زعامة زيلينسكي أمام خيار مصيري... الرّضوخ لترامب انتحار سياسي داخلي!

دوليات 25-11-2025 | 15:26

زعامة زيلينسكي أمام خيار مصيري... الرّضوخ لترامب انتحار سياسي داخلي!

أمام زيلينسكي اليوم سؤال وجودي: هل يرضخ لضغوط ترامب وقبول خطة تُعدّها كييف غير مقبولة، أم يواصل مواجهة حرب بوتين المفتوحة؟
زعامة زيلينسكي أمام خيار مصيري... الرّضوخ لترامب انتحار سياسي داخلي!
الرئيس لاوكراني فولوديمير زيلينسكي، (ا ف ب).
Smaller Bigger

في خضمّ تصاعد التوترات السياسية والعسكرية، يجد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نفسه أمام اختبار جديد وحاسم لقيادته. فبين خطة سلام مثيرة للجدل وضغوط داخلية متزايدة وتهديدات أميركية تتعلق بمستقبل الدعم، يُحاول مرة أخرى إثبات قدرته على المناورة وحشد الدعم للصمود.

أمام زيلينسكي اليوم سؤال وجودي: هل يرضخ لضغوط الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقبول خطة تُعدّها كييف غير مقبولة، أم يواصل مواجهة حرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المفتوحة؟ في لحظة فارقة، يجد الرئيس الأوكراني نفسه بين ابتزاز سياسي من الحليف الأكبر وتهديد عسكري من الخصم الأشد، وكل قرار يتخذه قد ينذر بمخاطرة سياسية.

ينص الاقتراح الأميركي الروسي للسلام على تنازل أوكرانيا عن دونباس، على الرغم من أن مساحة شاسعة من تلك الأراضي لا تزال تحت السيطرة الأوكرانية، وعدم انتسابها إلى الناتو، وتقليص هائل لعدد جنودها. وقدّر محللون أن الجيش الروسي سيستغرق سنوات عدة للسيطرة الكاملة على دونباس، بناءً على معدل تقدمه الحالي.



قوة المجتمع الأوكراني
 وتتزامن الخطة الأميركية - الروسية للسلام مع وضع ضعيف لزيلينسكي داخلياً بسبب فضيحة فساد ضخمة ووضع عسكري ميداني صعب مع تقدم روسي في الشرق. 

ولكن ما لم يحسبه ترامب ربما هو نظرة الشعب الأوكراني إلى الخطة التي تُعدّها كييف استسلاماً مُقنّعاً. ويتضمن اقتراح ترامب، بصيغته الحالية، عناصر عدة من شأنها أن تمس بعمق بالكرامة الأوكرانية، بحسب وكالة "أسوشيتد برس". وبرغم ضعف زيلينسكي السياسي، فإن الرضوخ سيعني انتحاراً سياسياً ووطنياً في الداخل لأن المجتمع الأوكراني غير مستعد للتنازل.

وفي هذا الصدد، تؤكد صحيفة "كييف بوست" أن فكرة الكرامة تتجذّر بعمق استثنائي في الوعي الأوكراني. فمنذ ثورة الميدان الأوروبي وصولاً إلى مقاومة الغزو الروسي الواسع في 2022، أثبت الأوكرانيون أن الكرامة ليست مفهوماً مجرداً لديهم، بل مبدأ وجودي.

لذلك تبدو "خطة الاستسلام" المقترحة من واشنطن وموسكو غير قابلة للقبول شعبياً، فهي تمسّ جوهر ما يعتبره الأوكرانيون غير قابل للتفاوض.

وليس من باب الصدفة أن يصف زيلينسكي نص الاقتراح بأنه يُجبر أوكرانيا على التخلي عن كرامتها وحريتها. وقال مراقبون إنه إذا وافق على أي شيء كهذه الخطة، فلن يكون رئيساً بعد عودته إلى الوطن. 

فعلى رغم السأم الواسع من الحرب والرغبة في السلام، ينظر الأوكرانيون بأغلبية ساحقة إلى هذا الاقتراح الأخير على أنه استسلام مُبطّن لا يبرره الوضع في ساحة المعركة، حيث حققت روسيا تقدماً بطيئاً بتكلفة باهظة. وبينما يدعم السياسيون الأوكرانيون عموماً فكرة المحادثات، لم يُؤيد أي منهم المطلب الرئيسي للخطة وهو التخلي عن المدن التي لا تسيطر عليها روسيا، بحسب تقرير لـ"وول ستريت جورنال".

