عرض أميركي لبوتين ووفد أوكراني إلى واشنطن... ما جديد مفاوضات السلام؟
على وقع الحراك المكثّف باتّجاه وقف الحرب في أوكرانيا، كشفت صحيفة "التلغراف" نقلًا عن مصادر مطّلعة عن أن واشنطن تستعد للاعتراف بسيطرة روسيا على القرم وأراضٍ أوكرانية أخرى في إطار مسعى للتوصّل إلى اتّفاق ينهي الحرب.
ونقلت عن مصادر تأكيدها إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أرسل مبعوثه للسلام ستيف ويتكوف وصهره جاريد كوشنر إلى موسكو لتقديم العرض مباشرة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ولفتت الصحيفة إلى أن خطّة الاعتراف بالأراضي تمثّل خرقاً للأعراف الدبلوماسية الأميركية، ومن المرجّح أن تمضي رغم القلق لدى الحلفاء الأوروبيين.
وقال مصدر مطلع إن "الأميركيين لا يهتمّون بالموقف الأوروبي. الأوروبيون يمكنهم أن يفعلوا ما يريدون".
في هذا السياق، أفاد المتحدّث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف بأن ويتكوف سيلتقي بوتين مطلع الأسبوع المقبل.

إلى ذلك، يزور مفاوضون أوكرانيون الولايات المتحدة في نهاية الأسبوع لإجراء مباحثات بشأن خطّة واشنطن، وفق ما أفاد مسؤول رفيع مطّلع على الملف وكالة "فرانس برس" الجمعة.
وقال المصدر مشترطاً عدم كشف هويّته بسبب حساسية المسألة "يخطّط الوفد للقاء الجانب الأميركي في نهاية هذا الأسبوع"، لافتاً إلى أن المحادثات قد تُعقد في ولاية فلوريدا.
وكان من المقرّر، وفق المسؤول، أن يشارك في المحادثات أندريه يرماك، مدير مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إلا أنه أقيل الجمعة.
موقف موسكو
بدوره، أعلن الرئيس الروسي أن اعتراف واشنطن القانوني بالقرم وبمنطقتي دونيتسك ولوغانسك كأراض روسية سيكون من القضايا الأساسية في المفاوضات بشأن خطّة السلام التي يقترحها ترامب.
وأكّد الكرملين أنّه تسلّم استراتيجية منقّحة لإنهاء الحرب، صيغت بعد محادثات طارئة بين مسؤولين أوكرانيين وأميركيين في جنيف نهاية الأسبوع الماضي.
وأوضحت الصحيفة أن الخطّة الأولى التي ضمّت 28 نقطة أعدّها ويتكوف بعد اجتماعاته مع مسؤولين روس، واقترحت اعترافاً أميركياً "فعلياً" بسيطرة موسكو على القرم والمنطقتين الواقعتين في شرق دونباس، إضافة إلى اعتراف فعلي بالأراضي التي تسيطر عليها روسيا خلف خط التماس في منطقتي خيرسون وزابوريجيا بعد أي وقف لإطلاق النار.
وفي جنيف، تفاوض المسؤولون الأوكرانيون والأميركيون على خطّة جديدة من 19 نقطة، تعتبر أقل ملاءمة لموسكو. لكن مصادر متعدّدة تحدّثت للصحيفة، لفتت إلى أن عروض الاعتراف الأميركية بقيت جزءاً من الاستراتيجية.
ما موقف كييف؟
أشارت الصحيفة إلى أن الخطّة لا تجبر كييف على الاعتراف رسمياً بسيطرة روسيا على الأراضي التي ضمّتها منذ 2014، إذ يمنع الدستور الأوكراني أي رئيس أو حكومة من التنازل عن الأراضي من دون استفتاء وطني.
وفي مقابلة مع مجلّة "ذا أتلانتك"، قال مدير مكتب الرئيس الأوكراني أندريه يرماك إن "لا شخصاً عاقلاً اليوم يمكن أن يوقّع وثيقة للتخلّي عن الأراضي. طالما أن زيلينسكي رئيس، لا يجب أن يتوقّع أحد أن نتخلّى عن أراض. لن يوقّع على ذلك، الدستور يمنع ذلك".
وأشارت الصحيفة إلى أن الاقترح الأخير يترك عدداً من القضايا الأشد حساسية، بما في ذلك الترتيبات الحدودية النهائية، ليتم حسمها فقط خلال اجتماع مباشر بين زيلينسكي وترامب.
ولم يحدّد زيلينسكي بعد موعد زيارته إلى واشنطن أو فلوريدا.
مخاوف أوروبية
إلى ذلك، ذكرت الصحيفة أن العرض الأميركي أثار قلقاً كبيراً لدى الحلفاء الأوروبيين، الذين أكّدوا بعد اجتماع "تحالف الراغبين" يوم الأربعاء تمسّكهم بمبدأ "أن الحدود يجب ألّا تتغيّر بالقوّة"، معتبرين ذلك ركناً أساسياً للاستقرار.
ولفتت إلى أن الاقتراح الأوروبي المضاد للخطّة الأولى لم يتضمّن أي توصية بالاعتراف بسيطرة روسيا على الأراضي الأوكرانية، واقترح تأجيل بحث القضايا الإقليمية إلى ما بعد وقف شامل وغير مشروط لإطلاق النار.
وذكّرت الصحيفة أن الولايات المتحدة وأوروبا لم تعترفا بسيطرة روسيا على القرم منذ ضمّها عام 2014، ما يجعل الاعتراف المحتمل تغييراً كبيراً في النهج الأميركي.
ونقلت عن وثيقة جديدة للاستراتيجية الأمنية الروسية أن الكرملين يخطّط لدمج المناطق الأوكرانية المحتلّة في المنظومة الروسية خلال عشر سنوات.
كانت روسيا قد أعلنت ضم دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا في أيلول/سبتمبر 2022 رغم عدم سيطرتها الكاملة على تلك المناطق.
مسار التفاوض...
واعتبرت الصحيفة أن استمرار تمسّك الكرملين بهذه الأهداف يظهر أن بوتين لم يبدِ أي نية لتقديم تنازلات لإنهاء الحرب.
وأضافت أن هذه التطوّرات تزامنت مع تسريب مكالمات ظهر فيها ويتكوف يقدّم نصائح لمفاوضين روس بشأن كيفية التعامل مع البيت الأبيض، مع إشارات إلى ضرورة أن تتخلّى أوكرانيا عن دونيتسك.
ويرجّح خبراء أن تكون جهّة أوروبية وراء تسريب تلك التسجيلات.
وفي تعليقها، قالت المتحدّثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت إن الولايات المتحدة تواصل مناقشاتها مع الروس والأوكرانيين، مؤكّدة أن أي تقارير عن هذه المحادثات "تبقى تكهنية" ما لم تصدر مباشرة عن الرئيس أو فريقه للأمن القومي.
نبض