
9- البناء المفرط في المدن الكبرى، خاصة طهران، حيث يستهلك سكان ثلاث مناطق شمال العاصمة كمية مياه تعادل استهلاك 20 منطقة أخرى.

 

آثار جفاف المياه في نهر كان غرب طهران. (أ ف ب)
آثار جفاف المياه في نهر كان غرب طهران. (أ ف ب)

 

الوضع الراهن: تحذيرات مثيرة للقلق
أصبح نقص المياه مقلقاً للغاية، إذ حذر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قائلاً: "إذا لم يهطل المطر خلال أسبوعين آخرين، فسيتم توزيع المياه في طهران، وإذا لم يهطل المطر حتى شهر آخر، يجب إخلاء طهران من السكان". هذه التصريحات أثارت انتقادات واسعة.
وأشار العديد من المواطنين في مدن مثل أصفهان وبوشهر وأهواز وآبادان وشيراز عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى انخفاض ضغط المياه في مناطق عدة، بل انقطاع المياه في بعض المدن. في صيف 2025، اضطر كثير من الإيرانيين إلى شراء خزانات ومضخات لنقل المياه إلى الطوابق العليا في المباني، وهو ما فرض تكاليف باهظة، وسط اعتقاد أن بداية الخريف وهطول الأمطار سيحل المشكلة، لكن ذلك لم يحدث بعد.

آراء الخبراء والحكومة: تناقضات تثير الغضب
يعتقد بعض الخبراء أن الحكومة الإيرانية، بسبب العقوبات الدولية والإدارة الخاطئة، لم تستثمر بما يكفي في قطاعات المياه والكهرباء والطاقة خلال العقود الثلاثة الماضية، وأن أزمة المياه الحالية نتيجة هذا الإهمال. ويشير هؤلاء إلى أن الحكومة تحاول حالياً التهرب من مسؤوليتها باتهام الشعب بالاستهلاك المفرط وتهديده بتوزيع المياه.
من جهة أخرى، يرى مديرو قطاع المياه أن خفض الاستهلاك بنسبة 10% يكفي لتجنب توزيع المياه، بينما تتوقع هيئة الأرصاد الجوية هطول أمطار ملحوظة في الشهر المقبل، ما قد يحل مشكلة الاحتياطيات موقتاً. هذه التصريحات المتضاربة أدت إلى حيرة المواطنين وعدم رضاهم.

تأثير الهجمات الإسرائيلية: صدمة إضافية
وجذب انتباه الرأي العام إعلان وزير الطاقة الإيراني أن شبكة إمداد المياه في طهران تعرضت لأضرار جسيمة جراء هجمات إسرائيلية على البنية التحتية، بالتزامن مع مطالبة إيران بتعويضات من الولايات المتحدة لدعمها إسرائيل خلال الحرب التي استمرت 12 يوماً في حزيران/يونيو 2025، والتي استهدفت أنابيب المياه في شمال طهران.

خطر الاحتجاجات
مع تصاعد غلاء السلع وزيادة الضغط الاقتصادي على الشعب، وعودة العقوبات الدولية بسبب الأنشطة النووية، تُعد أزمة المياه، إلى جانب انقطاع الكهرباء والغاز وتلوث الهواء، أرضية خصبة لعدم الرضا واندلاع احتجاجات، ما يستدعي جهوداً كبيرة من الحكومة لتفادي هذا الاستياء.


العلامات الدالة

الأكثر قراءة

العالم العربي 11/6/2025 2:49:00 PM
يقاطع التيار الصدري، أحد أكبر التيارات الشيعية في البلاد، الانتخابات ما يجعل المشهد السياسي أمام احتمالات جديدة لتوازن القوى داخل المكونات الثلاثة: الشيعية والسنّية والكردية.
العالم العربي 11/7/2025 6:00:00 AM
مهمة اختيار رئيس الوزراء المقبل ستكون شديدة التعقيد في ظل استمرار الانقسام داخل البيت الشيعي.
العالم العربي 11/7/2025 6:00:00 AM
معركة الصناديق التي ستُفتح الثلاثاء ستفتح بدورها معركة أوسع وأشمل بعد تبيان النتائج.
العالم العربي 11/7/2025 3:10:00 AM
مواكبةً لهذه الانتخابات المفصلية في تاريخ العراق، تفتح "النهار" ملفاً عنوانه "العراق ينتخب: صراع الولاية الثانية"، تقدم فيه قراءة استشرافية لما هو متوقع في دولة تريدها طهران دائماً حديقة خلفية، وتريدها واشنطن أبداً رأس حربة.