وأكد معارضون لزيلينسكي أن أوكرانيا ليست مستعدة للاستسلام، حتى ولو أنهم يدركون أن الوضع العسكري قد يتفاقم العام المقبل، وتعتقد الحكومة الحالية أن عواقب الرضوخ لمطالب ترامب ستكون أسوأ من رفضها. 

ويتطلب تطبيق الخطة تعديلات دستورية وأغلبية ساحقة في البرلمان لتُصبح سارية المفعول. وفي صيغتها الأصلية، من غير المرجح أن يحدث هذا حتى لو وافق زيلينسكي على هذه الأحكام. 

كذلك، يسود الجيش الأوكراني رفضٌ لأي تنازل. ويحذّر محللون من أن أي استسلام قد يفجّر أزمة مدنية - عسكرية. وبرغم ضغط إدارة ترامب، يرى الأوكرانيون الصراع وجودياً، فيما يواصل الجيش القتال إيماناً بأن التراجع سيؤدي لمزيد من الخسائر.


قصف روسي في دونيتسك، (ا ف ب).
قصف روسي في دونيتسك، (ا ف ب).

 

لحظة حاسمة لمسيرة زيلينسكي
في لحظة حاسمة لمسيرة زيلينسكي، يعتبره الخبراء بارعاً في المناورة برغم الظروف الصعبة، خاصة أن العديد من المراقبين، بمن فيهم نواب وأعضاء مجلس الشيوخ الأميركي من الجمهوريين والديموقراطيين، يرون خطة السلام على أنها مكافأة لروسيا وخيانة لأوكرانيا.

وفيما يؤكد ترامب أن أوكرانيا "لا تملك الأوراق" لمواصلة القتال، يقول محللون إن زيلينسكي غالباً ما كان يلعب بأوراق ضعيفة بحكمة. وبينما أقرّ علناً بأن الاقتراح الأميركي يُشكّل أحد أخطر التحديات التي تواجه أوكرانيا على الإطلاق، إلا أنه عزز موقفه في الداخل، على الأقل في الوقت الراهن. الخطة حوّلت الأنظار بعيداً من فضيحة الفساد التي هددت بشلّ حكومته، ما أتاح له أن يستعيد دوره الأنجح: قائد التعبئة الأول، بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز". وقد لاحظ المحللون أن الأوكرانيين، على مدار الحرب، كانوا على استعداد للتخلي عن إحباطاتهم السياسية الداخلية في مواجهة ما يرونه تهديداً وجودياً.

على مدار الحرب، حشد زيلينسكي الشعب والدعم الدولي، محوّلاً موقعه من ممثل كوميدي غير محبوب إلى زعيم حربي كاريزمي. حافظ على الدعم الأميركي إلى حد ما وأقنع الحلفاء الأوروبيين بالوقوف إلى جانب أوكرانيا، مستخدماً مهاراته التواصلية لضمان التمويل والأسلحة والدعم الديبلوماسي.

ومع مواجهة الضغط الأميركي، استثمر الأزمة داخلياً لإعادة توحيد الشعب الأوكراني وإظهار قيادته في مواجهة التحديات، حيث دعا الأوكرانيين إلى التوقف عن الانقسامات السياسية والتوحد.

أخيراً، أحرزت واشنطن وكييف تقدماً في جنيف في العمل على صياغة نسخة جديدة من الخطة لإنهاء الحرب، وأظهر الديبلوماسيون المشاركون في المفاوضات تفاؤلاً حول المقترحات، بحسب شبكة "سي أن أن". لكن حتى لو نجحت مسودة الاقتراح الحالي في تلبية احتياجات أوكرانيا وداعميها الأوروبيين، هل ستلبي تطلعات الكرملين الذي رفض باستمرار التراجع عن مطالبه المتطرفة والذي لم يواجه حتى الآن سوى ضغوط أميركية محدودة للقيام بذلك؟


العلامات الدالة

الأكثر قراءة

سياسة 11/24/2025 8:20:00 AM
مصدر إسرائيلي: "حكومة لبنان لن تقوم بمهمة إضعاف حزب الله ولن ننتظر"...
النهار تتحقق 11/24/2025 2:09:00 PM
ستشاهدون روائع. سبائك ذهب وتماثيل ذهبية وصناديق أثرية. ما القصة؟
لبنان 11/24/2025 12:40:00 PM
وكالة الصحافة الفرنسية: مصدر قريب من "حزب الله" يقول إن الحزب منقسم بين رأيين حالياً يفضّل أحدهما الرد على اغتيال الطبطبائي ويدعو الآخر للامتناع عن ذلك
لبنان 11/24/2025 2:26:00 PM
على رأسهم الأمين العام للحزب، الشيخ نعيم قاسم، يليه النائب محمد رعد